الباجي قائد السبسي، الرئيس التونسي، حَمَل أمس أعوامه التسعة والثمانين ونزل إلى الأرض، جال على بعض المطاعم والمقاهي، حيَّا الناس، صافحهم، تحادث مع السياح أو مَن تبقَّى منهم في تونس.

الرئيس الذي شارفت أعوامه على التسعين، يُضطر إلى النزول شخصياً إلى الشارع، في محاولةٍ منه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من موسم السياحة بعدما رُفِعَت إليه تقارير مرعبة في أرقامها ومعطياتها عن عدد السياح الذين غادروا جماعياً تونس، وعن عدد الطائرات التي خصَّصتها الدول، ولا سيما تلك التي لديها سياح في تونس، لإجلائهم بالسرعة القصوى.

وفي اختصار، ضُرِب الموسم في تونس، ولا قيامة له لأنَّ الضربة تكاد أن تكون قاضية، وقبلها كانت تونس تحاول أن تنسى الضربة السابقة في أحد متاحفها، لكن ضربة الأمس جاءت قاضية، وتمثَّل هذا الجو المكفهر في ازدحام مطار جربة جرجيس الدولي في منطقة سوسة التونسية بالطائرات لترحيل السياح وهم من جنسيات إنكليزية وبلجيكية والمانية وفرنسية وغيرها.

وما تعانيه تونس، تعانيه مصر وقبلها العراق ومعها سوريا، ومعظم الدول التي تعيش وتعتاش من السياحة، وما حصل ويحصل فيها جرائم إرهابية موصوفة، وهي دائماً في سباق مع نفسها ومع الدول الأخرى ومع الوقت، للقيام من المستنقع التي هي فيه.

لبنان يحاول أن يستثني نفسه:

الجيش اللبناني يقوم بأقصى قدرته في مهامه لتثبيت الوضع الأمني وإيجاد البيئة الحاضنة للحفاظ على الحد الأدنى من إنجاح موسم السياحة والإصطياف في كافة الربوع اللبنانية. هو يقوم بذلك بالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي حيث وزير الداخلية يسهر على الإنجازات المحققة سواء بالخطط الأمنية أو بوضع حدٍّ لِما جرى في السجن المركزي في روميه.

هذا الوضع المقبول ليس هناك من لبناني إلا ويتمنى أن يستمر، وما من لبناني إلا ويتضرَّع ليلاً ونهاراً من أجل أن يمرَّ فصل الصيف وموسم السياحة والإصطياف بهذا القدر من الإستتباب والإستقرار، ويُفتَرض بالجميع:

مواطنين ومسؤولين، كل من موقعه، أن يقوم بما عليه من أجل تثبيت هذا الوضع.

ولكن هل الجميع على هذا المستوى من الوعي والإدراك وتحمُّل المسؤولية؟

لو كان الأمر كذلك لما كانت بعض المواقع ووسائل التواصل الإجتماعي ومعها بعض وسائل الإعلام، تتسابق للحديث عن توقيف شخصين في طرابلس كانا يُعدَّان لتفجيرٍ في بيروت.

في منتصف رمضان المبارك، وعلى اعتاب بدء المهرجانات السياحية في مختلف المناطق والربوع اللبنانية، ومع استعداد الكثير من المغتربين للمجيء إلى لبنان، يخرج مَن يتحدث عن إعداد متفجرة لتفجيرها في بيروت! الذين أفشوا بهذا السر، ماذا يريدون أن يقولوا للناس؟

يريدون أن يقولوا للمقيمين:

لماذا أنتم باقون؟

ويريدون أن يقولوا للمغتربين:

لا تأتوا!

وحتى لو كان الخبر صحيحاً، وفي مرحلة التحقيقات الأولى، فما هي القيمة المعنوية والسياسية والأمنية من جراء هذا الخبر؟

بربِّكم، إرحموا البلد، خفِّفوا من هذا النوع من النشر والتعميم، البلد يحتاج إلى هذه الشهور من الإستقرار فهل هكذا توفرونها له؟

يحتاج البلد إلى الكلمة الحلوة والمسؤولة والواعية لا إلى هذا النوع من النشر والتسريب الذي لا يؤدي إلا إلى البلبلة وهي عدوة الإستقرار والسياحة.