حين يُعيَّن شخصٌ ما وزيراً للمرة الأولى، تتهافت وسائل الإعلام لتكوين السيرة الذاتية والمهنية له، بعضُ هذه الوسائل يكتفي بما يورِدُه عند التعيين، فيما البعضُ الآخر يواصل تحديث المعلومات لأنَّ الوزير المعني يُظهِر من المفاجآت والإنجازات ما لا يكون متوقَّعاً.

في حالة الوزير نهاد المشنوق، فإنَّ تحديث المعلومات عن السيرة الذاتية والمهنية يُظهِر الحقائق التالية:

نهاد المشنوق ليس فقط وزيراً للمرة الأولى بل وزيرٌ مرة أولى في كثير من الإنجازات.

نهاد المشنوق ليس فقط وزير داخلية الوطن بل وزير داخلية المواطن.

في التحديث الأول، فإننا نعاين المعطيات التالية:

وزيرٌ مرةً أولى يقضي على قلعة الإرهاب في سجن روميه غير آبه بالإنتقادات والتجريح، في محاولةٍ لثنيه عن القيام بمهمته.

وزيرٌ مرةً أولى يُنجِز الخطة الأمنية من بيروت إلى طرابلس إلى بريتال إلى الضاحية الجنوبية، ويؤكد بأنه لن تكون هناك مناطق مقفلة على الدولة.

وزيرٌ مرةً أولى لا يتراجع عن تنفيذ قرارات مهما علت الصرخات المُطالبة بعدم تطبيقها. وفي المقدِّمة يأتي قانون السير.

ووزير دائم ومصمم على الوفاء النادر في أيامنا هذه.

هنا يجدر التوقُّف عند هذا القانون الذي أخذ حيِّزاً كبيراً من الجدل والأخذ والرد، وعَلَت الأصوات المُطالِبة إما بتعليق تطبيقه وإما بتعديل بعض بنوده قبل تطبيقها. لكن الوزير المشنوق، وعملاً بميزاته القائمة على الإصرار، فإنَّه لا يتوقَّف عند الإعتراضات التي لا تساوي شيئاً أمام أرواح الناس ولا سيَّما الشباب منهم الذين يسقطون الواحد تلو الآخر بسبب حوادث السير، التي يضاعف منها هذا الإستخفاف بالسير على الطرقات ما يؤدي إلى حصد الأرواح بشكل باب يثير المخاوِف.

المفارقة في الموضوع أن وزير تطبيق قانون السير يسير عكس السير في كثيرٍ من القضايا التي يطلبها الناس، لكنَّه يعرف أنَّها لا تُقدِّم ولا تؤخِّر:

هو أعلن بالفم الملآن أنه ليس وزير الزجاج العازل والأرقام المميزة، لقد أقفل هذا الباب ورمى المفتاح، صحيح أن هذه الخطوة غير شعبية، بالمعنى التقليدي للكلمة، لكنه يُفضِّل أن يكون غير شعبيّ، في مثل هذه القضايا، على أن يكون شعبياً في القضايا التي هي حقيقةً لمصلحة الناس، ومنها:

تطبيق قانون السير على الجميع من دون إستثناء ومن دون إعطاء أسبابٍ تخفيفية، فتطبيق القانون القاسي يبقى أفضل من اللاقانون ومن الفوضى ومن الإستهتار ومن اللامبالاة، وأفضل بالتأكيد من أن تُفجَع عائلة بأحد أبنائها من جراء الحوادث القاتلة التي تتنقَّل على الطرقات.

وزير الداخلية هو وزير سبع وزارات إذا صحَّ التعبير:

الإنتخابات، الأحوال الشخصية، السجون، الطرقات، الميكانيك، البلديات، الدفاع المدني.

نهاد المشنوق يحملها ويضيف إليها الحزم والحسم وعدم التراجع.