كل الدلائل والمعطيات تشير إلى أنّ الربيع سيكون ساخناً، ولن تنضج ثماره إلا في فصل الصيف المقبل، لجملة من الأسباب والمعطيات التي تتأثّر بها الساحة اللبنانية...

والبارز حتى الآن هو الحديث عن معركة "القلمون 2"، وما يجري في منطقة القنيطرة، اللذين ستكون لهما تداعيات على الساحة اللبنانية أيضاً...

وكذلك مسألة التمديد للقادة الأمنيين، في ظل تعثّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع اقتراب انتهاء العام الأوّل من شغور سدّة الرئاسة الأولى...

وسط ذلك تبقى الأطماع الإسرائيلية في المنطقة، ومنها لبنان، خاصة مع المآزق التي يعاني منها بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومته الرابعة، قبل ساعات من انتهاء الفترة الممدّدة لمهلة تشكيلها...

بين هذه الملفات المتداخلة يبرز الهاجس الأمني، لما كنّا قد كشفنا النقاب عنه في عدد "اللـواء" يوم الإثنين الماضي، عن مخطّط تفجيري توتيري ينطلق من مدينة صيدا، ويستهدف في لائحة أولية رئيسة "لجنة التربية والثقافة النيابية" النائب بهية الحريري ونجلها أمين عام "تيار المستقبل" أحمد الحريري وأمين عام "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود والمسؤول في "سرايا المقاومة" التابعة لـ "حزب الله" محمد الديراني، ضمن لائحة تستهدف عدداً من الشخصيات...

هذا فضلاً عن أعمال إرهابية بهدف التوتير، عبر تفجير سيارات مفخّخة وانتحاريين، وهذه المرّة لا يقتصر الأمر على المناطق الشيعية لتأليب جمهور "حزب الله" ضدّه، لأنّ ذلك لم يعطِ النتيجة المرجوة، بل إنّ هذه التفجيرات تم التخطيط لها لتستهدف مناطق مسيحية لتأليب هذا الجمهور على "التيار الوطني الحر" الداعم لحليفه "حزب الله"...

وفي ضوء التوقيفات التي نجحت بها مخابرات الجيش اللبناني و"شعبة المعلومات" في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، تكشّف الكثير من المخطّطات، التي بطبيعة الحال تبيّن أنّ المخيّمات الفلسطينية لن تكون بمنأى عنها، في ظل الإصرار على زجّها في أتون الصراعات الداخلية اللبنانية، وأنّ نقطة التركيز هي في تعمير عين الحلوة - "مخيّم الطوارئ"، امتداداً إلى مخيّمات ومناطق وتجمّعات فلسطينية أخرى تحت عناوين متعدّدة...

في غضون ذلك، فإنّ الاعترافات الهامة التي أدلى بها الشيخ خالد حبلص، تُعتبر كنزاً ثميناً يكشف "الصندوق الأسود" للعديد من المخطّطات التي كان يجري التخطيط لتنفيذها، ومنها التأكّد من أنّ إمام "مسجد بلال بن رباح" المتواري الشيخ أحمد الأسير، ما زال على الأراضي اللبنانية، وأنّه كان بضيافة حبلص قبل أنْ يلوذ بالفرار إلى منطقة أخرى، ومنها حمانا وصولاً إلى منطقة صيدا، حيث ما زال يحضّر لأعمال أمنية...

******

حظي بالاهتمام الموضوع الذي كشفت عنه "اللـواء" حول مخطّط تفجيري خطير لإحداث فتنة عمياء في مدينة صيدا ولبنان، خاصة لجهة الدفعة الأولى من أسماء الشخصيات المستهدفة لتنفيذ المخطّط الهادف إلى توتير الأجواء، تزامناً مع أحداث أمنية تحصل في منطقة تعمير عين الحلوة - "مخيّم الطوارئ" ومخيّم عين الحلوة.

وحسماً للتأويلات والاجتهادات والتحاليل والادعاءات، ولعدم تحميل الأمور أكثر ممّا تحتمل، فإنّنا نؤكد أنّنا على ثقة تامة من دقة المعلومات التي نُشِرَتْ وما سيتم نشره، خاصة لجهة:

- إنّه قبل نشر الخبر في "اللـواء" لم يكن أي مسؤول لبناني في الجنوب رسمياً كان أو أمنياً أو حزبياً، أو حتى فلسطينياً على معرفة بما كشفت عنه "اللـواء" من مخطّط للاغتيالات.

