توسّعت دائرة العدوان السعودي - الأميركي على اليمن لتقصف مؤتمر جنيف الذي دعت إليه الأمم المتحدة من أجل مناقشة حل سياسي للأزمة اليمنية لإنقاذ الشعب اليمني من جرائم الإبادة البشرية والحضارية، ولإنقاذ السعودية من الرمال اليمنية التي تغرق فيها بعد توسّع النار لتحرق أذيال الثوب السعودي في نجران وجيزان..

رفضت السعودية ودميتها منصور هادي ذاك المؤتمر، بل صار الرئيس اليمني المستقيل مذيعاً سعودياً يقول ما يؤمر به ويقرأ ما يُكتب له، ويعلق صور الملوك السعوديين وراءه، كاعتراف علني بأن آل سعود هم ملوكه ورؤساؤه وأصحاب السيادة على اليمن؛ في تحدٍّ صارخ للكرامة والسيادة اليمنيتين.

الموقف السعودي أمّنته ظروف عديدة، بموافقة أميركية واضحة، وتواطؤ من الأمم المتحدة، لعدة أسباب:

1- فشل السعوديين بعد شهرين من العدوان على تحقيق أي مكسب سياسي أو ميداني في الداخل اليمني، بل وخسارة مواقع جديدة.

2- - فشل السعوديون في إعادة الشرعية المزيفة حتى إلى صحارى حضرموت اليمنية البعيدة، والتي تعتبر مركزاً لـ"القاعدة" وأخواتها.

3- الفضيحة العسكرية السعودية عبر انهزامهم أمام القبائل والجيش اليمني واللجان الشعبية، حيث تتساقط المواقع دون مقاومة تُذكر، وظهرت هشاشة البنية العسكرية السعودية العاجزة عن حماية الحددود والأراضي السعودية، فكيف لها أن تتوغل براً داخل اليمن!

4- فشل مؤتمر الرياض الذي عقدته السعودية مع نفسها ودعت إليه أتباعها ورجال "المناسف" والمكرمات الملكية، والذين لا يؤثرون في المشهد اليمني العسكري أو السياسي؛ بما يشبه المعارضة السورية (الائتلاف الوطني).

5- التوتر السعودي الداخلي، سواء على مستوى العائلة المالكة والحذر المتبادل من مكوناتها والخوف من الانقلاب المضاد، بالإضافة إلى بدء التوتر الأمني وقتل الجنود والشرطة السعودية من قبل مجموعات "داعش"، والتي تم تتويجها بالتفجير الوحشي في أحد مساجد المنطقة الشرقية، لإشعال الفتنة المذهبية، مما يحرج النظام السعودي، ويسعّر الصراع العنفي مع المعارضة، والذي إن حاكم وعاقب المتورطين زاد من حدة المواجهة بينه وبين أبنائه "التكفيريين" الذين تربوا على الفكر الوهابي.

6- العقل السعودي يحكمه الارتباك والانفعال وغرور المراهقين الذين اعتقدوا أن الحرب لعبة "بلاي ستايشن" على كمبيوتر في غرفة مغلقة، ففوجئوا بأثمانها الباهظة المالية والسياسية والدموية بعد وصول جثامين العسكريين القتلى على الحدود، والذين تخفي السعودية أعدادهم، بالإضافة إلى تهجير القرى والمزارع والمدن القريبة من الحدود اليمنية، ونقل سكانها إلى العمق السعودي لسببين، أولاهما عدم قدرة السعودية على حمايتهم أو منع توغل اليمنيين في الأراضي السعودية، وثانيها عدم ثقة النظام السعودي بهؤلاء، واتهامهم بالتعاون مع أقاربهم وقبائلهم في اليمن.

"جنيف – اليمن"

ضحية جديدة من ضحايا العدوان السعودي، لذبح اليمن كما يذبح السعوديون سورية عبر "جنيف السوري"، والمفارقة العجيبة أن السعوديين يرفضون مؤتمر جنيف أو أي مؤتمر لا يؤمّن عودة الرئيس اليمني غير الشرعي إلى سدة الحكم، ويؤيدون "جنيف-1" السوري الذي يطالب بإقالة الرئيس السوري المنخب شرعياً!

إن مصطلح الشرعية تحوّل إلى وجهة نظر ومصالح دولية وإقليمية، بعيداً عن القوانين الدولية والوطنية، وفق ازدواجية المعايير أو قوانين القوة وليس العدالة أو الديمقراطية، حيث تُتهم قوى المقاومة بالإرهاب وجيوش الاحتلال بجيش الدفاع "الإسرائيلي" أو جيش "دمقرطة" العالم العربي.

الأمة العربية، وقد تكون الإسلامية كذلك، صارت رهينة مؤتمرات جنيف المتعددة الأسماء والأرقام، من النووي الإيراني، إلى جنيف 1 أو 2 السوري، إلى جنيف اليمني، إلى الحوار الليبي المستقل بين المغرب والجزائر..

تحوّلت جنيف إلى غرفة عمليات ترسيم حدود النزاعات والحدود، وتوزّع المصالح في هذه المنطقة، والأمة المنكوبة، ورجعنا إلى مصطلحات العشائر والقبائل والعائلات والأفخاذ العشائرية، بعدما رفعها الإسلام إلى مستوى الأمة الشاهدة على الناس وأكرمها، فجاء "الإسلاميون الجدد" من الوهابيين والتكفيريين المصنوعين من خميرة المخابرات الأميركية ومراكز الدراسات ليهدموا الأمة ويرجعوها إلى منظومة القبائل والعشائر والعائلات والقوميات.. إلى أسفل درك أخلاقي واجتماعي، وكله برعاية الوهابية السعودية وأموالها وإعلامها الفتنوي.

دعاؤنا أن ينقذ الله سبحانه الحرمين الشريفين من تكفيرييه، وينقذ الأمة من جرائم "الإسلاميين الجدد"؛ حلفاء المحافظين الجدد.