مؤشرات إيجابية داخلياً وخارجياً شجعت الرئيس سلام على الدعوة لعقد جلسة الغد

صحيح أنه لم تظهر إلى العلن أية ملامح تسوية سياسية حملت الرئيس تمام سلام على توجيه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء يوم غد الخميس، غير أن ذلك لا يعني أن هذه الدعوة جاءت من عنديات رئيس الحكومة من دون أن يكون متكئاً على شيء ما يحصّن هذه الدعوة التي من شأنها أن تنتشل مؤسسة مجلس الوزراء من مربع الشلل والتعطيل.

وبغضّ النظر عمّا سيكون عليه مسار الجلسة في ضوء تمسك كل فريق بموقفه من التعيينات العسكرية، فإن مجرّد عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد يُريح الساحة الداخلية ويُبعد عن السلطة الثالثة شبح التعطيل الذي يضرب بالعديد من المؤسسات طولاً وعرضاً وفي مقدمة ذلك رئاسة الجمهورية.

وفي هذا السياق تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس سلام تلقى يوم السبت الفائت جرعة دعم قوية من الرئيس نبيه برّي الذي التقاه في عين التينة، حيث ضمن رئيس الحكومة من خلال مواقف رئيس المجلس ميثاقية أي جلسة، وهو ما قوّى قلبه بعدما كان قد ضمن الدعم الخارجي، إذ أن عدداً من الدول على المستويين الاقليمي والدولي قد أسدت النصائح للرئيس سلام بضرورة عدم الذهاب أبعد في انكفاء مجلس الوزراء عن الانعقاد لأن ذلك يعود بالضرر الكبير على لبنان على كافة المستويات، وهو ما اعتبره رئيس الحكومة مظلة إضافية تجعله في مأمن في حال دعا إلى جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يكون قد وجد حلاً لمشكلة التعيينات العسكرية التي يطالب وزراء العماد ميشال عون بإدراجها كبند أوّل على جدول اعمال مجلس الوزراء.

وإذا كان الرئيس سلام قد ضمن الميثاقية من خلال مواقف برّي، والاستمرارية من خلال التطمينات الدولية، فانه سيُبقي مشرعاً الأبواب للحوار وصولاً لحل الخلاف الذي تسبب بتعليق جلسات مجلس الوزراء ثلاثة أسابيع متتالية، وهو لذلك سيجري مروحة من الاتصالات الجديدة علَّ وعسى يصل مع محاوريه إلى ابتداع صيغة تحافظ على التماسك الحكومي وتجعل الأمور تمشي بشكل طبيعي ووفق الأصول، وهو ينطلق بهذا المسعى من منطلق المتوجس خيفة من الوضع الاقليمي المتفجر حولنا، ولذا سيذهب حتى النهاية في المساعي إلى ان يصل إلى مكان يصبح فيه الكيّ آخر الدواء.

وفي رأي المصادر، أن الرئيس سلام قام بما يمليه عليه الواجب في هذا الظرف الخطير ووجه الدعوة لانعقاد مجلس الوزراء وهو بذلك وضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية ومن يتخلف أو يؤدي سلوكه داخل الجلسة إلى تطييرها أو فرملة عمل مجلس الوزراء يتحمل المسؤولية أمام الرأي العام الذي لم يعد قاصراً، وهو يُميّز بين من يدفع بعجلة الحكومة الى الأمام وبين من يضع العصي في الدواليب.

وتعتبر المصادر أن جميع مكونات الحكومة يعون هذه الثابتة، ومن هذا المنطلق فإن أي فريق سيدرس أي خطوة سيقوم بها لكي لا تأتي ناقصة ويتحمل وزرها وهو ما يعوّل عليه الرئيس سلام في انبعاث الروح مجدداً إلى مجلس الوزراء في هذه الظروف الحالكة على كافة المستويات.

وتربط المصادر بين عودة الحيوية على الخط الحكومي وبين عودة السفير الأميركي ديفيد هيل إلى لبنان بعد إجازة قصيرة إضافة إلى عودة الحديث عن مناخات إيجابية تسيطر على محادثات فيينا بشأن الملف النووي، لا سيما أن رئيس الدبلوماسية الإيرانية محمّد جواد ظريف ألمح إلى إمكانية التوقيع على اتفاق بشأن هذا الملف بعد انتهاء المحادثات بشأنه، وهو ما يعني أن قطار التسويات في المنطقة قد ينطلق في أية لحظة في حال وصلت الامور إلى الخاتمة السعيدة، ولم تفعل شياطين التفاصيل فعلها في آخر لحظة.

وتجزم المصادر السياسية بأن الرئيس سلام لم ينطلق في دعوته مجلس الوزراء للانعقاد من فراغ، ولو لم يكن قد تلقى إشارات ما شجعته على الإقدام على هذه الخطوة التي إن لم تكن مستندة على معطيات قوية وحاسمة من شأنها أن تنسف الحكومة، وبالتالي ندخل في أزمة سياسية غير معروفة النتائج في ظل الاحتقان الموجود في لبنان والمنطقة.

وألمحت هذه المصادر إلى إمكانية الوصول إلى تفاهم على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بغض النظر عن الوزراء الذين يرفضون التشريع في ظل الشغور في موقع رئاسة الجمهورية كون أن الظروف الاقتصادية والمالية تفرض نفسها، إذ أن هناك العديد من المشاريع التي تتعلق بقروض مالية قد دخلت دائرة الالغاء في حال لم تقر في مجلس النواب، وهو ما ينعكس سلباً على لبنان، إضافة إلى العديد من المشاريع واقتراحات الثوابت الضرورية على المستوى الحياتي والمعيشي.

وترفض المصادر التكهن بما ستؤول إليه الجلسة غداً، معتبرة أن الأمور مرهونة بأوقاتها، وأن الساعات المقبلة ستشهد مزيداً من الاتصالات والمشاورات لاحتواء الأزمة الموجودة، خصوصاً من جهة الرئيس برّي الذي دعا أمام زواره ليلاً إلى العودة للكتاب والدستور بحيث ان جلسة مجلس الوزراء تنعقد طالما النصاب متوافراً، ويصوت على القرارات التي تحتاج إلى تصويت بالنصف زائداً واحداً.

ويلفت الرئيس برّي النظر إلى أن القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء لا تحتاج مراسيمها إلى توقيع كل الوزراء بل هناك آلية دستورية بحجب الاعتماد عليها وتقضي بأن يوقع الوزير أو الوزراء المختصين مع رئيس الحكومة عليها.

وفي ما خص الدورة الاستثنائية لمجلس الوزراء يُؤكّد الرئيس برّي انه اتفق والرئيس سلام على فتحها، لأن ذلك لا يأتي من ضمن ما تنص عليه المادة 65 من الدستور، مع تشديده على انه إذا فتحت هذه الدورة سيواظب على الدعوة إلى عقد جلسات تشريعية لأن هناك مشاريع قوانين استجدت من آخر جلسة لهيئة مكتب المجلس ولا يجوز ان يبقى وضع الدولة معطلاً وهو لم يعد يحتمل.

ويقول انه إذا تأمن في الجلسة التشريعية النصاب وأن هناك غياب البعض من المكون الطائفي وحضر البعض الآخر فإنه سيمشي في الجلسة لأن البلد لم يعد يتحمل التعطيل.