في مصر تفجيرٌ إرهابي، قبله في تونس مذبحة إرهابية، قبلها في الكويت إنتحاريٌ إرهابي، أما في سوريا والعراق فنهر دماء جارٍ لا يأخذ هدنة.

أما في لبنان فجدالٌ حول جلسةٍ لمجلس الوزراء!

نعم، هذه هي اهتمامات التركيبة السياسية.

***

مصر انتقلت إلى صلب الموضوع مع دخولها مرحلة الإغتيالات السياسية بطريقة مفجعة وكبيرة تمثَّلت بالسيارات المفخخة، واستهدفت هذه المرة النائب العام المستشار هشام بركات، الذي يوصَف بأنَّه من أشرس محاربي الإرهاب في مصر، لِما لدوره البارز والصاعق في مواجهة التطرف منذ تعيينه في منصبه بعد حزيران 2013، وللمصادفة فإنَّ اغتياله جاء في الذكرى الثانية لتعيينه، ما يعني أنَّ الجناة ليسوا فرداً وإنَّ مواجهتهم مع النظام المصري ستكون شرسة ومن دون ضوابط، هكذا ستنشغل مصر بقضاياها بعدما دخلت في مرحلةٍ جديدة.

***

الكويت عرفت كيف تتجاوز القطوع، بعدما حوَّلت المجزرة الإرهابية إلى مناسبةٍ للوحدة الوطنية، وهذا بفضلِ وعي حكامها، لقطع الطريق على تمادي الإرهاب في جرائمه ومذابحه.

***

إنهماك آخر يطال هذه المرة لبنان مباشرة:

ثلاث معارك في سوريا تبدو أنَّها كالقَدر الذي لا مفرَّ منه، وإنها آتية لا محالة وفي القريب العاجل، فهناك معركة عرسال القلمون، وهناك معركة العاصمة دمشق وهناك معركة حمص. الإنعكاسات على لبنان ستكون تحت عنوان واحد، هو النازحون. في معركة حمص سيتدفق النازحون إلى الشمال اللبناني وربما نزولاً إلى جبل لبنان فبيروت، في معركة عرسال القلمون هناك مزيدٌ من النازحين أيضاً إلى البقاع.

بين الذين نزحوا في السابق، وبين النازحين الجدد قريباً، ما هو العدد المتوقَّع؟

إذا كان لدينا اليوم قرابة المليون ونصف مليون، فهل سيتضاعف العدد أم يتوقَّف عند المليونين ونصف المليون أو أكثر؟

وإذا كان لبنان غير قادر على استيعاب الموجات الأولى من النزوح فكيف سيتحمَّل الموجات اللاحقة؟

لا بأس، ما زال المسؤولون يفتشون عن عقد جلسة لمجلس الوزراء!

***

وحيث لا حروب ومعارك، هناك حروب ومعارك دبلوماسية من نوع آخر، إنَّها المعركة الحاسمة الجارية في سويسرا بين الغرب وإيران، التي يبدو أنَّ نهاية حزيران لم تكن نهاية المطاف بالنسبة إليها بل إنَّ التمديد سيكون مصيرها، وما على القوى في المنطقة سوى التعاطي مع التمديد كأمرٍ واقع، مع ما يعني ذلك من مزيدٍ من الإنتظارات.

أين يقف لبنان من كلِّ هذه المعطيات؟

يكتفي بتحديد موعد لعقد جلسة لمجلس الوزراء!

مؤسفٌ، المنطقة تعيد رسم توازن القوى بالحديد والنار والدماء، ونحن نلهو بترف تحديد موعدٍ لجلسةٍ جديدة لمجلس الوزراء.

مؤسفٌ بالفعل!