هل انتهى عصر اتفاق الطائف ؟وهل انتهت مدة صلاحيته؟ وهل بات غير مطابق للمواصفات؟ أسئلة فرضت، وبدأ الجميع بطرحها بعدما كثرالحديث عن تغيير مرتقب للنظام المعمول به حالياً في لبنان .خصوصاً عندما سقطت الحدود بين الكيانات وبعدما لاحت في الأفق كيانات طائفية لعدد من المذاهب وفق مصدر باحث استراتيجي.ففي لبنان كما يرى المصدر يتعاطى المعنيون والقيادات حيال الفراغ وعدم انتخاب رئيس بكثير من «الرخو» وبما يشبه اللامبالاة. ويبدو كأن الجميع ينتظر شيئاً ما أو مؤتمر تأسيسي جديد ليصار من بعده انتخاب رئيس يعمل من وحي الدستور الجديد. ويبقى السؤال: هل هذه السيناريوهات التي كثر الحديث عنها صحيحة وواقعية؟ أم أنها تحاكي فقط الفراغ الممل بانتظار قرار القوى الفاعلة إقليميا ودوليا. هذه الأجواء وتلك الأسئلة كانت مدار نقاش وحوار مع بعض الأوساط المطلعة على شؤون المنطقة. فهي بداية تطلب العودة إلى الأرشيف وتحديدا إلى وقائع مؤتمر سان كلو في فرنسا. هذا المؤتمر الذي عقد «عالسكيت» بعيدا عن الضجيج الإعلامي والتحليلات المرافقة لمثل هكذا مؤتمرات. ففي ذلك الوقت اتفق اللبنانيون الحاضرون، وكانت جميع القوى السياسية ممثلة على العيش المشترك تحت اية صيغة تؤمن لهم هذا العيش. وفي المؤتمر تمت مناقشة بعض الأوراق التي قدمت كمشاريع دستور جديد للبنان .

واكدت الاوساط ان الفرنسيين الحاضرين بصفة مراقب سجلوا الوقائع الوفاقية وكل شاردة في هذا المؤتمر وانتهوا إلى خلاصة أكيدة بأن الجميع متفق على ضرورة التغيير عبر مؤتمر تأسيسي يعيد صياغة العيش المشترك بين مختلف الشرائح اللبنانية على مختلف مذاهبها. وتعتبر الأوساط أن التطورات المتسارعة في المنطقة املت على الراعي الدولي لمؤتمر سان كلو تأجيل البدء بالإجراءات التطبيقية للتفاهم الذي ظهر فيه .

إذا، وفق الاوساط، لبنان على أعتاب مؤتمر تاسيسي بدأت تباشيره واضحة بالظهور عبر التصاريح عن الفيدراليات المنتظرة، عبارات باتت مألوفة على الأذن اللبنانية ولم تعد تشكل أي نشاذ في مفهومه الوطني. وتؤكد الأوساط المطلعة أن الرئيس العتيد المنتظر لا علاقة له بالشروط الموضوعة في ورقة النيات بين التيار الوطني والقوات. كما أن لا علاقة له بلقاء الموارنة الأقوياء في الصرح البطريركيّ. بل سيسارع النواب - حين تأتي الساعة - إلى إنتخاب رئيس لا لون سياسي له. محايد وسطي. لا علاقة له بالتمثيل الشعبي أو الجماهيري. وإلى المشككين من صحة هذه التوقعات عليهم العودة إلى لقاء البطريرك الماروني مع الرئيس الفرنسي في الايليزيه حيث فوجئ الراعي بصراحة هولاند حين قال: من أين جئتم بالرئيس القوي.. ففي لبنان لا أحزاب تحكم. بل تتم الأمور بالتوافق. هذا الكلام حمله الراعي إلى بيروت وايقن أن الرئيس الوسطي هو الرجاء المنتظر للخروج من الفراغ الرئاسي. وتؤكد الأوساط المطلعة صحة الحوار في الايليزيه وتعتبر أن اختيار قائد الجيش السابق ميشال سليمان رئيساً للجمهورية تم قبل ستة أشهر من نزول النواب إلى ساحة النجمة لانتخابه رئيساً. هذه الوقائع ادركها جيداً البطريرك الراعي وبات على يقين بأن على اللبنانيين أن ينتخبوا رئيسهم قبل أن يختار المجتمع الدولي لهم رئيساً.

وبمزيد من التفاصيل تشرح الاوساط المطلعة ان الرئيس الوسطي سوف يبدأ عهده بورشة التحضيرات للنظام الجديد الذي سيحاكي التغييرات الجغرافية المستحدثة في الدول المجاورة. بحيث أن ما حصل في العراق مثلاً من تقسيم على الأرض بين الأكراد والشيعة والسنة. لا يمكن أن لا تتأثر به الصيغة اللبنانية خصوصاً أن مقبل الأيام في سوريا يشير بتقسيم مشابه من خلال حروب تدار بعناية فائقة ترسم الحدود للمذاهب والأقليات بطريقة خبراء المساحة في الدوائر العقارية. وتنهي المصادر المطلعة كلامها لتصل إلى خلاصة بأن لبنان الذي نجا من الحريق المشتعل حوله في معظم دول الجوار لن ينجو من الخرائط الموضوعة سلفاً على قياس المذاهب والأقليات. خصوصاً أن لبنان البلد الوحيد الباقي وطناً للمسيحيين في ظل التهجير المتمادي لهم من معظم الكيانات التي عصفتها رياح الربيع العربي.