انتهت المعركة لكن الحرب مستمرّة.

في 20 أيّار 2007 انطلقت معركة نهر البارد بين الجيش والإرهابيين التكفيريين. معركة ابتدأت فجر ذلك اليوم المشؤوم بغدر 35 عسكريا في خيمهم بطريقة شنيعة. قيل الكثير عن مسؤولية هذا او ذاك لكن الثابت ان من ذبح شبابنا يومها كانوا يحضرون لسلخ شمال لبنان وجعله امارة لهم. ومن وراء جريمتهم هم نفسهم الذين موّلوا وحموا وسلّحوا وشجّعوا وساندوا من حرق امن طرابلس والشمال على مدى سنين عديدة. وهم من كان وراء نهر الدم الذي لم يتوقف منذ استشهاد المقدم ميلاد النداف صبيحة الألفية الثانية وحتى اليوم.

انتهت المعركة بعد 105 أيام بانتصار ساحق للجيش. انتصار كان ثمنه أكثر من 170 شهيد ومئات الجرحى بعضهم مصاب بإعاقات دائمة. اما الخاتمة الحارقة فكانت غدرًا آخر طال بطل نهر البارد الأول، اللواء الشهيد ​فرنسوا الحاج​، الذي ما تزال دماؤه تصرخ في ضمائرنا ليس طلبا للثأر بل لأخذ الحق وإحقاق العدالة. ولكن من يسمع؟ ومن يسمع، بعد أن نال اكثرهم ثمن سكوته وإهماله؟

وقد آلمنا أكثر ما آلمنا أن جيشنا قاتل يومها باللحم الحيّ بسبب التقصير في رصد الموارد الكافية لتسليحه وتجهيزه. ربّما لأنه من الأسهل هدر المال العام على قصور وكنفشات أولاد الفساد والإفساد ممّا هو في صرفه على شراء السلاح والعتاد لأبطال الوطن. وما يزيد من الألم أن أحدا لم يتّعظ وما زلنا حتى الساعة نتسوّل سلاحا ندافع به عن وجودنا بينما نصرف المال الحلال على شراء جوازات سفر اجنبية نتلطّى بها وقت الحشرة.

ثمّ نرى البعض يفاوضون العسكر على لقمة عيشهم. يا لعارنا من هكذا تفاوض! البعض نفسه الذي شرّع أبواب لبنان على مصراعيها لشذّاذ الآفاق يأتون اليه من دون حاجة لتأشيرة دخول ليس لسبب سوى ادعائهم الكاذب بتشجيع السياحة... ولن نقول أكثر.

لبنان في خطر والعدو التكفيري ما زال على الأبواب، على عشرات الكيلومترات من بيروت ليس أكثر. مخيّم نهر البارد كان جزءاً لا يتجزّأ من شبكة إرهاب واجرام تعشعش في أوكار الغدر والخيانة خارج سلطة القانون. وما يثير القرف هو أن ينبري من انبرى ممّن يدّعون انهم مغلوبون على امرهم وأنهم لم يعلموا الا بعد فوات الاوان ان التكفيريين صادروا مخيمهم. وهم يقولون اليوم الشيء نفسه في عين الحلوة وغيرها. رحمك الله يا استاذنا الكبير يا سعيد عقل، نبهتنا وحذرتنا لكننا لم نسمع ولم نرد أن نسمع.

واليوم ماذا نفعل؟ اقلّه ان نتذكر معركة نهر البارد وعشرات الشهداء الذين سقطوا بعد هذه المعركة وهم انما سقطوا لأن جرحها خُتم على زغل وما يزال قيحه يسري في جسد الوطن. نعم، انتهت المعركة ولكن الحرب مستمرة. ويبقى الجيش الدرع الأول يحمينا من الإرهاب.

* منسّق لجنة الإعلام في التيار الوطني الحر