يدرك الرئيس نبيه بري جيداً حجم وتداعيات النار المستعرة في المنطقة، لذلك يرى ان من واجبنا جميعاً ان نحصّن ساحتنا، ونعزز امننا واستقرارنا من جهة، ونفعل دور مؤسساتنا الدستورية لمواجهة الاستحقاقات الداخلية والخارجية من جهة اخرى.

ورغم الاستقرار الامني النسبي الذي ينعم به لبنان، فان ما يجري حولنا يبقى مصدر قلق دائم لا سيما ان الاحداث والتطورات تكاد حتى الان تأكل كل شيء وتهدد بالتوسع في كل الاتجاهات.

وبرأي رئيس المجلس ان الحوار الذي يرعاه بين حزب الله وتيار المستقبل ساهم ويساهم في دعم الاستقرار ومواجهة الفتنة الى جانب الدور الكبير الذي لعبه ويلعبه الجيش اللبناني في محاربة الارهاب على كل الصعد.

لكن الوضع السياسي في البلاد لا يرقى الى مستوى الوضع الأمني، حيث ما زلنا نواجه أزمة حادة على صعيد عمل المؤسسات بدءاً من استمرار الشغور الرئاسي مروراً بشلّ مجلس النواب وانتهاء بتعطيل عمل الحكومة.

وفي قراءة للوضع الاقليمي والدولي وانعكاساته على لبنان، يقول الرئيس بري ان هناك تطورات واشارات تدل على ان المفاوضات تسير نحو تحقيق الاتفاق النووي النهائي بين ايران ودول الـ(5+1)، الأمر الذي سينعكس ايجاباً على المنطقة بأسرها ومنها لبنان.

وبرأيه، كما ينقل زواره، ان مفاعيل هذا الاتفاق ستكون مهمة ومفيدة، متوقعاً ان تكون الثمرة الاولى له حل الأزمة اليمنية ووقف الحرب فيها.

ويشير في هذا المجال الى انه ردّد اكثر من مرة امام السفير السعودي ان لا أحد يربح من هذه الحرب وان المنتصر والمهزوم فيها هما خاسران، ولا سبيل لانهاء هذه الازمة الا بالحل السياسي.

وفي اعتقاده ايضا ان الخطوة الثانية بعد الاتفاق النووي ستكون عودة التواصل وتنقية العلاقات بين السعودية وايران، وهذا سيكون بمثابة «ورقة القصّ» الرابحة التي من شأنها ان تنعكس ايجاباً على المنطقة ومنها لبنان.

وفي شأن الازمة السورية يرى بري ان الحل عبر الحوار بين الاطراف السورية غير متوافر، ذلك ان هناك طرفاً واحداً واضحاً للحوار هو النظام، اما على جبهة المعارضة فان القوى المؤثرة على الارض هي «داعش» و«النصرة» وهذان التنظيمان غير مؤهلين ولا يريدان اصلا اي حل، بل لا عمل لهما سوى الارهاب والقتل والتفتيت. اما باقي القوى فهي عبارة عن «ديكور» لا تملك اي شيء مؤثر على الارض.

من هنا فان فكرة الحوار بين الجهات السورية غير متوافرة شروطها الامر الذي يعني ان الحل يجب ان يأتي عن طريق الارادة الدولية التي يجب ان تأخذ بعين الاعتبار وحدة سوريا وشعبها.

ويعطي بري مثلاً في هذا المجال وهو اتفاق الطائف الذي انجز بفعل مثل هذه الارادة الموازية للارادة اللبنانية، وللاسف فان هذا الاتفاق لم يطبق كاملاً حتى الآن.

وينظر بري بقلق ايضاً الى التطورات الاخيرة في مصر، قائلاً : ان الجيش المصري مستهدف اليوم لكنه رغم ما جرى ويجري في سيناء او ما يحصل بين فترة واخرى من اعتداءات وهجمات ارهابية في الداخل فان هذا الجيش يملك القوة القادرة على مواجهة هذا التهديد برعاية القيادة المصرية وارادة الشعب المصري الشقيق.

ومما لا شك فيه ان التطورات في العراق لا تقل خطورة عما يجري في سوريا، غير ان الحل يبقى في نجاح الحكومة العراقية في حربها ضد الارهاب و«داعش»، ولملمة الوضع الداخلي والعمل على محاربة الفتنة، والحفاظ على وحدة البلاد في اطار النسيج الذي يجمع كل فئات الشعب العراقي.