قُرعت طبول الحرب النفسية لحرب القلمون، وصُوِّرت بأنّها أمّ المعارك وأضخمُها وأشرسها، بعد سلسلةٍ من الخسائر العسكرية مُنِي بها حلفاء إيران، مِن اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق.

شهران «عابقان» بالقتال وخلطِ الأوراق هنا وهناك، من الآن وحتى نهاية حزيران، بهدفِ تحسين أوراق التفاوض وصوغ الإتفاق النهائي على برنامج طهران النووي السِلمي علناً، وما هو أبعدُ من النووي سِرّاً.

المعلومات العسكرية والسياسية تؤكّد أنّ معركة القلمون المُزمع شنُّها، تعرّضَت للتضخيم والتفخيم، وأنّ ما يُشاع عنها ليس صحيحاً ولا دقيقاً، وبالتالي لن تُغيّر في المشهد الجيوسياسي شيئاً كبيراً، ولن تنجِزَ حَسماً، أوّلاً لعدم وجود قرار بالذهاب في هذه المعركة إلى أقصى القمم حتى النهاية، وثانياً لعدم وجود ضرورة عاجلة وملِحّة لدفعِ أثمانٍ غالية في الأرواح بسبَب الطبيعة الجغرافية الصعبة في المنطقة، وثالثاً لضرورات توفير الجهود والإمكانات لحماية دمشق، خصوصاً بعد التحوّل الذي حدث على الأرض ومنَح المسلحين المناهضين للنظام سيطرةً أكبر على شمال سوريا في الأسابيع الأخيرة.

ويَعتبر دبلوماسيّون في واشنطن أنّ سلسلة الضربات التي لحقَت بالنظام السوري تصبّ في خدمة أهدافِ السياسة الخارجية الأميركية التي تتطلّع إلى

دَفع النظام للتفكير جدّياً في قبول حلّ سياسي لإنهاء الحرب المدمّرة المتواصلة منذ أربع سنوات.

كذلك الأمر بالنسبة إلى اليمن. فهجوم التحالف العربي بغطاء أميركي، وانكفاء إيران عن أيّ تدخّل مباشر، يَخدم أهدافَ السياسة الخارجية الأميركية:

أوّلاً: يُطمئن حلفاء واشنطن إلى أنّ الاتفاق مع إيران لن يكون على حسابهم.

ثانياً: يُعيد تصحيحَ موازين القوى في المنطقة بشكل أو بآخر، وبالتالي يَسمح بمرور الاتفاق النووي مع إيران، ويدفع المنطقة نحو الاستقرار في مراحل لاحقة.

وبالفعل هذا ما ناقشَه وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر في حفل عشاءٍ أقامَه في البنتاغون قبل نحو أسبوعين مع مجموعة خبَراء من الشرق الأوسط حول كيفية إرضاء حلفاء واشنطن وتهدئة مخاوفِهم من الاتفاق النووي مع إيران.

وهذا ما سيحاول فعلَه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارته للمملكة العربية السعودية في اليومين المقبلين تحضيراً لإجتماع القمّة الذي سيضمّ قادة الخليج والرئيس الأميركي باراك أوباما في كمب ديفيد في 14 أيار الجاري.

من جهتهم، يريد قادة الخليج ضمانات أمنية من البيت الأبيض في مقابل الاتفاق النووي مع إيران، ويتطلّعون إلى اتّفاقات دفاعية جديدة تتعهّد الولايات المتحدة بموجبها التدخّلَ عسكرياً إذا ما تعرّضَ الخليج لتهديدات من طهران.

أمّا في ​لبنان​، فانتظار ملامح التسوية الإقليمية سيّد الموقف لتقرير مصير انتخابات رئاسة الجمهورية، ولن ينفعَ لقاءٌ هنا أو تفاهمٌ هناك.