مرّت أكثر من عشرة أيام على بدء ​شهر رمضان​ المبارك في ​مدينة النبطية​ والمنطقة وسط تعبد وروحانية تضفي بظلالها الودودة على الميزة التي تطبع النبطية بقالب روحاني طيلة الشهر المبارك بإشراف مباشر من إمام ومفتي النبطية الشيخ عبد الحسين صادق الذي يؤم المصلين خلال الليل (فترة الافطار) في حسينية المدينة، فيما لازم صوت مدفع الافطار اسماع المواطنين في المدينة الذين يستفيقون على السحور على صوت "المسحراتي"، الذي يردّد فجر كل يوم "اجا رمضان يزوركن، قوموا على سحوركن".

الزينة ظهرت بأبهى حللها على الحسينيات والجوامع في النبطية وفي الطرقات العامة والاحياء فضلا عن الفانوس الرمضاني المرفوع على مدخل النبطية وطوله 18 مترا، والاجراءات الامنية التي بدأت بداية شهر الصوم ما زالت على نفس الوتيرة على ان ترتفع في الاسبوعين الاخيرين من الشهر الفضيل لتواكب فتح المحلات التجارية خلال الليل، وكذلك عادت مآدب الافطار السياسية هذه السنة وان افضل مما كانت عليه في السنوات الماضية لتعطي زخما في التواصل وتظهر ان رمضان هو شهر الخير والرحمة.

الكل يجمع على ان الاسعار للسلع والمواد الرمضانية ما زالت كما كانت عليه قبل بدء الشهر الرمضاني والسبب هو اغراق الاسواق المحلية بهذه المواد نتيجة عدم القدرة على تصديرها نظرا للوضع الاقليمي المتفجر والمحيط بلبنان ما ابقى الاسعار دون رفعها كما العادة مع بدء الصوم.

مآدب رمضانية وزينة ودعاء...

"النشرة" التقت في النبطية عددًا من المخاتير والمواطنين والفاعليات الاقتصادية والنقابية، حيث لفت مختار كفررمان علي شكرون إلى سهل موجود في البلدة اسمه "سهل الميذنة"، وهو غني بالمزروعات والخضار، وهو يكفي حاجة البلدة للاستهلاك المحلي، "لذلك لم نشعر برفع أيّ من أسعار الخضار في هذا الشهر". وأشار الى أنّ زينة رمضان بدت جلية الحسينية والجوامع في البلدة التي يسكنها الهدوء نهارا لتصخب بالدعاء بعد نهاية كل يوم رمضاني وهو ما تمتاز به بلدة كفررمان.

أما مختار مدينة النبطية علي صباح، فلفت إلى أنّ الزينة في النبطية كما في صيدا والاجواء الرمضانية بادية في النبطية التي يستهل امامها الشيخ عبد الحسين صادق مساء كل يوم رمضاني بلقاء مع اهل المدينة يتميز في الحسينية بالدعاء الى الله في هذا الشهر المبارك، مؤكدا ان الاسعار لم تتغير وان المبيع خفيف لان المواطن يفضل شراء حاجياته لكل يوم نظرا للوضع الاقتصادي الصعب.

وقال ان النبطية تتميز بالمآدب الرمضانية (الافطارات للفقراء) مساء كل يوم والتي يقيمها الشيخ صادق كما ان اسعاف النبطية وبتوجيه من الشيخ صادق يوزع يوميا وجبات ساخنة على الفقراء والمحتاجين الى بيوتهم في الاحياء والحارات، مؤكدا ان هناك مساعدات تصل الى هؤلاء الفقراء من حسينية النبطية ومن "حركة أمل" و"حزب الله" ومن النائب ياسين جابر ومن عدد من الميسورين، مشيرا إلى ان الاجراءات الامنية نهارا وليلا في المدينة قائمة على قدم وساق من خلال الدوريات والحواجز لقوى الامن الداخلي والجيش.

ويشاطر يوسف بدر الدين "ابو حمزة" وهو من مدينة النبطية ما قاله الصباح ويضيف: "نعم توجد بهجة رمضانية في النبطية وروحانية ايمانية تميز هذا الشهر من خلال ارتياد المؤمنين الجامع والحسينية وقراءة الادعية وراء الشيخ صادق، كما ان الاجراءات الامنية ممتازة والاسعار مقبولة وهناك توزيع مساعدات على الفقراء، واطعام اكثر من 100 فقير يوميا في النادي الحسيني في النبطية".

مختار كفرصير اسامة قميحة أكد من جهته أنّ الوضع الاقتصادي صعب لأنّ الموارد مفقودة، وقال: "بالكاد المواطن يشتري وياكل"، مشيراً إلى ان هناك اجراءات امنية حول المساجد منها وضع حواجز اسمنتية وحديدية ومنع الدراجات النارية من السير ليل كل يوم رمضاني.

