يقول جبران خليل جبران أن اللبنانيين "هم السُّرج الذي لا تطفئها الرياح والملح الذي لا تفسده الدهور"(1)، وهم الطاقات التي تعيد ضخّ الحياة في شريان الوطن...

حضر عدد من المغتربين بدعوة من وزارة الخارجية والمغتربين الى لبنان للمشاركة في مؤتمر "الطاقات الاغترابية" حاملين معهم حبّهم لموطنهم الاصلي. في المصعد الذي يوصل الى القاعة التي يعقد فيها المؤتمر ثلاثة مغتربين يتحدثون: "من أي بلد أنت قادم، وماذا تعمل؟"، هي حماسة لأهل الوطن الذي ابتعدوا عنه مدّة طويلة لكنه ظلّ راسخاً في فكرهم وقلوبهم. من كل أصقاع الأرض أتوا ليتعارفوا ويناقشوا كيفية توظيف طاقاتهم من أجل النهوض بالبلد، وماذا ينتظرون من الدولة ومن وزارة الخارجية والمغتربين معها.

كميل مراد المغترب اللبناني الذي يعيش في جدّة في السعودية منذ حوالي الثمانية والثلاثين عاماً، يرى أن "إنتشار اللبنانيين في العالم وإجتماعهم اليوم هنا يجسّد فكرة أن مساحة لبنان تخطت لـ10452 كلم مربع الى كلّ العالم، فلبنان أصبح موجوداً أينما كان"، مؤكداً في حديث لـ"النشرة" أن "هذه المناسبة توحّد الصوت اللبناني بعيداً عن كل التجاذبات السياسية". أما ميشال عسّاف وهو رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية في فنزويلا فيعرب عن حبه للبنان، ويشير الى أن "شعارنا لطالما كان أننا لا نعيش في لبنان ولكنه يعيش في قلوبنا".

لاستعادة الجنسية!

بدورهما، المغتربان في قبرص منذ أكثر من ثلاثين عاماً نبيل أبو جودة وفايق دباس، يطالبان بأن "يكون التعاون بيننا وبين سفاراتنا في الخارج أكثر فعالية، ففي السابق كان هذا التعاون غائبا إلا أنه ومنذ حوالي عشر سنوات الى اليوم بدأ بالتحسّن"، كما يشددان على "ضرورة السماح للبنانيين بالانتخاب بالخارج والأهم من هذا كلّه بإسترجاع الجنسية اللبنانية لأنها تعيد لنا علاقتنا بالوطن"، ويؤكّدان أن "عودة الجنسية اللبنانية الى المغتربين تشعرهم بأن لهم جذوراً في هذا الوطن وتشجعهم بالتالي على الاستثمار فيه".

لاشتراك المغتربين بالإنتخابات

ومن المغتربين ايضا سفراء دول من أصول لبنانية، وسفيرة فنرويلا في لبنان سعاد كرم واحدة منهم، هي التي تصف المؤتمر "بالرائد فهو جمع شمل اللبنانيين من كلّ أصقاع الأرض من أجل العودة الى جذورهم وعيش لبنان في واقعه". تتحدث كرم عبر "النشرة" عن علاقة وزارة الخارجية والمغتربين بسفرائها، لافتةً الى أن "الوزارة كانت مقربة من سفراء دول اميركا الجنوبية تحديداً وتدعمهم في كلّ المشاريع"، معربة عن إعتقادها أننا "كسفراء ربما علينا العطاء أكثر تجاه وزارة الخارجية في لبنان". أما رئيس جامعة الحكمة المونسنيور كميل مبارك، وهو الذي كان مدعواً للمشاركة في المؤتمر فيرى عبر "النشرة" أن "أهمية هذا المؤتمر أنه يربط لبنان المقيم بلبنان المغترب فالثروة الفكرية والبشرية والمادية للمغتربين إذا ما أضيفت الى الثروات المحلية فهي قادرة على إعادة لبنان الى مصاف الدول المانحة"، مشددا على "ضرورة إشراك اللبنانيين بالانتخابات النيابية بالرغم من معارضة البعض لهذا القانون".

إنفتاح على الحوار

يعتبر المونسنيور مبارك أن "هذا المؤتمر دليل إنفتاح العقل اللبناني على الحوار ورفضه للقمع فالحلول السياسية هي التي يمكن أن تعالج القضايا في المجتمع العربي أما الإقتتال ورفض الآخر فهما ذهنية صهيونية".

هذا الموتمر هو الثاني من نوعه الذي تعقده وزارة الخارجية والمغتربين بعد المؤتمر الذي عقد العام الماضي، فهل تؤدي هذه اللقاءات الى نتيجة تعود معها حقوق المغتربين الضائعة في زواريب السياسة أم تبقى مجرد صرخة لا تترجم على أرض الواقع؟!

(1)من مقالة "لكم لبنانكم ولي لبناني"

تقرير ​باسكال أبو نادر