عاد ملف ​مخيم عين الحلوة​، في الأيام الأخيرة، إلى الواجهة من جديد، مرتبطاً بالتطورات التي تشهدها المنطقة على أكثر من صعيد، والتي ينتج عنها توتر الأوضاع في أكثر من ساحة، بعضها متوقع مسبقاً وبعضها الآخر يأتي بصورة مفاجئة، إلا أن الأكيد أن هناك غيمة سوداء في سماء المخيم الفلسطيني يجب معالجتها بشكل سريع قبل أن تمطر.

في الفترة السابقة، نجح المخيم في تجاوز أكثر من قطوع، قد يكون أخطرها ذلك المتعلق بوصول الإرهابي الفار من وجه العدالة شادي المولوي إليه، ومن ثم إستدراج اللبناني مروان عيسى،المقرب من "حزب الله" و"سرايا المقاومة"، من قبل الجماعات المتطرفة، ومن ثم الإقدام على قتله بدم بارد، لكن الأمر نفسه تكرر عبر زرع قنبلة يدوية أمام منزل أحد عناصر "سرايا المقاومة" طاهر. م، في منطقة تعمير عين الحلوة، قبل أن يتم إستدعاء الخبير العسكري لنزعها.

هذه المحاولات، التي تعتبر مصادر فلسطينية مطلعة، عبر "النشرة"، أن الهدف منها وضع أبناء المخيم في مواجهة مع "حزب الله"، من خلال إستهداف بعض الأشخاص المقربين منه، تقف خلفها جهات معروفة من قبل الجميع، وهم من المرتبطين بشكل أو بآخر بتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، أغلبهم من بقايا تنظيمي "فتح الإسلام" و"جند الشام"، تريد تكرار ما حصل في مخيمي نهر البارد في الشمال اللبناني واليرموك في سوريا.

وتشدد المصادر نفسها على أن هذه الأعمال تصب في خدمة الأجندة الإسرائيلية، الراغبة بالقضاء على حق العودة، من خلال إستهداف مخيمات الشتات الأساسية، التي تمثل رمزاً كبيراً في الذاكرة الفلسطينية، إلا أنها تستغرب صمت القيادة الفلسطينية، أو عجزها حتى الآن، في معالجة هذه الكارثة، بالرغم من التحذيرات التي تلقتها من أكثر جهة، وتسأل عما إذا كانت راغبة في تكرار موقفها من سيطرة "داعش" على اليرموك، حيث تراجعت عن قرار دعم أي عملية عسكرية يقوم بها الجيش السوري، بسبب الضغوطات الخارجية التي تعرضت لها.

من جانبها، تشدد مصادر صيداوية، عبر "النشرة"، على أن عدم إنفجار الأوضاع في السابق يعود بالدرجة الأولى إلى حكمة الأجهزة الأمنية اللبناني وعض "حزب الله" على جراحه، مقابل تعهد الفصائل الفلسطينية بتسليم المطلوبين إلى القضاء بأسرع وقت ممكن، لكنها توضح أن هذا الأمر لم يحصل لاحقاً، لا بل حصلت محاولات جديدة لتوتير الأجواء من قبل الجماعات الإرهابية، وكأنها تريد أن تقول أن أحداً لا يستطيع أن يمنعها من تنفيذ مخططها، في حين تبدو الفصائل الوطنية منها والإسلامية غير قادرة على وضع حد لها.

من هذا المنطلق، تحمل المصادر الصيداوية هذه الفصائل المسؤولية عن أي تدهور قد يقع، خصوصاً أن أحداً لا يستطيع أن يضمن دائماً ردات الفعل على ما يحصل، وترى أن من واجبها أمام شعبها أولاً الحفاظ على أمن المخيم بدل التلهي في الخلافات الداخلية، فالموضوع لا يحتمل التراخي أو الإهمال، وبالتالي عليها التعلم من التجارب التي حصلت في أكثر من مكان.

وترى أن اللافت في ما حصل، هو أنه جاء مباشرة بعد لقاء بين رئيس فرع الجنوب في مخابرات الجيش اللبناني العميد علي شحرور والفصائل الفلسطينية،حيث تم التشديد على ضرورة تعزيز حاجز القوّة المشتركة عند مدخل الطوارئ وتسيير دوريات داخل الحي، وعلى تعزيز الحواجز داخل المخيّم ووضع نقاط أمنية بالتنسيق مع الجيش.

في ظل هذه الوقائع، تأتي الضربات الموجعة التي تلقتها الخلايا الإرهابية النائمة، المرتبطة بالإرهابي الفار من وجه العدالة أحمد الأسير، في مدينة صيدا، والتي دفعته إلى دعوة أنصاره إلى التواري عن الأنظار في هذه المرحلة، لتثير حولها علامات إستفهام حول إحتمال فتح جبهة المخيم بهدف تخفيف الضغط عنها، خصوصاً أن خلايا الأسير لها إمتداداتها في عين الحلوة، وبالتالي من الممكن الطلب منها التحرك بأي لحظة.

من هنا، تعود المصادر الفلسطينية إلى التأكيد بأن المخاطر التي يتم الحديث عنها اليوم جدية أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن أوضاع المنطقة كلها تبدو مرتبكة ومهددة بالإنفجار في أي لحظة، وبالتالي يجب أن يكون هناك تحرك سريع، من قبل القيادات الفلسطينية والإسلامية، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لكي تأتي ثمارها، خصوصاً أن إنفجار الأوضاع في عين الحلوة لا أحد يستطيع أن يتصور كيف سينتهي.

في المحصلة، هو تحد جديد أمام المخيم، في لحظة دقيقة وحرجة، يضع كل المسؤولين عنه أمام مسؤولياتهم، فهل ينجح في تجاوز هذا القطوع الصعب؟