يبدو ان الربيع الذي وعدنا به ان يكون ساخنا سيحمل رياحه الى الصيف المقبل الذي سيتحول لاهباً مع التطورات آلتي تحصل في العراق وفي سوريا خصوصاً ان المد الداعشي طال في الايام الاخيرة اهم معلم سياحي في سوريا، تدمر وباتت حلب وحمص مهددتين اضافة الى جبهة القلمون التي كانت بيارق الحرب فيها قد بدأت تلوح في الأفق منذ أشهر، والخوف اليوم يسود الاوساط المتابعة من تمددها الى جرود عرسال مع عودة الحديث عن وجود الإرهابيين في مخيمات اللاجئين في عرسال الامر الذي يثير المخاوف من استعادة مشهد آب 2014.

ويبدو ان هذه الأمور ألقت بظلالها على الداخل اللبناني في ظل الحديث عن عرسال وانعكاس الامر على تعيين قائد المؤسسة العسكرية في ظل غياب القائد الأعلى للقوات المسلحة لا سيما وان موضوع قرار خوض الجيش اي معركة هو سياسي بامتياز من هنا فان تعيين قائد جديد سيكون مثار جدل كبير داخل الحكومة السلامية وهذ ما حصل في جلسة الامس فهل اجل انفجار لغم عرسال والتعيين الى الاثنين المقبل.

مصادر وسطية تؤكد ان الأمور كانت على سكة التسوية في موضوع التعيينات خصوصاً في ما يتعلق بتعيين قائد جيش جديد، ومن المعروف ان هذا المركز حساس وهام ليس للمسيحيين فقط بل لكل لبنان،لا سيما في ظل هذه الاجواء التي تشهد فراغا رئاسيا،لانه في كثير من الاحيان يكون لقائد الجيش مهاما تتجاوز في لحظات معينة بأهميتها موقع رئاسة الجمهورية،من هنا عندما طرح العماد عون موضوع تعيين قائد جديد للجيش على الرئيس نبيه بري احال الاخير الموضوع على الشيخ سعد الحريري وعلى النائب وليد جنبلاط ونصح عون بالتحدث اليهما فزار الاخير كليمنصو وبيت الوسط وكانت الأمور تتجه بمنحى إيجابي بحيث ان ربط التعيينات ممكن ان يعوض المسألة اذا اصبح هناك خلل ليس لمصلحة 14 اذار او القوى الوسطية.

وتضيف هذه الاوساط ان تطور الأحداث نسف هذه الفكرة بمجملها مما أدى الى ما يشبه الانتفاضة لدى الجنرال ميشال عون والامتعاض الشديد،الذي عبر عنه بكلامه امام الحشود الشعبية التي أمت منزله في الرابية وتحديدا عندما قال انه هو من يعين رئيس الجمهورية وقائد الجيش ولن يعينهما احد غيره ، طبعا هذا الموقف وفق هذه المصادر قد يكون مبررا نتيجة رفض الواقع بتعيين قائد جيش او تجميد التعيين او اتجاه الأمور نحو التمديد او إعطاء فترة اخرى لقائد الجيش الحالي الذي طرح لأسباب موضوعية فرضتها تطور الاحداث خصوصا في ما يتعلق بعرسال وحديث «حزب الله» عن المجموعات الارهابية في جرود البلدة في هذا الوقت وطرحه اليوم، الامر الذي خلق نوعاً من الخشية عند قوى 14 اذار وقوى اخرى، وبد الامر وكأن «حزب الله» يريد شيئا ما وراء هذا الطرح ، رغم ان هذا الملف ليس بجديد وهذا الامر انعكس سلبا على المفاوضات التي كانت جارية في موضوع تعيين قائد الجيش لان بعض القوى وخاصة «تيار المستقبل» لديه ارتياب من ان يتم دفع الجيش او «توريطه» في احداث يستفيد منها النظام السوري علما ان هذه القوى وعلى وجه التحديد التيار الأزرق كان قاطعا تجاه القوى المتطرفة على الساحة السنية برفض انتشار السلاح وتوزيعه للدفاع عن عرسال لان الجيش هو الضمانة.

طبعا هذا الامر ألقى بظلاله السلبية على مجمل الأمور في لبنان، تضيف المصادر، وكان له التأثيرات غير الإيجابية في مسار العمل الحكومي وقد يخلق بعض التعقيدات امام الحكومة السلامية خصوصا ان الوقت اصبح داهما في ما يتعلق بالاستحقاقات التي تواجه تعيينات القادة الأمنيين، فقد مر استحقاق تعيين قائد الدرك وبعد ايام يمر استحقاق تعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي، وبالطبع فان الموقع الاول مهم كموقع ماروني كذلك الامر بالنسبة للثاني فالسنة لن يسكتوا عن ابقاء مركز مدير عام قوى الامن الداخلي بالوكالة لان هذا الامر هو جزء من توازنات السلطة ولا يمكن للأطراف السنية ان ترضى ان يحل في هذا المركز ضابط في الوكالة من غير السنة الى أمد طويل، هذه المعطيات خلقت اجواء غير مريحة وهناك مساع تبذل في العلن والسر لتجاوز هذا «القطوع»، طبعا بالنسبة للأطراف يبدأ بالتفاوض على قيادة الجيش.

وتابعت المصادر لقد كان العميد شامل روكز من المرشحين الأساسيين ولم يكن هناك اجواء اعتراض كبيرة عليه، الا ان تطور الأحداث وما تم الحديث به عن عرسال ومعارك القلمون اصبح يثير خشية لدى الأطراف الاخرى، وبالطبع الواقع الحكومي والميداني السوري امام انسداد و قد يولد بعض المواقف غير المستحبة التي تؤثر في اجواء الانتظام العام المتفق عليه.

مصادر مقربة من النائب وليد جنبلاط تؤكد ان هناك أمل الا تؤدي المساعي الى حلحلة هذه العقد وقد جرى الحديث بالأمس بين الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط في هذا الامر كما ان هناك زيارة قام بها الحج وفيق صفا الى كليمنصو حيث تم البحث في تخفيف التوتر بآي ثمن والبحث في إيجاد صيغ لتخفيف حالة الشحن لان التوتر غير مقبول وهي ليست المبادرة اليتيمة فقد كان هناك تواصل للحزب مع الوزير وائل بو فاعور في مشغرة الاسبوع الفائت على الرغم من ان هذه الامور لا تثير ارتياحاً لدى بعض الجهات الا ان وليد جنبلاط يضع في اولوياته مصلحة البلد فوق كل المصالح.

من هنا ترى المصادر الوسطية انه مهما احتد الخطاب السياسي بين «حزب الله» وجنبلاط، الا ان الجميع يعلم ان البيك هو من يجترح المعجزات ويستنبط الحلول خصوصاً انه يبدو ان هناك من يريد اعادة احياء ذكرى مارك سايكس وجورج بيكو عبر رسم خريطة جديدة للشرق الاوسط ولكن بكلفة اكثر دموية.