يسافر النائب وليد جنبلاط كثيرا في هذه الفترة. لكن ملائكته عبر «التويتر» حاضرة. فلا يترك أي متابع إلا ويرد عليه بالجواب الكامل. فالقناعة لدى زعيم المختارة بحسب مصادر اشتراكية، اكتملت بأن اللبنانيين على كافة المستويات لن يغيروا حرفاً في المصير المرسوم. لذا لجأ هو إلى وسيلة في التواصل الاجتماعي يستطيع أن يضبط ايقاعها ويتحكم بالمتصلين خصوصاً عندما يزيد هؤلاء من الحدود المرسومة. وجنبلاط الغائب عمدا وعن سابق إصرار عن الاعلام يدرك جيداً أن ما كتب قد كتب وان الشعر لا يسقط عن الرؤوس إلا بإذن اللعبة الكونية الخبيثة. لذلك ينصرف إلى تلمس المسموح والممنوع في أية خطوة أو في أي موقف.

ففي الموضوع السوري، تضيف المصادر، استطاع أن يحيد الحزب عن النظام في هجوماته و«قفشاته» المتواصلة. وفي المحكمة الدولية شاهد كيف تخبط حلفاء الأمس في شهاداتهم التي كادت أن تقضي على تاريخ الرئيس الشهيد. فكانت الشهادات في مجملها لا طائل قانونياً منها بل كانت امتدادا لحقبة «ثورة الأرز» في ساحة الحرية حيث الرفاق لم ولن يخرجوا منها رغم التغييرات الجذرية التي حلت على لبنان والمنطقة، ولأن جنبلاط غيّر الأساليب وقرأ الوقائع ويتلمس «اللي الجاي» على المنطقة قرر أيضاً أن يتمايز عن الشهود الذين سبقوه إلى لاهاي ليتكلم فقط عن العلاقات مع النظام محاولا أبعاد حزب الله عن الصورة. والرجل على حد قول المصادر قادر على صياغة الشهادة بأسلوب رجل عاصرها خصوصا عشية التمديد والرسالة التي وصلته عن ضرورة التصويت للتمديد. لكن في الوقت عينه فإن وليد جنبلاط لن يغوص اكثر كما فعل سواه حتى لا يتحول مثلهم شهوداً للزور.

وليد جنبلاط اليوم في لاهاي وهو غادر ضفة بدأت تمر في مجراه جثث أعدائه ليمضي أربعة ايام في لاهاي حيث سيدلي بشهادته امام المحكمة الخاصة بلبنان وسيجف حبر الأقلام تحليلاً وأعجازاً لما سيدلى به زعيم المختارة كونه مواقفه لا تولد « بنت ساعتها» كما تقول المصادر الاشتراكية بل هي نتاج تصور لما يمكن ان يكون لموقفه من تداعيات على الساحة المحلية والإقليمية.

وأشارت المصادر الى ان وليد جنبلاط يدرك جيدا ابعاد توجيه أصابع الاتهام مباشرة الى شريكه في الوطن وهو في عز قيادته لـ«ثورة الأرز» لم تطل سهامه الحزب وحتى اليوم في موقفه اللاذع في ما خص انتقاد الحزب للحرب التي تقودها السعودية على الحوثيين لم «يفخت الدف» بينه وبينهم.

مصادر مقربة من جنبلاط تؤكد انه هو نفسه موقفه من العام 2009 لم يتغير فهو عند ترشيحه للرئيس نجيب ميقاتي كانت لتلافي القرار الظني ولعدم توتير الاجواء وخاصة انه ليس لديه شكوك حول مسؤولية النظام السوري عن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم يكن لدى جنبلاط منذ ان سربت مجلة «ديرشبيغل» الالمانية اسماء المتورطين في اغتيال الحريري أية شكوك ولم يكن يحاول تحييد حزب الله بل كان يعمل على ضرورة عدم رفع المسؤولية عن بعض رموز النظام في سوريا وتحميل المسؤولية للحزب لأنه لا يناقش بالافراد والمحكمة الدولية هي التي تبت بالامر ولكن لديه قناعة ثابتة انه في حال ان بعض المعطيات تقع مسؤوليتها على بعض الافراد فان القرار في مكان آخر.

واشارت المصادر الى ان بعض أطراف فريق 14 آذار يحاولون الإيحاء ان جنبلاط يدافع عن حزب الله ويريد تحييده لانه يخاف منه في الداخل وهذا ليس هو الموضوع الأساس ولا يطرح على هذه الوتيرة بل ان جنبلاط لديه قناعة تامة انه في حال كان بعض الأطراف لبنانيين كانوا او غير لبنانيين متورط في اداء مهمة معينة فان القرار في مكان ما دون شك وما يهمنا هو من اتخذ هذا القرار.

وشددت المصادر على انه من المؤكد ان لا احد يعلم كيف سيتحدث وليد جنبلاط وبماذا سيدلي، ولكن هناك أمور ثابتة وهي ان لا توتير للوضع الداخلي او انه سيكون مساهما في حرف المسؤولية عن جهات ولغتها بجهات اخرى وبالتأكيد موقفه من النظام السوري ورأسه لن يكون سراً اذا اكتشفنا انه يحمله المسؤولية بهذا الاتجاه، وهناك معلومات قد يدلي بها حصلت بينه وبين الرئيس الشهيد الحريري قد يكون يتحدث بها للمرة الاولى لان هناك أمورا حصلت بينه وبين الرئيس الشهيد كان لها طابع خاص وكان الرجلان يعرفان ماذا يجري في حقبة ما بعد الـ2000 وهذا الامر ليس بسر فهما شعرا باستخفاف وقلة احترام من بعض المسؤولين في طاقم الادارة السورية والتعامل متشابه لناحية القسوة تجاههما وبالتالي كانا يعرفان أنهما مستهدفان لدرجة أنهما كانا يقولان لبعضهم ان «مش عارفين مين قبل مين» وهذا الامر ذكر مرات عديدة في الاعلام .

واشارت المصادر الى ان اللقاءات بين الرجلين على العشاء كانت تتناول هذه التفاصيل وفي احدى المرات قال جنبلاط للحريري «انا بشوف كيف بدبر حالي انت مشي بالموضوع» وذلك عندما تم طرح موضوع التمديد.

من هنا ترى المصادر انه لا يمكن لأحد ان يحلل ما الكلام الذي سيدلي به وليد جنبلاط في لاهاي ولكن من المؤكد ان هناك ثوابت لن يحيد عنها وهي تلك التي أكد عليها عام 2009 ولكن لا تعني مهمته تبرئة الحزب او غيره ولكن لن يساهم في حرف المسؤولية وإلقائها على جهات اخرى بصرف النظر عن الأفراد الذين لا ينظر لهم جنبلاط بالأهمية التي توليها المحكمة من الناحية القضائية وهو يركز على المسؤولية السياسية وهو سيحاكم قتلة الحريري من الناحية السياسية ومن اتخذ القرار بعكس المحكمة التي تهتم عادة بالأدوات والشواهد البسيطة او العناصر التي تقود الى دليل.

من خلال ما تقدم يطرح السؤال ماذا يحمل جنبلاط في جعبته المليئة بالأسرار المخيفة التي قد تقلب الموازين والتي قد تحمل الحلول كما قد تحمل ان لم نقل اعادة خلط للاوراق والتحالفات؟!!