يتصدّر المرحلة الراهنة عنوانان، الأوّل هو التعيينات العسكرية والامنية، والثاني الوضع في عرسال وجرودها الذي يطغى على العنوان الاول، لأنّ هوامش التأجيل فيه تكاد تكون معدومة في ضوء معركة القلمون المستمرة ولَو تدريجاً.

بين هذين العنوانين، يكاد الاستحقاق الرئاسي يغيب على صدارة الاهتمام لولا المبادرة التي أطلقها رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، وردّ النواب المسيحيين في 14 آذار عليها بنحو غير مباشر بمعاودة طرح نصاب النصف زائداً واحداً في دورة الانتخاب الرئاسية الثانية، وهو طرح يخالف الدستور الذي يحدد نصاب الثلثين لكلّ الدورات الانتخابية.

ويقول قطب نيابي إن لا شيء متوقعاً قريباً في شأن الاستحقاق الرئاسي، لانعدام التوافق الداخلي حتى الآن على شخص الرئيس العتيد أولاً، ولأنّ القوى الخارجية المؤثرة منشغلة كلّ في شؤونها، فالولايات المتحدة الاميركية تركز اهتمامها على العراق، وروسيا مهتمة بأوكرانيا، والمملكة العربية السعودية مهتمة بالأزمة اليمنية وغيرها من الازمات الاقليمية اللصيقة بها او القريبة منها، والجمهورية الاسلامية الايرانية مهتمّة بملفها النووي وبالمفاوضات الجارية في شأنه بينها وبين الدول الغربية للتوصّل الى الاتفاق النهائي المقرّر توقيع الشهر المقبل.

ويرى هذا القطب انّه من الصعب توقّع حصول ايّ تطوّر ملموس يتيح انتخاب الرئيس اللبناني قريباً، خصوصاً انّ المعركة في القلمون، والتي بدأت تلامس جرود عرسال، باتت تفرض جملة استحقاقات أمنية ينبغي إنجازها لتلافي ايّ تداعيات جديدة يمكن أن تعرّض الاستقرار الأمني الهَشّ للانهيار، وبات لا مفرّ لمجلس الوزراء من اتخاذ القرار السياسي اللازم في هذا الشأن، خصوصاً انّ المعارك قد بدأت في جرود عرسال كنتيجة طبيعية لمعركة القلمون التي حقّق فيها حزب الله والجيش السوري تقدماً ميدانياً واسع النطاق دفع مُسلّحي «النصرة» و«داعش» وغيرهما الى الانسحاب في اتجاه الجرود العرسالية التي يتوقع أن تشهد مواجهات كبرى في حال لم يعالج الوضع هناك على النحو الذي يُمكّن الدولة بقواها العسكرية والأمنية من الامساك بتلك المنطقة.

ولذلك، فإنّ مجلس الوزراء هو الآن أمام تحد كبير في شأن وضع عرسال، وإن كان البعض لا يستبعد ان يكون المخرج إعلان «موقف تلطيفي» مفاده أنّ تفويض الجيش اللبناني الأمن في البلدة وجرودها موجود ولا يستدعي اتخاذ قرار جديد، علماً انّ المطلوب، في رأي القطب النيابي نفسه، هو وَقف ذلك «الفولكلور التحريضي» الذي لا يفيد عرسال وجوارها ولا لبنان برمّته.

أمّا على صعيد ملف التعيينات العسكرية والامنية الذي يربطه البعض بالاستحقاق الرئاسي مداورة، فإنّ التحرك الذي يقوم به وزير الداخلية نهاد المشنوق هدفه نزع الصواعق الكامنة في هذا الملف والتي إذا انفجرت، قد تفجّر حكومة الرئيس تمام سلام وتُعطّلها.

والمؤشرات حول موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، المصرّ على التعيين في المواقع القيادية العسكرية والامنية، تدلّ حتى الآن الى أنّ الرجل ليس في وارد التراجع ما قد يعطّل الحكومة ويحوّلها حكومة تصريف اعمال.

في أيّ حال، إنّ المناخ الذي سيسود جلسة مجلس الوزراء اليوم معطوفاً على ما سيطرح خلال الجلسة من ملفات ذات طابع خلافي سيكون مؤشّراً على مستقبل الوضع الحكومي الذي كان رئيس الحكومة ولا يزال حريصاً على تجنيبه أيّ انفجارات، بالمسارعة الى رفع الجلسات الحكومية عند حصول ايّ خلاف أو توتر، لأنه يعتبر انّ التوافق ينبغي ان يكون في هذه المرحلة سيّد الأحكام في انتظار توقّف اللهيب الاقليمي المحيط بلبنان من كل الجهات.