- عدم تأَكّد المسؤولين الأمنيين من قياداتهم حول دقة المعلومات، إلا بُعيد العاشرة والنصف من صباح الإثنين، الذي نُشر فيه الخبر في "اللـواء".

- إنّ عدداً من الأشخاص المستهدفين، قد يكون جرى إبلاغهم بمخطّط استهدافهم، وضرورة أخذ الحيطة والحذر.

- إنّ عدداً آخر من المستهدفين، لم يكونوا على علم بالمخطّط، قبل أنْ يستوضحوا الأمور بعد نشر المعلومات في "اللـواء"، وتأكيد مسؤولين أمنيين لهم دقة هذه المعلومات.

- إنّ ما تضمّنه التقرير هو من خارج دائرة منطقة الجنوب، وإلا لكانت المعلومات قد سُرِّبَتْ إلى وسائل إعلام أخرى غير "اللـواء".

أما عن الاتصال بالأشخاص المستهدفين، فإنّنا فضّلنا عدم الاتصال حتى:

- لا يتم التمنّي علينا بعدم نشر المعلومات.

- لا يتم تسريب المعلومات إلى وسائل إعلام أخرى.

المهم أنّه تم كشف المخطّط، وإفشال مرحلة من مراحل تنفيذه، وهو ما يستوجب وعياً وحرصاً أكبر لعدم تمكين المخطِّطين من تنفيذ مخطّطهم الهادف إلى الفتنة.

وفي ضوء توقيفات القوى الأمنية تم الكشف عن بعض هذه المخطّطات، وتم توقيف عدد من المشتبه بهم والتحقيق معهم، فيما استطاع آخرون الفرار، وبينهم أحد أبرز المسؤولين لدى "مجموعة الأسير" المدعو "شاهين أحمد سليمان" (مواليد 1984)، الذي كان يُقيم في منطقة صيدا، ويُشرِف على مجموعة من هذه الخلايا، قبل تمكّنه من أنْ يلوذ بالفرار إلى جهة مجهولة.

21 خلية

وتكشف المصادر عن أنّ الخلايا التي كانت تدور في فلك الأسير وحبلص والمجموعات الإرهابية، تعتمد الخلايا المغلقة - أي إنّ كل خلية تتكوّن من 5 أفراد والرابط بين خلية وأخرى شخص دون أنْ يعرف الآخرون الخلايا الأخرى.

وتؤكد المصادر أنّ عدد الخلايا التي تم تحديدها وصل إلى 21 خلية، يتكوّن كل منها من 5 أفراد - أي مجموعها 105 أشخاص، تتوزّع مهامهم بين المراقبة والتحضير لأعمال أمنية والاتصال لتجنيد أشخاص، وجزء منهم ممَّنْ كانوا يناصرون الأسير، مع التركيز على اختيار أشخاص آخرين غير مرصودين لدى الأجهزة الأمنية.

ولا تقتصر مهام هذه المجموعات على الأعمال التفجيرية والمراقبة، بل أيضاً أوكلت إليها مهمة التحريض وبث الفتن والشائعات، بهدف إحداث فتنة سنية - شيعية، تترافق مع تنفيذ هذا المخطّط.

وخلال المداهمات التي قام بها الجيش اللبناني و"شعبة المعلومات" والأجهزة الأمنية والأمن العام، تم توقيف عدد من المشتبه بهم بالانتماء إلى هذه الخلايا، وبينهم مَنْ اعترف بالأدوار الموكلة إليه، ومنهم: محمد عجيل، حسن الدغيلي، وسيم الزبري، أحمد ومحمد وعبد الرحمن حجازي، فيما تمكّن آخرون من الفرار.

وتكشف المصادر عن تفاصيل هامة من المخطّط القاضي بقيام الخلايا الإرهابية بعمليات انتحارية عبر تفجير سيارات مفخّخة أو انتحاريين، ولا يقتصر الأمر على المناطق التي يتواجد فيها "حزب الله" وجمهوره، بعدما لم تنجح محاولات تأليب المواطنين في الأماكن التي استهدفت ضد "حزب الله"، بل إنّ المخطّط سيكون باستهداف مناطق مسيحية للضغط على النائب العماد ميشال عون من أجل فك تحالفه مع "حزب الله".

هذا فضلاً عن استهداف الجيش اللبناني والقوى الأمنية، بعدما تمكّنت هذه القوى من توقيف العديد من أفراد الخلايا الإرهابية، وتضييق الخناق عليها، ما أفشل العديد من مخطّطاتها.

