شرُّ البليَّة ما يُضحِك، لكن شرُّ بعض مقررات مجلس الوزراء، ما يُبكي كما يقول أحد الوزراء الظرفاء الذي يبتسم حين يستمع إلى القرارات الثلاثة الأُوَل في كلِّ جلسة لمجلس الوزراء، وهي القرارات التي يمكن أن تُطلَق عليها تسمية الثوابت التي من دونها لا يُتَّخذ أيُّ قرار.

***

في الجلسة الأخيرة، أول من أمس الخميس، تُليت المقررات الرسمية التالية:

أولاً:

الموافقة على نقل بعض الإعتمادات من احتياطي الموازنة العامة إلى موازنة بعض الوزارات للعام 2015 على أساس القاعدة الإثنتي عشرية.

ثانياً:

الموافقة على قبول هبات مقدمة من بعض المؤسسات أو الأشخاص لصالح بعض الوزارات أو الإدارات.

ثالثاً:

الموافقة على طلب بعض الوزارات المشاركة في بعض المؤتمرات والإجتماعات خارج لبنان.

***

يقول الوزير الظريف الذي لا يحبُّ السفر، واستطراداً لا تنطبق عليه مفاعيل القرار الثالث الذي يقضي بالموافقة على طلب بعض الوزارات المشاركة في بعض المؤتمرات والإجتماعات خارج لبنان:

أصلاً هذا القرار هو للترضية، فبعض الوزراء يعتمدون النكد في مناقشاتهم فيُصار إلى شراء نكدهم بإرضائهم بالموافقة على طلباتهم بالسفر، وبالتأكيد على حساب خزينة الدولة، مع أنَّ ليس هناك من مؤتمر أو إجتماع خارج لبنان يستحقُّ الصرف عليه قرشاً واحداً لأنها مؤتمرات واجتماعات لا تُقدِّم أو تؤخِّر بل تتسبب في إهدار فلس الأرملة في خزينة الدولة.

***

دليل الوزير الظريف إلى ما سبق، أنَّ أيَّ وزيرٍ لا يُقدِّم، بعد عودته من أيِّ رحلة في الخارج، أي تقرير إلى مجلس الوزراء عن المؤتمر الذي شارك فيه والتأثير الذي حققه لتأتي مقررات هذا المؤتمر لمصلحة لبنان، كلُّ ما في الأمر أنَّ بعض الوزراء يريدون السفر والسياحة والترويح عن النفس، ليس من جيوبهم بل من خزينة الدولة، فإلى متى ستستمر هذه اللازمة المقيتة؟

الجواب عن هذا السؤال ليس سهلاً ولا بمتناول اليد، فالصيفية في أولها وبعض الوزراء يريدون تمضية العطلات في الخارج، ولهذا استعجلوا الإستحصال على قرارات من مجلس الوزراء للمشاركة في مؤتمرات واجتماعات في الخارج.

***

ثم هناك سبب آخر للإستعجال، فجلسةُ الإثنين المقبل قد تكون من الجلسات الأخيرة لمجلس الوزراء لأنَّ هناك بندين ما زالا عالقين ويُخشى من أن يؤديا إلى إطاحة الجلسات، وهما بند عرسال وبند تعيينات القادة الأمنيين. إحتاط وزراء السفر لهذا الأمر فطلبوا الإستعجال في بتِّ طلبات المشاركة في مؤتمرات في الخارج ليقوموا بهذه المهمات في حال عُلِّقت الجلسات، أليس هذا بُعدُ نظر؟

وحبذا لو أنَّ بُعد النظر هذا ينطبق على الأمور الحيوية والملحة التي تهمُّ المواطن.

***

حبَّذا لو أنَّ رئيس الحكومة يطلب من الوزراء تعليق المشاركة في مؤتمرات الخارج التي لا منفعة عامة منها، أليس التوفير على الخزينة موازياً لإدخال أموال إليها؟