بعد أكثر من عام وتحديداً في 26 شباط من العام الماضي عاودت طائرات العدو الصهيوني لتشن غارة جديدة على ما زعمت انه مواقع تخزين اسلحة لـ"حزب الله" على الحدود بين لبنان وسورية. في الحادثة الاولى استهدفت نقطة مراقبة مهجورة للمقاومة في منطقة جنتا البقاعية وهي تقع في منطقة متداخلة جغرافيا بين لبنان وسورية، استحدثت بعد العام 2006 وهجرت في بداية العام 2011 واستحدثت نقاط اخرى لمراقبة تحركات التكفيريين.

النتائج العسكرية اتت صفراً وقتها ولم تسفر عن اية خسائر لا بشرية ولا مادية لكنها على المستوى الاستراتيجي شكلت الدخول الاسرائيلي المباشر على خط الصراع في سورية ومحاولة تغيير قواعد الاشتباك وتعديلها لمصلحتها مع المقاومة وقلب توازن الردع من جهة، والقول من جهة ثانية انها موجودة في الصراع السوري وتساند التكفيريين وتمنع انهيارهم.

وكما لم تتبن الحكومة الاسرائيلية او اي جهات عسكرية او امنية عملية جنتا، اعلنت منذ ايام ما يسمى بالمعارضة السورية حدوث غارة ثانية على الحدود اللبنانية - السورية واستهدفت ايضاً ما زعمت انه مواقع تخزين اسلحة للمقاومة والجيش السوري وخصوصاً صواريخ ثقيلة وكاسرة للتوزان. وذهبت تصريحات هؤلاء الى تحديد المناطق المستهدفة وتسميتها واماكن تواجدها واعلنت عن وجود اصابات بشرية ومادية في صفوف الجيش السوري والمقاومة.

وعلى عكس غارة جنتا لم يعلن لا الجيش السوري ولا حزب الله حدوث الغارة، وبعد التدقيق تبين ان الغارة حدثت بصاروخ واحد جو ارض استهدف "هنغاراً" فارغاً بين الغوطة الشرقية وعدرا العمالية ولم يحدث اي اضرار بشرية او مادية وكان يستعمله الجيش السوري منذ اكثر من عام وهجره بعد تحرير المنطقة واستحدث موقعًا آخر في المنطقة المقابلة.

من يدقق في المعلومات التي تبث يومياً وعلى مدار الساعة عن سير العمليات على الارض السورية ولا سيما في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية- السورية، يكتشف ان هناك جهوداً ضخمة تبذل وتصرف إمكانات مالية وتوظف قدرات هائلة للاشارة الى "انهيار" حلف الجيش السوري - حزب الله- اللجان الشعبية امام "الانتصارات" و"الفتوحات" التي يحققها تنظيما داعش والنصرة الارهابيان وباقي الفصائل التكفيرية، وفي التدقيق وفق مصادر ميدانية يتبين حتى اللحظة ان ما حكي عن نصر كامل في منطقة ادلب وجسر الشغور هو محض إدعاء علماً ان الجيش السوري يؤكد وجود ثغرة ما نفذ منها الارهابيون بأعداد ضخمة ناهيك عن الدعم التركي المباشر لتطويق القوات النظامية السورية واللجان الشعبية الموجودة باعداد قليلة في المحافظة الشاسعة المساحة وحتى اليوم تجرى معارك كر وفر بين القوات السورية المعززة والارهابيين لتطردهم منهما ولم يحسم اي من الطرفين سيطرته الكاملة هناك. في الجنوب السوري من بوابة شبعا وصولاً الى اعالي القلمون لم تستطع النصرة وملحقاتها تحقيق اي تقدم او ان تحدث تغييرًا ما قد يغير المعادلة فالامور على حالها في جنوب سورية وفي شمالها وفي الوسط معارك كر وفر وتقدم طفيف بالنقاط لمصلحة الجيش السوري وحلفائه مع تسجيل ثغرة الشمال ومحاولة معالجتها.

الجبهة الساخنة والاكثر حضوراً على الساحة الاعلامية اللبنانية والسورية والعربية هي جبهة القلمون وتفيد المعلومات الميدانية ان كل ما يحكى ليس الا من باب الاجتهادات والتحليل لكن المؤكد ان العصابات التكفيرية هي في وضع لا تحسد عليه. وتشير الى ان من بين السيناريوهات المتداولة لإنهاء تواجد الارهابيين في المنطقة بكاملها هو خروجهم بــ"شبه تسوية" عبر ممر آمن عبر البادية الى الرقة تحديداً في مقابل الحفاظ على حياة العسكريين اللبنانيين المختطفين وإطلاق سراحهم من دون قيد او شرط وهذا السيناريو نفسه الذي كان حمله اللواء جميل السيد الى لبنان منذ 6 اشهر بعد زيارته الرئيس السوري بشار الاسد.

وتشير المصادر الى ان لا شيء مؤكداً في هذا السياق رغم دخول بعض الوسطاء لإنهاء جبهة القلمون بلا معركة وفي النهاية ستكون الكلمة الفصل للميدان ولم يعد ممكناً بقاء هذه الخاصرة مفتوحة في قلب لبنان وحدوده وان التهويل والترغيب والفقاعات مهما كثرت وتصاعدت، سيتبين بعد وقت قصير جداً انها ليست سوى محاولات لرفع معنويات وتحقيق انتصارات وهمية فقط!