من الواضح ان "حزب الله" و"تيار المستقبل" ملتزمان بالحوار حتى الرمق الاخير .. لا تشي المعطيات المتوافرة بأن هناك نية لدى اي منهما لتطيير الحوار او المساس به بعد ان اثبت هذا النوع من التواصل المباشر بين قطبي السنة والشيعة في لبنان فعاليته في تمرير بعض القطوعات الامنية بأقل ضرر ممكن.

ولكن، من المفارقات السياسية بأن لهذا الحوار اجندة بعناوين براقة سياسيا وامنيا انما غير قابلة للتصديق او التطبيق …فالحوار محط حديثنا لم يحقق بالحد الادنى اهدافه في تخفيف الاحتقان لا سيما في ظل الازمات التي تعصف بالمنطقة ، والحوار ذاته عجز حتى اللحظة عن تقريب المسافات بين الحزب والمستقبل بعيدا عن عيون عين التينة ، ولعل اكبر انجازات هذا الحوار وفقا لتاكيدات سياسي بارز في 8 آذار بانه تحول الى مجرد "لجنة امنية موسعة" وليست مصغرة على اعتبار ان بعض المتحاورين هم من الصف الاول ويمثلون قيادتهم تمثيلا مباشرا.

وبالتالي ، ليس عيبا القول وفقا للسياسي بأن وظيفة هذا الحوار الاساسية والنهائية في بعدها المحدود لا تتعدى كونه مجرد جلسة للتشاور والكلام واللقاء فقط ... وعليه، من غير المرجح ان تؤثر اية تطورات محلية او اقليمية بشكل مباشر عليه ، في حين ان اكثر الاحتمالات تشاؤما هي تأجيل الجلسات.

ولكن ابعد من ذلك ، يمكن الاشارة الى نقاط عديدة قد تمثل الثقل الحقيقي والبعد المنشود من وراء استمرار هذا "الحوار ":

اولا : ان مراهنة تيار المستقبل بشكل او بآخر على استمرار الحكومة يرتبط باعتقادهم برغبة "حزب الله" في الحفاظ عليها وبالتالي عدم مجاراة حليفه "رئيس تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون او غيرة في شل عملها نهائيا ربطا بملفي التعيينات ورئاسة الجمهورية..وهذا يعني ابقاء الخط مفتوحا مع الحزب للاخذ والرد والمساعدة في تهدئة اندفاعة الجنرال.

ثانيا : ان حرص "المستقبل - حزب الله" على استمرار الحوار والحكومة قد يشكل مدخلا للتفاهم على التعيينات الامنية او بالحد الادنى ايجاد صيغة خلاقة لتمرير هذا الملف، وفي هذا السياق يمكن التاكيد نقلا عن الطرفين رغبتهما في ايصال العميد شامل روكز لقيادة الجيش اللبناني "اليوم قبل الغد" ولكن المشكلة تتعلق بعدم موافقة المستقبل على السير بهذا التعيين الا اذا تخلى

الجنرال عون عن رئاسة الجمهورية، يضاف الى هذا الكلام معلومات شبه موثوقة عن سعي "اقليمي-عربي" مشترك لاتمام التعيينات في حينها، بالمقابل يجزم السياسي بأن 8 آذار ستتجه للتصعيد مباشرة اذا حاول البعض الفصل بين تعيينات قيادة الجيش وقوى الامن الداخلي.

ثالثا : يدرك تيار المستقبل جيدا بأن حزب الله لن يكون المبادر لايقاف الحوار، ورغبته هذه نابعة من المسلمات التي ينادي بها لجهة مد اليد للجميع للتفاهم، وفي المقابل يدرك حزب الله جيدا بان المستقبل بما يمثل عربيا يريد الحوار وفي حال اوقفه فهو لن يكون في وجه الحزب انما في وجه الاميركي.

رابعا: يمكن الجزم بأن هذا الحوار يشكل بالنسبة للاميركي والاوروبي الغطاء المناسب للحفاظ على الاستقرار النسبي في لبنان ، كما انه يعتبر البديل المناسب لتغطية الخلل في المؤسسات من رئاسة الجمهورية الى الحكومة ومجلس النواب.