ويتزامن هذا المخطّط مع تحرّك السجناء في "سجن روميه"، لكن الخطوة الهامة التي قام بها وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بنقل عدد من السجناء إلى مبانٍ أخرى، أفشلت جزءاً كبيراً من هذا المخطّط، خاصة بعدما تأكد الجميع من أنّ "غرفة العمليات" الرئيسية التي تُدير الخلايا الإرهابية تتواجد في "سجن روميه"، وبعد الخطوة بنقل الموقوفين وتوزيعهم على أكثر من سجن، أدّى ذلك إلى عدم القدرة على تنفيذ هذا المخطّط، وإنْ كان ذلك مرحلياً!

تواري الأسير!

واللافت هي المعلومات الهامة التي اعترف بها حبلص بعد توقيفه، والتي تركّزت على أنّه استضاف الأسير في منطقة القبة، وأنّه قبل اعتقاله بيومين فقط عاد الأسير إلى صيدا، وهذا ما يؤكد المعلومات التي كانت قد انفردت "اللـواء" بالإشارة إليها سابقاً، حول أنّ الأسير لم يدخل إلى مخيّم عين الحلوة، خلافاً لما رُوِّجَ من أخبار كان الكثير منها جرّاء تقارير ووشايات من مخبرين مُغرضين، وأكدنا حين ذاك أنّ الأسير بعد اعتدائه على الجيش اللبناني (23 حزيران 2013)، غادر في اليوم التالي، ومن ثم انتقل إلى خارج منطقة صيدا، وأشرنا حينها إلى طريقة مغادرته؛ ونقلاً عن مسؤول أمني رسمي بارز لـ "اللـواء" فإنّه "لا نعرف ماذا تنقل المواكب المفيّمة "ذات الزجاج الداكن"، ومَنْ تنقل من أشخاص، وإذا ما تمّت محاولة تفتيشها فإنّ أزمة قد تنشأ".

وتؤكد المصادر أنّ الأسير الذي أقام فترة في منطقة القبة، انتقل إلى منزل تملكه عائلة قدّورة في حمانا، حيث كان أحد المقرّبين منه، معتصم قدورة، يؤمّن له أدويته ويتفقّده باستمرار، ولدى مداهمة المنزل في حمانا عُثِرَ بداخله على بقايا أدوية كان يستخدمها الأسير وشعر من ذقنه وبعض المقتنيات الخاصة.

وقبل تمكّن القوى الأمنية من توقيف معتصم، الموظّف في إحدى الدوائر المالية في بيروت، استطاع الفرار من منزله في منطقة شرحبيل، فيما تم توقيف زوجته الموظّفة في دائرة المالية في صيدا، قبل إخلاء سبيلها بعد التحقيق معها.

وترافقت هذه الحملة مع اكتشاف المزيد من المعطيات حول دور الخلايا الإرهابية بتنفيذ أعمال أمنية تهدف إلى زرع الفتنة، حيث سارع الأسير إلى إطلاق تغريدات عبر حسابه على "تويتر" موجّهة إلى مناصريه بالقول: "أرجو من إخواني المسارعة إلى التواري عن الأنظار كي لا يقعوا فريسة بيد الأجهزة الأمنية لا سيما في صيدا... سعيتُ جاهداً لنصرة أمّتي بحسب استطاعتي، ويُؤسفني أنْ أرى إخواني يُطارَدون ويُعذَّبون ويُقتّلون وسط صمت رهيب من أبناء ديني في لبنان".

وتشير المصادر إلى أنّ الأسير استطاع التخفّي مجدّداً، لكن تكوّنت معلومات لدى الأجهزة الأمنية المتابعة قد تسارع بالإيصال إلى طرف خيط يؤدي إلى تحديد مكانه.

في غضون ذلك، فإنّ الاعترافات الهامة التي أدلى بها حبلص، أدّت إلى توقيف آخرين، خاصة ممَّنْ كان يتعاون معهم، ومن بينهم ابراهيم بركات، الذي يُعتبر المفتي الشرعي لـ "داعش" في الشمال، وكان يقوم بتجنيد عناصر من الشمال وإرسالهم إلى سوريا والعراق، حيث تمكّنت "شعبة المعلومات" في الأمن العام من توقيفه في محلة الميناء بعد رصده.

أما اعترافات حبلص فقد كشفت عن أنّه كان يتنقّل بإخراج قيد مزوّر بإسم هيثم توفيق خضر، بعدما قام بأكثر من عملية تجميل لدى الدكتور نادر صعب، ما أدّى إلى تغيير شكله، فيما كان يساعده في أعماله هذه قريبه الرقيب في شرطة بلدية طرابلس محمد سيف الدين قادر الذي جرى توقيفه.

