خلال الايام الماضية عبّر رئيس الحكومة تمام سلام امام زواره عن نيته بدعوة مجلس الوزراء الى جلسة لاستئناف دورة العمل الحكومي لكنه ترك موعد الجلسة معلقاً بين هذا الخميس والخميس المقبل وفق مصادر وزارية بارزة في 8 آذار . لكن حتى الساعة لم يعرف ماذا استجد امس حتى يبادر سلام للدعوة الى جلسة بعد غد وهو كان يستنفد كل الطرق للوصول الى اتفاق لعقد جلسة اقله قبل عيد الفطر وعلى مقربة ايام من عطلة العيد؟

وتؤكد هذه المصادر الوزارية انها التقت الرئيس سلام منذ ايام وبعد لقاء الاخير رئيس مجلس النواب نبيه بري والذي جرى فيه بحث دورة العمل التشريعي واستئناف العمل الحكومي وتم إفراد مساحة من اللقاء لمناقشة الملف النفطي وحتمية إنعقاد مجلس الوزراء لإصدار مرسومي تلزيم البلوكات النفطية. ووضع بري سلام في أجواء اتصالاته التي اجرها خلال الشهرين الماضيين وشملت الاميركيين والاوروبيين بعد المعلومات التي وصلت اليه من دوائر دبلوماسية وتفيد بأن العدو قد بدأ فعلاً مرحلة السطو المبرمج والممنهج على مخزونات الغاز الطبيعي في البلوكات 8 و9 و10 الواقعة على الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وتشير المعلومات الى ان العدو باشر سلسلة اتصالات مع شركات لتلزيم حقوله واستخراجها وتصديرها وتسويقها وبيعها الى بعض الدول الاوروبية!

حصيلة المشاورات التي اجراها الرئيس بري اثمرت عن لجم المغامرة الصهيونية لا سيما انه ابلغ الاميركيين والفرنسيين ان المباشرة بالعمل في حقل "كاريش"، يعني ان العمل ايضاً في حقل "تامار" سيمس بمخزون البلوكات الثلاثة وهذا يعني ايضاً في قاموس المقاومة انه اعتداء على السيادة البحرية وعدوان موصوف على لبنان ويحتم رداً قاسياً لردعه، وبالتالي حقل تامار سيكون من ضمن اهداف المقاومة الصاروخية.

ووفق المصادر نفسها فإن الاتفاق على ضرورة إنعقاد مجلس الوزراء لاصدار المرسومين هو حاجة وطنية ملحة ولا يمكن تأجيله اكثر والتمادي في تعطيل الجلسات ايضاً يعرقل إقرار المرسومين لكن المصادر تستدرك بالقول ان الانعقاد يستوجب الاتفاق على بنود جدول الاعمال قبل الدعوة الى الجلسة لان منذ شغور الرئاسة الاولى حصلت ازمتان حكوميتان، الاولى وهي التي توصلت القوى السياسية الممثلة في الحكومة من بعدها الى آلية التوقيع الجماعي على المراسيم والاجماع على القرارات، والثانية التي انتهت بكبح جماح "النزعة الفردية" للوزراء وتحويلها الى "فيتو" غير صالح للاستعمال الا في القرارات المصيرية وعملياً لم يصدر من بعدها اي قرار يغير "خريطة" لبنان سوى بعض التعيينات المتفق عليها وبعض القرارات الادارية ومنها التمديد لبعض القيادات الامنية ولاقت اعتراضات وتحفظات تكتل التغيير والاصلاح.

وحتى الساعة ايضاً لم تعرف اهداف ومقاصد الرئيس تمام سلام من هذه الدعوة الحكومية الارتجالية مع التأكيد على صلاحيته في الدعوة الى الجلسات وحتى تحديد جدول الاعمال،حيث انه كان اول من أكد ثباته طوال 11 شهراً على التكليف وحسد على طول صبره واناته ومارس الحكم بالروية والتبصر وحافظ على عنوان "المصلحة الوطنية"، رغم بعض الشطحات من التفرد والعنتريات التي يقف وراءها بطبيعة الحال تيار المستقبل والرئيس فؤاد السنيورة.

وإذا كان الرئيس بري قد منح "بركته" كـ"شيخ المجلس النيابي" وناظم العمل الدستوري في البلاد بحكم موقعه فلا يمكنه مقاطعة جلسات الحكومة على غرار جلسات التشريع والانتخاب الرئاسي، الا انه لا يعني انه يمكن لسلام الذهاب بعيداً في تجاوز التيار الوطني الحر وحزب الله والمردة والطاشناق اي باقي مكونات فريق 8 آذار وحلفاء التيار البرتقالي. فمن تريث اسابيع ثلاثة يمكنه ان يتريت مزيداً من الوقت وليس من باب النكاية او التعطيل لان احداً لا يريد وقف العمل في المؤسسات، لكن هذا الانتظام في الحكومة يجب ان يواكبه انتظام في عمل المجلس التشريعي فمنذ ان خسر تيار المستقبل رئاسة الحكومة في العام 2011 لمصلحة نجيب ميقاتي وهو يمارس لعبة التعطيل وإغلاق مجلس النواب بالشمع الاحمر ولم يبق وسيلة الا وحوصرت فيها الحكومة من الشارع الى المؤسسات الى المرافق الخدماتية والوزارات التي يسيطر فيها تيار المستقبل.

وعليه ان الغيرة والحمية على انتخاب الرئيس وانتظام المؤسسات يجب ان يكون سائداً في كل المرافق والمؤسسات الامنية فمن يريد إنتخاب الرئيس لا يتمسك بسمير جعجع ويفرض شروطاً تعجيزية. ومن يريد إنتظام مجلس النواب لا يعطل التشريع ويزايد على المسيحيين بربطه بانتخاب الرئيس وقس على ذلك.

وبناء عليه تؤكد المصادر ان مهما كانت مقاصد هذه الدعوة ولو حملت عنوان إقرار المراسيم البحرية او الضغط على العماد ميشال عون وإحراجه امام المقاومة وجمهورها في قضية سيادية ووطنية كالاعتداء الصهيوني على ثرواتنا وحدودنا البحرية، فلا يمكن ان تكون من جانب واحد فلا تكتل التغيير والاصلاح في "جو" هذه الجلسة ولا حتى حزب الله اللذان يؤكدان انهما لم يتبلغا رسمياً بأي موعد لجلسة وما هي البنود التي ستناقش؟ وهل ما زال جدول اعمال الجلسة الاخيرة قائما بما فيه قرارا التعيينات وانتشار الجيش في عرسال وتحرير جرودها؟

حتى الساعة لا شيء واضح، غير ان تمام سلام ومن ورائه تيار المستقبل يغامران ورميا صاعق التفجير ومشيا!