يتزامن عيد المقاومة وتحرير الجنوب اللبناني في 25 من أيار هذه السنة، مع الإعلان عن انتصار المقاومة بتحرير سلسلة جبال لبنان الشرقية، مع فارق بسيط هو أنه في العام 2000 تمّ تحرير الجنوب من العدو "الإسرائيلي"، وفي العام 2015 تمّ تحرير السلسلة الشرقية من جبال لبنان من أدوات العدو "الإسرائيلي".

صحيح أن نتائج معركة القلمون يستفاد منها على المدى الاستراتيجي عسكرياً وسياسياً، لكن تبقى مهمة وطنية مُلحّة هي حماية لبنان من الارتدادات الناجمة عن معركة القلمون، لذا يجب إكمال المهمة الوطنية نحو جرود عرسال بالتنسيق بين الجيش اللبناني وأهل المنطقة والمقاومة.

مرة أخرى، تثبت الثلاثية الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة"، أنها من أهم ركائز الأمن الوطني التي تحمي الوطن من العدو الاسرائيلي والمتعاونين معه. لكن ما ليس بصدفة هو أن تتزامن تصريحات الإدارة الأميركية مع تصريحات فريق سياسي لبناني لتصب بنفس الاتجاه. فالولايات المتحدة منعت تسليح القوات العراقية بالأسلحة المناسبة، كما وقفت بوجه الحشد الشعبي العراقي لمنعه من الدخول إلى الأنبار والرمادي لمواجهة تنظيم "داعش" ومتفرعاته، تحت ذريعة الخوف من مجازر مذهبية!

أما الفريق السياسي اللبناني فاستفاق بعد هجعة طويلة ليطل علينا ليتحفنا باستعراض إعلامي عن تزويد الجيش اللبناني بـ40 صاروخاً من نوع ميلان، لنكتشف أن الإرهابيين في القلمون يمتلكون المئات من نفس النوع والمصدر، كما أن نفس الفريق اللبناني يحذر ويتوعد بعدم الاقتراب من بعض المناطق اللبنانية التي تحتمي بها أدوات العدو "الإسرائيلي" من متفرعات تنظيم "القاعدة" وتهدد أمننا الوطني.

إن تماهي الموقف الأميركي مع فريق سياسي لبناني لهو أكبر دليل على أن الذي يحصل في بلادنا ليس بالصدفة، بل هو مخطط ومرسوم ومُعدّ بشكل جيد وبتنسيق تام، وتديره غرفة عمليات إعلامية وسياسية واحدة.

لم يعد هناك مجال للشك بأن الهدف الرئيسي للاستراتيجية الأميركية في بلادنا العربية هو تلزيم تنظيم "داعش" ومتفرعات تنظيم "القاعدة" لتنفيذ المشروع الأميركي الصهيوني بنشر الفوضى وتفكيك مجتمعاتنا العربية، تمهيداً لتقسيم الوطن العربي إلى دويلات متناحرة ومتصارعة ومتحاربة فيما بينها بحروب مذهبيه تمتد إلى عقود وربما مئات السنين، وبذلك يكون العدو الصهيوني الساعي لتهويد القدس وإعلان الدولة اليهودية وإنشاء حزام أمني يمتد من الحدود الأردنية مروراً بالقنيطرة مع الجولان المحتل، هو المستفيد الوحيد من تحقيق أهداف هذا المشروع.

نحن أمام متغيرات صعبة على الصعيدين السياسي والعسكري؛ بين مشروع أميركي صهيوني بتمويل ومساندة بعض العرب، يهدف إلى تفتيت المنطقة العربية، لتأمين بقاء "إسرائيل" في منطقتنا العربية، وبين مشروع مقاومة هذا المشروع التفتيتي، والثبات على مقاومة العدو "الإسرائيلي".

المرحلة المقبلة قاسية بكل المقاييس، ولا سبيل لنا سوى الصمود بمواجهة المشروع الصهيو أميركي، مهما بلغت التضحيات، لأن الأميركي لا يحترم إلا القوي، ونحن الأقوى بمقاومتنا وصمودنا وانتمائنا العربي، ولأن فلسطين ستبقى ولاّدة للمقاومين، والأيام المقبلة ستثبت ذلك.