وبعد توقيف حبلص جرى توقيف العديد من الأشخاص ممَّنْ كانوا يساعدونه، فيما قام آخرون بتسليم أنفسهم إلى "شعبة المعلومات" في قوى الأمن الداخلي في المنية، ومن بينهم 4 من آل عكوش و4 من آل قويدر، ومنهم مَنْ كان يظهر مع حبلص في لقاءاته وجولاته، فيما تمكّن آخرون من الفرار إلى سوريا.

محاولة إدخال الجانب الفلسطيني

وتوضّح المصادر أنّ هذا المخطّط الأمني التفجيري على الساحة اللبنانية، يتزامن أيضاً مع توتير الأوضاع الأمنية في منطقة تعمير عين الحلوة - "مخيّم الطوارئ" ومخيّم عين الحلوة، في محاولة لإدخال الجانب الفلسطيني في أتون الأحداث الداخلية على الساحة اللبنانية، بعدما نجحت القوى الفلسطينية سابقاً في وأد الفتنة في مهدها، وعدم الانجرار إلى تحقيق مخطّط الفتنة.

وتتوقّع المصادر أنْ تكون هناك موجة من الأحداث الأمنية تتوزّع بين إلقاء قنابل وتصفيات، تحت ذريعة أنّ المستهدفين هم عناصر في "سرايا المقاومة" التابعة لـ "حزب الله"، وليس آخرهم مجاهد ابراهيم بلعوس (مواليد 1967)، الذي تعرّض مساء الأحد لإطلاق نار في حي النبعة في مخيّم عين الحلوة، بعدما تم قطع التيار الكهربائي عن منزله، ولدى خروجه لرفع "الديجنتير"، تعرّض لإطلاق نار من قِبل مقنّعين، وتوفي بعدما نُقِلَ إلى "مركز لبيب الطبي" في صيدا.

وهذه الحادثة تأتي خلال أقل من شهر بعد جريمة استدراج العنصر في "سرايا المقاومة" مروان عباس عيسى (23 عاماً)، الذي وُجِدَ جثّة داخل سيارته المرسيدس في المخيّم (5 نيسان 2015)، وتبيّن أنّه جرى تصوير مروان قبل تصفيته وبعدها، في ظل انتشار أمني لمقنّعين في منطقة "مخيّم الطوارئ"، حيث تم إرسال هذه التسجيلات إلى إحدى المجموعات المتطرّفة خارج لبنان، ما يطرح جملة من التساؤلات عن أهداف ذلك باستجلاب وتقليد نموذج "داعش" بالاعدامات؟!

هذه الجرائم تطرح التساؤل مجدّداً عمِّنْ الذي يُجيز القتل، وابتداع الحجج الواهية والاتهامات للانتماء السياسي، سواء أكان ذلك صحيحاً أم لا، وحتى لو كان المنفِّذون يعلمون ما تقترف أيديهم أم لا!

وأيضاً الأحداث التي استهدفت إلقاء مفرقعات من الحجم الكبير باتجاه نقطة للجيش اللبناني في محلة النبعة - الفيلات، وهو أسلوب خطير درجت العادة عليه في منطقة طرابلس، حيث كان يُطلب من فتية إلقاء مفرقعات بأحجام كبيرة مقابل بدل مالي، قبل أنْ يتحوّل إلقاء هذه المفرقات إلى قنابل، بعدما اعتاد الفتية على ذلك.

وهذا ما يُنذِر بالخطورة من احتمال أنْ تتحوّل هذه المفرقعات باتجاه نقطة الجيش اللبناني في محلة النبعة إلى قنابل، وعندها لا يمكن أنْ تمر هذه الأحداث مرور الكرام!

وفي ضوء التجارب السابقة، فإنّه يجب ألا يتم التهاون أو الاستخفاف بأي أمر، خاصة أنّ الخلايا الإرهابية تكبر بسرعة، وليس المهم العدد القليل من أفراد هذه الخلايا، ففي تجربة مخيّم نهر البارد كانت قلّة، لكن تمكّنت من اختطاف المخيّم، وفي مخيّم اليرموك قلّة استطاعت تدمير المخيّم واختطافه، وهو ما يُخشى أنْ تتكرّر تجربته في مخيّم عين الحلوة ومناطق أخرى، وهذا يستوجب تحرّكات للجم الأمور قبل فوات الأوان، خاصة أنّ هناك مَنْ ينفّذ "أجندات خارجية"، أو يسعى لاستجلاب وإرسال إشارات لأوراق اعتماد من قِبل مجموعات إرهابية.

