في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة والعالم، تحول لبنان، من وجهة نظر الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة ​سيغريد كاغ​، إلى خط الدفاع الأول عن أوروبا، في الحرب على الإرهاب، خصوصاً أن المؤسسة العسكرية تخوض مواجهات، شبه يومية، مع تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"، في الجرود الحدودية مع سوريا لناحية البقاع.

الهدف الأول، من الزيارة التي قامت بها كاغ، لمواقع الجيش المتقدمة في عرسال، هو الإطلاع عن كثب على الإجراءات المتخذة، بهدف منع الجماعات الإرهابية من التقدم باتجاه الداخل اللبناني، لا سيما أنها في طور الإعداد لتقرير ستقدمه إلى مجلس الأمن، يتعلق بالأوضاع اللبنانية على ضوء تنفيذ القرار الدولي رقم 1701، الصادر على خلفية عدوان تموز من العام 2006.

وفي حين يتوقع المسؤولون اللبنانيون أن تساهم زيارة الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة، في تسريع تسليح الجيش وتأمين احتياجاته، من قبل الدول الفاعلة، نظراً إلى أنها تؤكد ثقة المجتمع الدولي بالأجهزة الأمنية اللبنانية، التي تخوض حرباً كبيرة على الإرهاب، سواء كان ذلك على الصعيد الأمني أو العسكري، تطرح أوساط مطلعة في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، الكثير من علامات الإستفهام حول ما يجري، حيث ترى أن الدعم الدولي المنتظر لن يكون من دون ثمن، وتلمح إلى ما هو متعلق بتكرار قوى الرابع عشر من آذار دعواتها إلى نشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية.

بعيداً عن هذه الشكوك، تلفت هذه المصادر إلى أن الزيارات المتكررة التي يقوم بها دبلوماسيون غربيون إلى البقاع الشمالي لافتة، حيث يبدون رغبة قوية بالتعرف عن كثب على الأوضاع في تلك المنطقة، مع العلم أنها تعتبر ساحة عمليات عسكرية أساسية لـ"حزب الله"، الذي كان سباقاً لفتح المواجهات، مع "داعش" و"النصرة"، من الجانب الآخر للحدود بالتعاون مع الجيش السوري، ولا ترى أن من المصادفة فقط أن تأتي هذه الجولات في وقت يبدي الجانب الإسرائيلي قلقه من الخبرات التي يكتسبها الحزب على أرض المعركة.

في هذا السياق، تعتبر هذه المصادر أن المهم، في هذه المرحلة، هو التأكيد أن المجتمع الدولي لا يزال يريد الحفاظ على الإستقرار الداخلي، بعد التحولات التي شهدتها المدن الأوروبية المختلفة، في ظل إرتفاع خطر وقوع هجمات إرهابية في القارة العجوز، وتشير إلى أن الجميع كان يعلم أن الخطر التكفيري لن يتوقف عند حدود دولة معينة، خصوصاً أنه يكسب المزيد من الساحات يوماً بعد آخر، وتسأل: "هل يعلم سفراء الدول الغربية ما هي الأسباب الأساسية التي تسمح لهم بالوصول إلى النقاط الحدودية التي يزورونها من دون أن يشكل ذلك خطراً على حياتهم؟"، لتجيب: "أنه تدخل المقاومة المسبق في الحرب السورية لمنع شرارتها من الإنتقال إلى الأراضي اللبنانية".

وفي وقت من المستبعد فيه أن تعمد كاغ إلى الحديث عن دور الحزب، في تقريرها، باستثناء الإشارة إلى أن وجوده في سوريا يؤثر على الأوضاع الداخلية اللبنانية من الناحية السلبية، ترى هذه المصادر أن الكثيرين يريدون الإستفادة من إنجازات الحزب من دون توجيه الشكر له على الأقل، لا بل يذهبون إلى توجيه الإتهامات له والتحريض مذهبياً على أنصاره، وتلفت إلى أن عدم تدخل الحزب المبكر في المناطق الحدودية على الأقل، كان ليؤدي إلى خوضه المواجهات في الساحات التي يستطلعها ممثلو الدول الغربية حالياً، إلا أنها تشير إلى أن لا عتب على الأجانب إذا كان الشركاء في الوطن أصلاً لا يقدرون هذا الأمر، بل يعتبرون أن ما قام به الحزب هو الذي جلب على الوطن الويلات، مع العلم أن قيادات التنظيمات المتطرفة، لا سيما "كتائب عبدالله العزام"، كانت ناشطة في لبنان منذ ما قبل الأحداث السورية.

وتدعو هذه المصادر السفراء الغربيين، لا سيما الأوروبيين منهم، إلى التنبه إلى أن الجناح العسكري لـ"حزب الله"، الذي وضعوه على لائحة المنظمات الإرهابية مستثنين الجناح السياسي، رغم تأكيد الحزب أنه جسم واحد، هو شريك أساسي في معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تحمي خط الدفاع عن دولهم، والتي يرفض حلفاءهم اللبنانيون الإعتراف بها، وتضيف: "عليهم أن يضغطوا لتهدئة الخطاب السياسي المتشنج من أجل الحفاظ على الإستقرار الحالي".

إلى جانب ذلك، ترى هذه المصادر أن على الدول الأوروبية، في الأيام المقبلة، مراجعة سياستها الخارجية، خصوصاً بالنسبة إلى الأحداث السورية، حيث ساهمت هي بشكل مباشر أو غير مباشر في تعزيز نفوذ الجماعات الإرهابية، عبر إصرارها على رفض تشجيع الحوار بين الأفرقاء السوريين، والإصرار على إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد مهما كان الثمن، متجاهلة كل المعطيات التي أفرزتها الأحداث على مدى أكثر من 4 سنوات.

في المحصلة، لبنان أصبح من ضمن إستراتيجية الدفاع عن أوروبا، باعتراف ​الأمم المتحدة​، لكن هل يستطيع أن يقوم بواجبه كاملاً من دون أن يقدم المجتمع الدولي على تقديم المساعدات التي يحتاجها بأسرع وقت ممكن؟