أعلنت السعودية انتهاء "عاصفة الحزم"، بذريعة أنها حققت أهدافها، وأزالت التهديد عن أمنها والدول المجاورة، ثم بدأت المرحلة الثانية من حربها على اليمن ببدء عملية "إعادة الأمل"، التي وضعت أهدافاً محددة لها، كالقضاء على التحركات العسكرية للحوثيين والجيش اليمني، وفرض حظر بحري وجوي عليهم، لمنع وصول الأسلحة إليهم.

ظنّ كثيرون أن انتهاء عملية "عاصفة الحزم" هو من أجل أن تعطي السعودية فرصة للمعالجة السياسية، خصوصاً أنها ترافقت مع تحركات سياسية من قبَل الدول المعنية بالملف اليمني، وجاءت تلبية للضغط الأميركي عليها.

عملت السعودية على إيهام المجتمع الدولي أنها أوقفت حربها على الشعب اليمني المستضعَف لتخفيف الضغط الدولي عليها، بعد المجازر التي ارتكبتها بحق الشعب اليمني، والتي تشبه مجازر الجيش "الإسرائيلي" ضد الشعب الفلسطيني.

حاولت السعودية أن توهم أمراءها أنها انتصرت في هذه الحرب، لأن فريقاً منهم لم يكن راضٍياً عنها، ومنهم الأمير متعب؛ قائد الحرس الوطني السعودي، كي لا يشكّلوا إرباكاً سياسياً للملك سلمان، بعد إقصاء غير السديريين عن الحكم.

فشلت السعودية في تحقيق أهداف "عاصفة الحزم"، فهي لم تحدّ من تمدد الحوثيين وسيطرتهم على اليمن، ولم يعد عبد ربه منصور هادي إلى اليمن بعد هروبه منها، ولم يرضخ الحوثي لشروطها في التسوية.

استعارت السعودية عنواناً آخر لحرب الإبادة، وهو "إعادة الأمل"، فزادت من قصفها العشوائي الذي طال الأبرياء، وجُلّهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وطال المؤسسات ذات الطابع المدني، والبنى التحتية والمستشفيات التي لم تعد مؤهَّلة لاستقبال الجرحى، وعملت على منع وصول المواد الغذائية إليهم، وكذلك المواد الطبية والوقود، ما دفع بأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى موقف عاجل دعا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وصرخة المؤسسات الدولية التي اسنتكرت ما يجري في اليمن، لأنه يهدد بكارثة إنسانية.

من أهداف عملية "إعادة الأمل"، إضافة إلى ما تقدّم، دعم القبائل في العديد من المناطق وجماعة "حزب الإصلاح" (الإخوان المسلمين)، وأنصار الرئيس هادي، ومجموعات "القاعدة" بالسلاح والمال، ومساندتهم عبر القصف الجوي لاستعادة المناطق التي سيطر الحوثييون عليها، ولإدخال اليمنيين في حرب داخلية تستنزفهم وتضعف من قدرة الحوثيين والجيش في مواجهة السعودية، لكي تصبح الظروف مهيأة لها من أجل القضاء على "أنصار الله" والسيطرة على اليمن، بعد أن أخفقت في حشد الجيوش العربية للقتال البري في اليمن.

تتابع أميركا مستجدات الوضع اليمني بشكل دقيق، نظراً إلى أهمية الاقتصادية لباب المندب، وتعطي السعودية الفرصة كي تنهي الحرب لمصلحتها إذا استطاعت، لكنها لن تترك لها الحرية في أن تفعل ما تريد، كي لا ترتكب حماقة ما قد تورّط أميركا في حرب جديدة مع إيران.

لكن هل تدرك السعودية أن استمرارها في هذه الحرب سيستنزفها، وقد تتطور على نحو لا يعرف أحد متى وكيف ستنتهي؟ وما هي النتائج التي ستترتب على هذه الحرب؟ وما هي الأثمان التي ستُدفع من أجل إيقافها؟ وقد تكون السعودية أحد هذه الأثمان، وتكون البداية لنهاية ملك آل سعود.

ما الذي يفعله حكام السعودية ودول الخليج؟ ألا يكفيهم الذل والعار الذي لحق بهم من جراء خذلانهم للشعب الفلسطيني، وخوفهم الدائم من "إسرائيل"، والخضوع لها في كل ما تريده؟

لماذا هذه الحروب العبثية التي يقودها الزعماء العرب؟ ألا تؤدي إلى اضعاف الأمة، وتقوية مشروع أميركا و"إسرائيل" في السيطرة على المنطقة وثرواتها؟ لماذا هذا الإصرار في الخضوع لهما؟ وهل مصالحهم الشخصية أغشت على قلوبهم وأفقدتهم عقولهم؟ وهل يتّعظ هؤلاء الحكام ممن كان قبلهم، من الذين تخلت أميركا عنهم؟