في المقابل، فإنّ القوى الفلسطينية وبالتنسيق مع الجهات السياسية والأمنية اللبنانية تبذل كل ما في وسعها لتفويت الفرصة على توتير الأوضاع داخل المخيّمات، أو ضربها مع الجوار خاصة في ظل تكشّف العديد من مشاريع التفجير، التي تم النجاح حتى الآن في وأدها.

ومحاولات التوتير لا تستهدف فقط مخيّم عين الحلوة، بل يسعى من خلالها إلى زج مخيّمات وتجمّعات فلسطينية في أكثر من مكان تحت عناوين متعدّدة، منها توقيفات أو بلاغات ومذكّرات بإزالة مساكن، ما يؤدي إلى تهيئة أجواء متشنّجة تساهم بتحقيق المبتغى التوتيري.

قهوجي وجهوزية الجيش

في غضون ذلك، فإنّ الأنظار تبقى شاخصة إلى دور الجيش اللبناني، الذي يتعرّض إلى "قصف" و"قنص" سياسي وعلى عدّة مستويات، في ظل الأحاديث عن تعيين قائد جديد للجيش أو التمديد لقائده العماد جان قهوجي.

وقد كان قائد الجيش العماد قهوجي حازماً، بقطع الطريق على مَنْ يحاول الإيحاء بأنّ هناك تبايناً أو خلافات داخل الجيش اللبناني، فقد قام العماد قهوجي بتفقّد فوج المغاوير في روميه، بحضور قائد الفوج العميد الركن شامل روكز، حيث جال على أقسام الفوج، واطلع على سير نشاطاته التدريبية ومهماته العملانية المختلفة.

وأشاد العماد قهوجي بـ "أداء فوج المغاوير وتضحيات ضبّاطه وعسكرييه، وجهودهم المبذولة لتطوير قدراته العسكرية، وأهمية تكثيف التدريب النوعي في الجيش، والاستعداد القتالي لمواجهة مختلف الأخطار والتحديات المرتقبة".

وشدّد قائد الجيش على أنّ "الجيش الذي استطاع بفضل التزامه الوطني وولاء عسكرييه المُطلَق للمؤسّسة والوطن، أنْ يتجاوز بنجاح جميع التجارب القاسية التي مرَّ بها خلال السنوات، وحافظ على وحدة لبنان واستقراره وصيغة العيش المشترك بين أبنائه، وهو اليوم أكثر قوّة وقدرة على مواصلة مهماته الوطنية في مواجهة العدو الإسرائيلي والإرهاب، لا سيما في ظل الالتفاف الشعبي العارم حوله، والثقة الدولية المتزايدة بدوره، وورشة التجهيز والتسليح والتدريب الناشطة فيه".

وحسم قائد الجيش، الذي كلّه ثقة بالعقيدة القتالية التي أرساها في المؤسّسة العسكرية، بأنّ "لا خيار أمام المؤسّسة العسكرية سوى الانتصار على الأعداء، للعبور بالوطن إلى بر الأمان والاستقرار".

وكذلك تبقى قضية العسكريين التي مضى أكثر من 9 أشهر على جريمة خطفهم من قِبل "داعش" و"جبهة النصرة"، واستشهد من بينهم عدد من المختطفين، فيما لا يزال مصير الآخرين يكتنفه الغموض، والذي يؤمل أنْ تعطي الاتصالات التي يقودها مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم ثمارها، والإفراج عن العسكريين اللبنانيين المختطفين منذ بداية آب 2014.

معركة القلمون المفصلية

وتكشف المصادر عن أنّ هذا الواقع يستبق المعركة التي بدأت في الإعلام عن "القلمون 2"، بعدما تمّت تهيئة الأجواء نفسياً لذلك، والتي يتردّد أنّها ستكون معركة هامة، سواء للنظام في سوريا و"حزب الله" أو للخلايا الإرهابية، والتي تشمل مساحة 1000 كلم2، منها 450 كلم2 داخل جرود الأراضي اللبنانية. الجميع تحضّر لهذه المعركة، خاصة أنّ المجموعات الإرهابية تحشد أكثر من 5 آلاف مقاتل مزوّدين بأسلحة متطوّرة قصيرة المدى ومتوسطة، بما في ذلك صواريخ الـ"كاتيوشا" و"غراد" ومضادّات للدروع ومتفجّرات وعبوات ومدافع هاون.

في المقابل، فإنّ "حزب الله" أعلن "النفير" العام في صفوفه، حيث استقدم إلى هذه الجبهة وحداته، والتي يُعتقد بأنّ المعركة فيها لن تكون سهلة.