هل تستلحق الكتائب نفسها وتسير في القطار المسيحي الذي استقله زعيما الرابية ومعراب قبل بضعة اسابيع تتويجاً لمصالحة معراب والرابية؟ وهل من خطوات من بكفيا الى الرابية وبالعكس ايضاً بعد محطات من الجفاء والاختلاف في السياسة وفي عدد من المواقف؟

التقى ميشال عون وسمير جعجع بعد ثلاثين سنة من الخلافات والمشاكسات وحروب الإلغاء تتويجاً لمسلسل اللقاءات والجلسات التي قادها النائب ابراهيم كنعان ومسؤوؤل التواصل والاعلام في القوات ملحم رياشي على مدى 270 يوماً. فالجنرال والحكيم التقيا بعد سنوات من الخلاف على النظرة السياسية والسلطة وزعامة الشارع المسيحي وعلى كل شيء مسقطين كل التوقعات والمراهنات بان لا يحصل اي لقاء او تطور في العلاقة بين زعيمين تنافسا وتقاتلا بقسوة وساهما في تشتيت الرأي العام المسيحي وضياع الكثير من الفرص على المسيحيين، إلا ان لقاءهما على إيجابيته، بحسب مصادر مسيحية، التي تكمن اولاً في الصورة التي جعلت الحكيم يتكىء في دلالة واضحة على كتف الجنرال، وحيث من شأنه ان يعيد توحيد الصورة المسيحية والصف المسيحي لم تحظ بالرضى الكامل واعجاب كل المسيحيين الذين تبادلوا الاعتراضات والانتقادات على صفحات التواصل الاجتماعي ولا يزالون، وقد كادت برقيات «الويكيليكس» الاخيرة تطيح او تؤثر الى حد ما في تفاهم التيار والقوات بعدما نقل عتب من جانب القوات لتناول وسائل اعلام التيار جزءاً من تلك المراسلات تتعلق بمعراب والتصويب عليها.

يرى المنتقدون ان التجارب السابقة بين الزعيمين لا تشجع وان لقاء الزعيمين كان الأجدر به ان يسمي رئيساً للجمهورية بدل تحديد «النوايا» بانتخاب رئيس ومواصفات الرئيس، في حين يرى المرحبون بلقاء الرابية ان المشهد كسر الاحتقان والتشرذم وصورة الانقسامات في الشارع المسيحي وان ترجمة وتطبيق النوايا سوف يحصلان في مرحلة لاحقة لمصلحة الشارع المسيحي أولاً ولمصلحة الزعيمين ايضاً.

صحيح ان اللقاء لم يساهم للوهلة الأولى في امتصاص كل النقمة المسيحية لدى الطرفين، تقول المصادر المسيحية، بل انه وقع كالصدمة على المسيحيين الذين لا يثقون بالتقارب بين الرجلين إلا ان اللقاء يبقى انه فتح ثغرة في الجدار المغلق منذ سنوات عله يسقط مسلسل الرهانات المصيرية على الساحة المسيحية بين شخصيتين في اعتقاد كل منهما انه يوفر الفرصة الضائعة للمسيحيين في هذا المحيط الإقليمي الهائج. لكن اعلان النوايا ومن ضمن الانتقادات التي وجهت اليه تمثل في غياب المكونات المسيحية الاخرى عنه، وإذا كان غياب المردة عن «اعلان النوايا» مبرراً فان وضعية الكتائب الحليفة ومن الخط السياسي ذاته لمعراب ليس لها اسباب تخفيفية، خصوصاً ان حزب الكتائب بدا وكأنه الضحية الاكبر لتلاقي معراب والرابية بعدما غمز جعجع عقب اللقاء الشهير بان التيار والقوات يحظيان بالشعبية الاكبر على الساحة المسيحية

واشارت المصادر الى ان حزب الكتائب الذي انضم الى اللقاء التشاوري للرئيس السابق ميشال سليمان ظهر انه خارج تفاهم النيات بين القوات والتيار فلم تتم دعوة الكتائب اصلاً للانضمام الى تفاهم النوايا والمصالحة المارونية . وفي حين اكتفت الكتائب بوضعية المراقبة والحذر لاتفاق النوايا العوني والقواتي معتبرة انه يفترض اعطاء الوقت لتظهر جديته ومدى قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات مع إبداء ملاحظات كتائبية حوله لجهة ان التفاهم لم يلامس او يعالج القضية الأهم للمسيحيين والمتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً ان الوضع المسيحي بات على شفير الهاوية.

وعليه تضيف المصادر، فان زيارة النائب ابراهيم كنعان رئيس حزب الكتائب سامي الجميل لوضعه في اطار المبادرة التي يعمل عليها التيار من اجل الوصول الى رئاسة دستورية وديمقراطية تأخذ برأي المسيحيين وتحظى بموافقة كل اللبنانيين تعتبر خطوة لها رمزيتها خصوصاً ان الكتائب تختلف عن الفريقين بطريقة مقاربة الملف الرئاسي، كما ان الكتائب على مسافة بعيدة جداً من الرابية منذ فترة طويلة وهي الى حد كبير تحمل كل من معراب والرابية مسؤولية تعطيل الاستحقاق. اما الجواب على السؤال في امكانية استلحاق الكتائب نفسها بقطار المصالحة المسيحية التي حصلت بين الرابية ومعراب فيبقى رهن موقف الكتائب، صحيح ان الكتائب رافضة لفكرة الاستطلاع لكن حزب «الوطن والله والعائلة» يتعاطى كما يقول العارفون بجدية مع خطورة الوضع المسيحي الراهن ويمكن في تقدير هؤلاء ان يفجر اي مفاجآت لترييح الوضع المسيحي وباي ثمن.

بالمؤكد فان اعلان النوايا او اي مصالحة مسيحية كاملة اذا حصلت لا تلزم الافرقاء بترك تحالفاتهما السابقة، تؤكد المصادر المسيحية، وخوض المعركة في جبهة واحدة في كل الملفات كل فريق طريق مختلفعن الآخر منذ فترة طويلة ولكل قناعاته وتحالفاته التي لن يتخلى عنها، الا ان الواضح ان التفاهمات الحالية تتلخص بالموضوع الرئاسي وقانون الانتخاب وتبقى الملفات الأخرى رهن التحولات السياسية والحراك السياسي والوضع المسيحي واحداث المنطقة. يمكن القول ايضاً ان عون وجعجع قطعا شوطاً وتبقى اشواط كثيرة والشيطان في ما تبقى من تفاصيل والعبرة في التنفيذ، ويمكن القول ايضاً ان بكفيا وربما بنشعي هما على استعداد لأي موقف او تنازل يريح الساحة المسيحية ويبعث فيها الطمأنينة.