سجلت نهاية الاسبوع الماضي الاطلالة الاولى لـ"البيك" تيمور وليد جنبلاط في قصر المختارة حيث وقف حيث جرت العادة ان يقف والده، مستقبلاً الزوار والمراجعين في كل عطلة نهاية اسبوع. وبعدها بأيام استقبل تيمور "بيك" وفد تكتل "التغيير والاصلاح" في كليمنصو اتاه شارحاً ومفنداً اقتراحات رئيسه العماد ميشال عون. إطلالتا تيمور تطرحان الكثير من علامات الاستفهام والتساؤل في اوساط الوسطيين وحلفاء التوجهات السعودية والخصوم. هل فعلاً تقاعد وليد كمال جنبلاط؟ وهل نفد رصيده السياسي فعلاً؟ هل هي مناورة اخرى من مناوراته؟

حتى الساعة لا اجابات شافية او وافية او كافية لما يدور في اروقة المختارة او ما يدور في خلد "البيك الكبير".

في اروقة 8 آذار الداخلية وفي اوساط الموحدين الدروز وخصوم جنبلاط يدور الكثير من الاحاديث التي تستند الى معلومات رشحت من زيارة رئيس "الحزب الاشتراكي" الى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند حيث أكد جنبلاط امامه انه سينقل دفة القيادة الى نجله بشكل تدريجي قبل ان يعتكف عن القضايا الداخلية اللبنانية ويتفرغ للقضايا الوطنية والعمل الوطني. كما اكد هولاند استمرار العلاقة التاريخية بين فرنسا والمختارة وبما يعنيه هذا الكلام من إختيار جنبلاط مكانا لـ"التقاعد المريح". في المقابل تبرز وجهة نظر اخرى لدى صقور 8 آذار تقول ان جنبلاط يلعب "آخر اوراقه" ويقوم بمناورة اخيرة ربما تنجح وتكون "إستدارة جديدة" الى وجهة ما. ويشير هؤلاء الى ان عند استشهاد كمال جنبلاط في 16 من العام 1977 لبس جنبلاط عباءة والده وكان في جانبه كبار قادة اليسار من محسن ابراهيم الى جورج حاوي وقادة طائفة الموحدين الدروز الروحيين، في مرحلة مصيرية بظل غطرسة اليمين اللبناني وحرب الالغاء التي كان يقودها في وجه اليسار وجنبلاط والمقاومة الفلسطينية، وسار بالطائفة بين الالغام وعقد "تسوية تاريخية" مع النظام السوري الذي اتهمه منذ اللحظة الاولى بقتل والده لكنه لم يتجاوز هذه الفكرة وبقي مغلباً مصالحه السياسية فترؤسه الطائفة وقيادتها يعني استمراره مرجعاً سياسياً وقائداً تنعم بمغانم السلطة بعد الطائف وكان الرقم الصعب بوهج الحضور والقوة السوريين في لبنان. ورغم ذلك لم تخل إطلالات جنبلاط من زلات اللسان التي عبرت عن "حقده" الشخصي الدفين ضد النظام في سورية فزل لسانه في احدى المقابلات التلفزيونية وكان وقتها في لندن في العام 1996 واتهم النظام السوري مجدداً بقتل والده. واستمر جنبلاط على حالته من "الكتمان" حتى العام 2005 ،وبعد إستشهاد الرئيس رفيق الحريري وخروج الجيش السوري وكسر الجرة في اول مرة ، وقف خطيباً في ساحة الشهداء وبشكل غير مسبوق واطلق كل مكنونات نفسه ضد الرئيسين حافظ وبشار الاسد. ويرى هؤلاء الصقور ان أحداث 7 ايار و8 ايار من العام 2008 يتحمل مسؤوليتها جنبلاط نفسه وهو كان يعلم منذ اللحظة الاولى ان هناك شيئاً ما يتحضر ضد المقاومة في العام 2006 واستمر بعد فشل العدوان برهاناته الخاطئة فكان وراء اصدار قراري الاتصالات وعزل رئيس جهاز امن المطار وهو اقر بذلك في استدارة العام 2011 .

كثرة التموضعات بين 8 و14 آذار وتغيير الخيارات السياسية يؤكد الصقور انها جعلت من الرجل غير موثوق ومأمون الجانب والتعاطي معه مخيف ومتعب، في المقابل لم تهضم السعودية ولا تيار "المستقبل" حتى الساعة دوره في إسقاط الرئيس سعد الحريري وحكومته وعقده صفقة مع الرئيس نجيب ميقاتي على حسابه، رغم كل مواقفه من المحكمة وشهادته الاخيرة وموقفه من الازمة السورية وسلاح "حزب الله" وتدخله في سورية وحتى الموقف "الطليعي" من الازمة اليمينة.

هل انعدمت الخيارات السياسية امام الرجل وضاق الافق، يقول الصقور ان التركة ثقيلة على تيمور فلا ثقة داخلية به ولا امتداد ايرانيا او سوريا او سعوديا له، والجذور الدولية مع فرنسا غير كافية. وتعتقد انه يعيش حالة من انعدام الوزن وخسارة الرصيد السياسي الذي اورثه اياه كمال جنبلاط والذي بدده خلال 3 عقود تدريجياً غير آبه للنتائج. رغم كل ما تقدم يبقى القول ان الحق يقال في وليد جنبلاط انه من مهندسي الطائف وقاد مع الرئيس نبيه بري والرئيس الشهيد لبنان طوال عقدين من الزمن اصابوا في مكان واخطأوا في امكنة لكنه يبقى رقماً صعباً في الحياة السياسية اللبنانية سواء رمى التركة الثقيلة على تيمور ومضى او بقي في الحديقة الخلفية شاهداً على العصر.