بعكس كل المعلومات التي تم الترويج لها أخيرًا عن صفقة تم الاتفاق عليها تقضي بتعيين قائد فوج المغاوير العميد ​شامل روكز​ قائدا للجيش مقابل تراجع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون عن ترشيحه لرئاسة الجمهوريّة، والتي يؤكد مقربون من الأخير أن مصدرها لم يكن الرابية بل تيار "المستقبل" الذي من مصلحته السير باتفاق مماثل، فان كل المعطيات الحالية تشير الى أن الجنرال يبدّي رئاسته للجمهورية على قيادة روكز للجيش.

ولعل تكراره أكثر من مرة بأنّه لم يرشّح روكز بالأساس رسميا لهذا المنصب، دليل على أنّه لم يعتمد يوما بتعاطيه مع ملف قيادة الجيش مقولة "روكز أو لا أحد" على غرار اعتماده استراتيجية "عون أو لا أحد" بموضوع الرئاسة.

ويسعى عون ومنذ بدء الحديث عن التعيينات الجديدة الى فصل الملف الرئاسي عن ملف قيادة الجيش سعيا لتحقيق مكاسب في الملفّين، بعيدا عن اعتماد مبدأ المقايضة الذي سيجعل منه أكبر الخاسرين. وتشير مصادر مطلعة الى أن عون و"حزب الله" يدفعان للفصل فيما يبذل "المستقبل" جهودا حثيثة سعيا وراء المقايضة، لافتة الى أن الفريق الأول يتعاطى مع التعيينات وبالتحديد في قيادة الجيش على أنّها شأن اداري داخلي، بوقت يتعاطى مع الملف الرئاسي كسياسي وذات أبعاد اقليمية.

وتكشف المصادر عن "رسالة قاسية أوصلها الفريق الأول للمستقبل وضع فيها الكيان الحكومي في مهب الريح، فأحسّ تلقائيا فريق رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بحراجة الموقف وخطورة الظرف، لاقتناعه بأن فرط عقد الحكومة يعني فتح البلد على كل الاحتمالات وتعريض اتفاق الطائف للانهيار".

وعلى الأثر تم استبعاد مبدأ المقايضة بين الرئاسة وقيادة الجيش، وبدأ البحث بمخارج أخرى لكل ملف على حدى. وتؤكد المصادر أنّه "وخلال الساعات الـ48 الماضية ونتيجة المتغيّرات الاقليمية المتسارعة، أصبح حزب الله متمسكا بترشيح عون للرئاسة أكثر من أي وقت مضى، وبات الجنرال متمسكا أيضا بترشيحه الذي لم يتوان يوما بالتعاطي معه كمعركة حياة أو موت".

ويتم التداول حاليا بمخارج للأزمة الطارئة بالتعيينات، ويتقدم أحد الاقتراحات القائل بتعيين قائد جديد للجيش بالوكالة على غيره من الاقتراحات، من منطلق أن الوقت غير مناسب لتعيين قائد أصيل وخصوصًا في ظل شغور سدة الرئاسة، فيتم تعيين وكيل يتمتع بصلاحيات الأصيل ويكون للحكومة حق اقالته في حال ارتأت ذلك. وتقول المصادر: "هذا المخرج يكون بمثابة حل وسط بين التعيين والتمديد".

ولا يبدو أن عون و"حزب الله" يشترطان السير بروكز، الا أنّهما لا شك يدفعان في هذا الاتجاه مع اقتناعهما بأن الأمور قد ترسو على تعيين ضابط آخر برضا عون ومباركته، على أن تكون معركة الرئاسة بعد ذلك أكثر حدّة ويكون الجنرال اكثر فأكثر تشبثا بترشيحه.

بالمحصلة، وفي حال تم السير بمقايضة "المستقبل" أو باصرار عون على فصل الملفات، الا أن النتيجة ستكون واحدة، فعون لن يكسب معركتي الرئاسة والقيادة، والأرجح أن روكز لن يتولى القيادة بانتظار جائزة ترضية قد تكون وزارة الدفاع في الحكومة المقبلة.