لننتبه جيِّداً، نحن على مسافة شهرٍ من الإستحقاقات المعتادة التالية:

إنتهاء السنة الدراسية، بما يعني ذلك من إمتحاناتٍ رسمية ومن بداية شهر الصيف.

بدء فصل السياحة والإصطياف، بما يعنيه من مهرجانات وعودة مغتربين.

إلاّ أنَّ كلَّ ذلك يحتاج إلى شيء واحد، لكنه نادر، هو الإستقرار.

نقول هذا الكلام لأن لبنان يعيش في هذه الأيام سلسلة من المفارقات:

سياحة وسياسة واستقرار وعدم استقرار وعرسال والقلمون وشغور رئاسي، كله في آن واحد، وكل ملف يؤثر في الملف الآخر:

الإستقرار السياسي غير متوافر، مع أنه مضبوط، فمجلس الوزراء جزءٌ من هذا الإستقرار، والحوار بين تيار المستقبل وحزب اللّه جزءٌ منه، وكذلك الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لكنَّ كلَّ هذا الإستقرار يبقى هشًّا لأنه يرتبط بالملف الأمني، وهذا الملف عالقٌ بين القلمون وعرسال حيث الأوضاع يمكن أن تفلت من ضوابطها بين لحظةٍ وأُخرى، وحيث أنَّ لبنان الرسمي وغير الرسمي لا يستطيع أن يتحكَّم فيها.

إذاً نحن أمام صورة متناقضة، فبالإمكان أن يمرَّ الصيف من دون ضربة كفّ، كما بالإمكان أن يشهد تطورات تُبعده كلياً عن الإستقرار، فأيُّ الخيارين هو الأقرب؟

كلُّ الإحتمالات واردة، ومن المكابرة الحديث عن أنَّ هناك مَن يعرف أيُّ الخيارين هو الأرجح، فالتجارب السابقة أثبتت أنَّ اللبنانيين يملكون من التقديرات أكثر مما يملكون من المعلومات، وأحياناً يملكون الأمنيات والتمنيات أكثر مما يملكون من المعطيات. بهذا المعنى لا يمكن تقدير ماذا يمكن أن يحدث، فالملفات شغَّالة على كل المسارات من دون أن يكون معروفاً ما هو المسار الذي سيتقدَّم على غيره:

على المستوى السياحي، دبَّت الحركة في عروق المعنيين وبدأت التحضيرات لصيفٍ واعد، نظرياً، فعلى سبيل المثال أُعلنت مدينة جبيل عاصمة السياحة العربية، وبدأت تتوالى تباعاً المؤتمرات عن أنشطة المهرجانات سواء في بعلبك أو في غيرها من أمكنة المهرجانات المعتادة.

على المستوى التربوي، تمّ الإعلان أنَّ موضوع الإفادات، عوض الشهادات، لن يتكرر هذه السنة. ولكن في الأمر مخاطرة إلى حدٍّ ما خصوصاً أنَّ هيئة التنسيق النقابية لم تقل كلمتها بعد، فماذا لو وصلنا إلى موعد انتهاء السنة الدراسية من دون إقرار سلسلة الرتب والرواتب، فماذا ستكون عليه ردة الفعل عند الهيئة؟

وهل سيُتَّخذ طلاب الإمتحانات الرسمية رهينةً كما حدث في العام الماضي؟

وهل تُعمَّم ثقافة الإفادات بدلاً من ثقافة الشهادات؟

في لبنان كل شيء وارد لأن لا أجوبة حاسمة، ولا أحد يملك هذه الأجوبة.

هذه هي الصورة البانورامية التي لا يُمكن لها أن تتبلور أو تتثبَّت إلا بإنجاز الإستحقاق الأكبر وهو رئاسة الجمهورية الذي إلى اليوم لا يلوح في الأفق.