لم تنته بعد مفاعيل المعركة الكلامية غير المسبوقة التي اندلعت بين النائب محمد كباره وزميله في كتلة المستقبل وزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية قضية الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، لا بل تجددت مع استنفار كباره مجدداً على موقف للمشنوق من سلاح حزب الله مطالباً وزير الداخلية بتصحيح علني عن «زلة لسانه» باعتبار سلاح حزب الله جزء من الاستراتيجية الدفاعية وداعياً اياه لإزالة الالتباس.

وتجدد المعركة كما يقول المتابعون دليل على ان الاتصالات التي جرت بهدف تهدئة الخواطر بين المشنوق وكبارة ونتيجة لقاء السنيورة وكباره وحصول رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على وعد بعدم التصعيد من كباره مقابل تصحيح ومعالجة ظروف الموقوفين الاسلاميين في المبنى «ب» لم تفض الى النتيجة المتوخاة بعدما كان كباره كال لوزير الداخلية ابشع الصفات والنعوت وسبب له إحراجاً داخل «المستقبل» وفي الشارع السني استدعت مؤتمراً صحافياً مصوراً للمشنوق عن سجن رومية لإزالة التهم والانتقادات الموجهة له من داخل البيت المستقبلي.

بدون شك فان هجوم كبارة على وزير الداخلية بوصفه اسكندر ذو القرنين واتهامه بالانحياز الى حزب الله وإيران سبب انزعاجاً كبيراً للمشنوق الذي اشتكى الأمر لرئيس تيار المستقبل فبادر كل من الحريري والسنيورة الى وضع خطة انقاذية للوضع لمنع انتشاره وتفاقمه والحد من ظاهرة خالد الضاهر داخل المستقبل ، ولخلق حالة توازن تقوم على إرضاء المشنوق من جهة وعدم «كسر الجرة» مع كباره، خصوصاً ان المستقبل لا يحتمل انتكاسة اضافية بخروج كباره في صفوفه بعد تعليق عضوية الضاهر.

وإذا كان الغوص في خلفيات الهجوم على الداخلية يصعب وضعه في خانة محددة، بحيث تتراوح بين عملية تصفية حسابات بين بعض الشخصيات في فريق «المستقبل» المنزعجة من تبدل في استراتيجية عمل المشنوق او تحت ضغط الشارع السني والطرابلسي على خلفية قضية الموقوفين الإسلاميين وما يحصل في سجن رومية، فان ثمة مفارقات بين هجوم الضاهر في المرحلة الماضية وما يفعله كباره اليوم في احتجاجاته وبياناته ومواقفه التصعيدية التي تهشم بالمشنوق في الشارع السني، الأمر الذي تعتبره اوساط سنية بانه محاولة لضرب صورته في الشارع السني، وحيث يتهمه المتشددون في المستقبل بانه يغطي حزب الله وبانه فاتح على حسابه في هذا المجال.

والواضح ان ما يجري بين المشنوق وكباره يرتبط بحسابات داخل المستقبل، تضيف الاوساط، فالمعروف ان المشنوق كان الاقل تعصباً وتشدداً من زملائه في تيار المستقبل ومن سائر مكونات 14 آذار، وبان ما فعله ومارسه من انفتاح على حزب الله في الحكومة والتنسيق الامني كان مناقضاً لما يفعله الآخرون من التيار السياسي نفسه للمشنوق، فلم تتحقق امنيات من رغب ومن توقع حصول اصطدام بين وزير المستقبل وفريق 8 آذار وتحديداً حزب الله، اذ اثبت المشنوق من الأشهر الأولى لتوليه الداخلية انه قادر على فرض التوازن بين الجميع مع الأخصام كما المقربين.

ثمة من يراقب لدى المستقبل بحذر وتوجس خطوات وزير الداخلية وهو يضرب بحزم وتمرد الموقوفين الخطيرين في سجن رومية، وعندما يتأبط الملفات الامنية الحساسة التي تستوجب جلسات مع «امنيي» حزب الله وقياداته المعنية بالملف الامني، وثمة من ينتظر على الكوع «صحوة» وزير الداخلية وانتظامه مجدداً ضمن اوركسترا مواجهة حزب الله وعودة من يعتبره بعض المستقبليين «الإبن الضال» الى حد ما في السياسة ، بعدما كان وزير الداخلية لفترات خلت رأس الحربة في 14 آذار والاكثر حقداً وكرهاً لـ 8 آذار.

لكن كيف سيتعامل المستقبل وما هي استراتيجيته للتوفيق بين المشنوق وكباره؟ ترى الأوساط السنية ان الحريري لن يسمح بتكرار تجربة الضاهر مجدداً ويسعى الى ضبط الامور وعدم تفاقمها مجدداً لأنه ليس في وارد خسارة إضافية في صفوفه بعد تعليق عضوية الضاهر. من جهة اخرى فان تعقيدات المشهد الداخلي والارهاب على الابواب التي استدعت تبدلاً في خطاب الحريري استتبعت كل هذا التحول في خطاب المشنوق ايضاً وانتجت وزيراً للداخلية لا يتبع تياره بالمطلق او الأصوات الشاذة فيه ، بل يتناغم مع متطلبات المرحلة الخطيرة وغزوة الارهاب ويتناغم مع الجميع في 8 آذار.