يؤشر قرار السلطات السعودية، القاضي بتصنيف قياديين إثنين من "حزب الله" إرهابيين، إلى مرحلة جديدة من الصراع بين الجانبين، بدأت بالتصعيد المتواصل منذ بدء الأحداث اليمنية، ولن تنتهي على ما يبدو في وقت قريب، خصوصاً أن الساحة السورية هي المسرح الأساسي لها، كون الحزب ساهم إلى حد بعيد في القضاء على مساعي إسقاط الدولة السورية.

المفارقة الأساسية في هذا القرار، أنه جاء بعد أيام قليلة على حسم الحزب والجيش السوري المعركة في جبال القلمون السورية، حيث خاضا مواجهات عنيفة مع جبهة "النصرة"، الجناح السوري لتنظيم "القاعدة"، لكن ما ينبغي التوقف عنده هو الإشادة السريعة بهذا القرار، الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية، التي تطرح حولها علامات الإستفهام حول مفهوم "مكافحة الإرهاب" المعتمد على الصعيدين الإقليمي والدولي.

من وجهة نظر مصادر مراقبة، بات من الضروري البحث في الأصول التي تصنف على أساسها المنظمات والشخصيات بأنها "إرهابية"، لا سيما أن المعركة الحالية قد تستمر سنوات طويلة، بحسب ما تشير التوقعات، وعلى هذا الأساس ينبغي تشريح الواقع القائم بشكل دقيق.

وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن المسؤولين عن إطلاق هذه التصنيفات، يسيرون بها بحسب ما تستدعي مصالحهم السياسية أولاً وأخيراً، ولا يحددون معياراً واحداً يمكن العودة إليه في كل مرة، وعلى هذا الأساس من الممكن أن تكون أي شخصية إرهابية اليوم غير ذلك غداً، وتشير إلى أن هناك الكثير من الأدلة على هذا الأمر.

من دون الغوص في قضايا سابقة، تفضل المصادر المُراقبة الإكتفاء باستعراض الواقع على الساحتين السورية والعراقية، حيث كانت واشنطن ترفض مشاركة فصائل "الحشد الشعبي" في المعارك ضد تنظيم "داعش" في العراق سابقاً، وباتت اليوم ترحب بهذا الأمر، لا بل تعتبره ضرورياً لتحقيق الإنتصار على الإرهاب، دون أن يعني ذلك أن تلك الفصائل غيرت مواقفها الواضحة أو توجهها الفكري أو العقائدي.

أما على الساحة السورية، تستغرب هذه المصادر الدعم القوي الذي تحظى به "​جبهة النصرة​" أو ما يسمى "جيش الفتح"، في معاركهما ضد الجيش السوري، في حين تصنف إرهابية، من قبل الدول التي تُصَدِّر اللوائح العالمية، لا بل يتم السعي على مختلف الأصعدة لتحويلها إلى "معتدلة" مقابل رفضها التام لخيار فك إرتباطها بـ"القاعدة"، أما القوات الحكومية التي تخوض المواجهات معها على أكثر من جبهة تصنف "غير شرعية"، لا بل تصدر قرارات محاصرتها سياسياً ولوجستياً، وتقوم تلك الدول بدعم الفصائل التي تقاتلها وتدربها، لتظهر الأسلحة لاحقاً مع إرهابيي "النصرة".

بالإضافة إلى ذلك، يأتي التعاون مع حزب "الإتحاد الديمقراطي" الكردي، الجناح السوري لحزب "العمال الكردستاني"، المصنف "إرهابياً"، إلا أن المصالح أجبرت التحالف الدولي على تقديم المساعدة له في المعارك الدائرة مع "داعش"، لا بل حتى فتح قنوات إتصال سياسية وأمنية معه على أعلى المستويات.

من ناحية أخرى، تعود المصادر نفسها إلى القرارات السابقة، الصادرة عن السعودية، بشأن جماعة "الإخوان المسلمين"، نتيجة الإختلاف معها حول الأحداث على الساحة المصرية بعد إسقاط نظام الرئيس السابق محمد مرسي، وتلفت إلى أن الجماعة تحولت نتيجة ذلك إلى منظمة "إرهابية" في الوقت الذي يقدم لها الدعم في أماكن أخرى، خصوصاً في اليمن وسوريا، وتشير إلى إتصالات تجري معها منذ أشهر للعمل على معالجة ما لا يزال قائماً من خلافات.

هذا الأمر لا ينفصل عن القرار السابق الصادر عن الإتحاد الأوروبي بحق "الجناح العسكري" في "حزب الله"، والسعي إلى إستمرار الإتصال معه على أكثر من مستوى، في حين أن الحزب أكد بأكثر من مناسبة أنه جسم واحد، واليوم يتم تسريب الكثير من الإشادات الأوروبية بدوره في سوريا بعد أن أصبحت الجماعات الإرهابية تقلق العالم.

على صعيد متصل، توضح المصادر المراقبة أن هناك قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي متعلقة بوضع كل من "النصرة" و"داعش"، لكن منظمة الأمم المتحدة تكتفي بتقاريرها إلى الإشارة إلى تعاون بعض الدول مع الجبهة من دون القيام بأي خطة عملية، فالدعم الإسرائيلي في الجنوب السوري واضح، وكذلك الدعم الإعلامي من خلال فتح المنابر لها لعرض مواقفها.

من دون التطرق إلى إتصالات بعض الدول مع هذه المنظمات الواضحة من خلال "المون" عليها في قضايا الخطف المتكررة، فإنّ معالجة مفهوم "الإرهاب" قد تكون العامل الأساس في مكافحته، خصوصاً أن هذا الأمر قد يساهم في تخطي الكثير من الحواجز.