وفي النبطية الفوقا قال مختارها خالد العزي أنّ الجوامع مزينة والاسعار عادية، وقاطعه المواطن محمد عيد من نفس البلدة قائلا "الناس عايفة الله"، وهي تصرخ ولا من مجيب، إذ يتفاوت البيع بين تاجر واخر ومنهم من يبيع اربع ضمات بقدونس بالف واخر يبيع الضمة الواحدة بالف، متسائلاً "أين الرقابة؟"

الرقابة غائبة..

في غضون ذلك، أكد رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في محافظة النبطية حسين وهبي مغربل لـ"النشرة" أنّ موضوع الغلاء له قسمين، الاول قسم استيراد والثاني قسم تصدير، وعندما كانت الحدود مفتوحة كان يأتينا العديد من المستوردات من الخضار والفواكه وغيره من الاردن، لكن هذا الخط تم اقفاله لاسباب امنية والكل يعلم ذلك ما انعكس سلبا على الاسعار في هذه المنطقة، موضحاً أنّ عدم التصدير من لبنان للخضار والفواكه في هذه الفترة انعكس سلبا على الوضع العام، فهناك من يرى ان الخضار والفواكه انخفضت اسعارها ومنهم من يرى انها ارتفعت اسعارها، لافتاً إلى غياب كلي لمراقبة الاسعار من قبل جمعية حماية المستهلك التي من المفترض ان تضبط هذا الوضع في هذا الظرف الدقيق وفي ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها جميع المواطنين وخاصة العمال والفقراء، وقال: "عندما كنا نتكلم عن صحن الفتوش كان هو طعام الفقراء، لكنه اصبح اليوم طعام الاغنياء ولا يستطيع اي فقير ان يؤمن المواد الاساسية لاكمال صحن الفتوش، ولذلك نطلب وامام هذا الوضع من السلطات المعنية ولا سيما وزارة الاقتصاد وجمعية حماية المستهلك والبلديات صاحبة الدور الكبير السهر على هذه الرعاية الاقتصادية لضبط الاسعار".

اما بخصوص الوضع الامني فقال مغربل أنّ الوضع الامني جيد جدا ولا يوجد اي ثغرات امنية نهائيا على الاطلاق، وشهر رمضان قد انعكس على المواطنين في التراحم والتودد فيما بينهم.

فانوس رمضان أيقونة النبطية

بدوره، أكد رئيس جمعية تجار محافظة النبطية والجوار وسيم بدر الدين لـ"النشرة" ان هناك ارتفاعا طرأ في شهر رمضان على الاسعار، وطالب وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك بتعزيز اجهزة الرقابة والتفتيش واتخاذ التدابير الصارمة بحق المخلين ووضع سقوف على ارباح السلع الاساسية والمواد الغذائية والحياتية، خصوصاً أنّ بعض التجار وبائعي السلع الاساسية والاستهلاكية على انواعها يعمدون في شهر رمضان عادة لزيادة الاسعار وارهاق الصائمين.

ووصف الاجواء الروحانية بالنبطية بالجيدة خاصة النشاط الذي يقيمه امام النبطية الشيخ عبد الحسين صادق وهو الدعاء في الحسينية مع اجواء البهجة و الفرحة والزينة الموجودة التي ارتفعت بالتعاون بين جمعية التجار وبلدية النبطية والشيخ صادق، وقال: "نحن كجمعية وللسنة الرابعة على التوالي بالتعاون مع البلدية، رفعنا فانوس رمضان الذي اصبح ايقونة النبطية، الفانوس صنف انه اضخم فانوس مضاء في العالم، علماً أنّ هناك فوانيس اطول منه 23 مترا في اليمن والسعودية لكنها فوانيس غير مضاءة، اما الفانوس هنا فطوله 18 مترا ونصف وهو مضاء وهو معلم من معالم النبطية".

وبخصوص الاجراءات الامنية في النبطية، قال بدر الدين أنه اتفق مع البلدية على زيارة مشتركة للمسؤولين الامنيين لانه عادة في النصف الثاني من رمضان تفتح المحلات التجارية ابوابها ويخرج الناس للتجول في الاسواق والتبضع والشراء، وحفاظا على استتباب الامن والاستقرار ستكثف القوى الامنية من دورياتها والمراقبة الامنية لحفظ أمن المواطنين.

وقال ان الدعوات الى الافطارات كانت خفيفة هذه السنة كالسنوات السابقة، والملاحظ ان التعاضد الاجتماعي من بعض ابناء المدينة الميسورين يقومون بتوزيع المساعدات النقدية والغذائية على الفقراء وهي تخدم المجتمع، "ونشجع هذه الظاهرة للتعاضد بين ابناء البلد والوطن الواحد".

واشار بدر الدين انه قام بجولة على المطاعم والمقاهي والمنتزهات وتبين له انه في الاسبوع الاول كانت حركة ارتيادها خجولة والناس تبدأ بارتياد المطاعم والمنتزهات في النصف الثاني من رمضان، وهو ما يؤدي الى انتعاش اقتصادي ويعزز الحركة الاقتصادية والدور السياحي ليلا لهذه المنتزهات في هذا الموسم الذي نأمل ان يكون واعدا.