كشف رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق ​وديع الخازن​ أن وفدا فاتيكانياً رفيع المستوى، يترأسه المونسنيور دومينيك مامبرتي، سيزور لبنان قريباً وستكون مناسبة للبطريرك الماروني بشارة الراعي لجمع كلّ المرجعيات الروحية المسيحية في بكركي للقاء الوفد الفاتيكاني في سبيل الخروج بتصور حاسم وصولاً إلى إستنهاض الإستحقاقات، وعلى رأسها موضوع الإستحقاق الرئاسي الذي دخل، في الفترة الأخيرة، العناية الفائقة.

وأوضح الخازن، في حديث لـ"النشرة"، أن المونسنيور مامبرتي والوفد المرافق سيقومون بجولة إلى المرجعيات السياسية المعنية، وبتوجيه من البطريرك الراعي، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم التاريخية، لافتا الى ان الراعي على تواصل دائم وتنسيق مع الفاتيكان، كما أنه زار فرنسا وإجتمع بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على الوقع الدبلوماسي القائم ما بين العاصمة الفرنسية وحاضرة الفاتيكان من أجل إنقاذ الإستحقاق الرئاسي بإنتخاب رئيس جديد.

وأشار الخازن إلى أنّ "الفاتيكان بدوره، وبعناية الحبر الأعظم البابا فرنسيس، تداول مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في أول إجتماع منذ أكثر من سنة بهذا الموضوع، وبالأوضاع المسيحية التي تتعرّض للتهديد عمومًا"، مؤكداً في الوقت عينه أن "عاصمة الكثلكة العالمية لا تعلن على الملأ ما تقوم به في هذا، وتكتفي بمساعيها السرية في هذا السبيل".

بين الرئاسة والمفاوضات النووية

ورأى الخازن أنّه "من الملفت أن يعبّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن هواجسه المتّصلة بهذا الإستحقاق، فلا يبدي أية إشارة إيجابية في هذا المجال في ما نُقل عن مجالسه النيابية كل أربعاء". وأضاف: "لقد أعيت الحيلة بري في الدعوة إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية أكثر من 24 جلسة، وبقي الموضوع عالقًا في جلسات مجلس الوزراء على لسان رئيس الحكومة تمام سلام في كل مستهل منها، ولم يُفلح في شق طريقه إلى البرلمان. غير أنه، بالنسبة إلى الشق المتعلّق بإطالة هذا الفراغ سنة جديدة، فهو ضرب في الغيب".

واعتبر أنّه "صحيح أن العوامل الإقليمية والدولية في طور إنضاج الملفات العالقة لأن التطورات الميدانية في اليمن والعراق وسوريا طرأ عليها تعديل بعد "عاصفة الحزم" وتحالف السعودية وقطر وتركيا في سوريا، إلا أن هذا لا يعني أن الموضوع الرئاسي رهين جلاء التطوّرات الميدانية، بل التسويات السياسية، والتي تتّضح معالمها الأخيرة حول المفاوضات النووية في شهر حزيران المقبل"، بحيث أعرب عن اعتقاده بأن "الإستحقاق الرئاسي قد يكون المفاجأة الأولى من ثمارها".

حوار جعجع – عون أرخى ظلالا ايجابية

وبموضوع لقاء رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون برئيس حزب "​القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​، قال الخازن: "صحيح أنني طرحت فكرة إقامة حوار بين الجنرال عون والدكتور جعجع تسريعًا لإنجاز الملف الرئاسي، وحظيت لقاءاتي بكلا الطرفين إستجابة طيبة تجلّت في تشكيل ممثّلين عن فريق التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية مِمّا أرخى ظلالاً إيجابية إنعكست على الخطاب السياسي وعلى مسار العلاقات الداخلية، إلاّ أن إستراتيجية النظرة الإقليمية ظلّت على قناعاتها، وهذا لا يعني أن الحوار القائم أخيرًا حول الأزمة الرئاسية ما كان ليتحرّك بهذا الزخم من الجولات التي قام بها التيار الوطني الحر للبحث في آليات العمل من أجل ذلك بعدما أعلن الجنرال عون رغبته في إجراء إستفتاء شعبي ينجم عنه إنتخاب رئيس". وأضاف: "ولأن مثل هذا الإستفتاء واجه إعتراضات من الأطراف المعارضة لأنه يفتح الباب أمام تعديل دستوري ليس هذا أوانه، فقد يُستعاض عن ذلك بآلية أخرى هي في إطار البحث".

لا سبيل لتكرار ما حصل سابقاً في عرسال

وبالملف الأمني، شدّد الخازن على وجوب الثقة بـ"قدرة العين الساهرة للجيش اللبناني على مدار الحدود الشرقية، لأن إستعداداته في أعلى درجات التأهب وإلاّ ما كان ليقصف برًا وجوًا أي تسلّل في إتجاه الأراضي اللبنانية على الحدود"، لافتا الى انّه "أثبت تفوّقه العسكري النوعي في التصدي للهجمات الإرهابية مع مسلّحي الجرود".

أما ما حدث في الجرود العليا التي تطاول مساحتها المئتي كيلومتر، فرأى الخازن أنّه "جدّد المخاوف من أن يلجأ الإرهابيون الهاربون إلى ​جرود عرسال​ بإعتبارها ملاذًا سابقًا لهؤلاء مع وجود مخيّمات النازخين على أطراف عرسال"، وأضاف: "أستطيع القول بما أعرفه من مصادر موثوقة أن لا سبيل أو مجال لتكرار ما حصل سابقًا وأدى إلى إختطاف العسكريين الذين ما زالوا بحوزة جبهة النصرة وتنظيم داعش، ما دام الجيش له اليد الطولى على أي شبر يمكن أن تخرقه هذه الجماعات، لأن لا بيئة حاضنة لها في عرسال ولا يمكن تاليًا التستّر عليها".

وعبّر الخازن عن اطمئنانه على "الأمن في لبنان وعلى حرص حزب الله وتيار المستقبل على تحييد الساحة اللبنانية عن مرمى الضرر لأية فتنة مذهبية، وإلا ما فائدة إجتماع الطرفين المتواصل لإحتواء أي إستغلال على هذا الصعيد".