يُراقب "حزب الله" عن كثب تطورات الوضع الداخلي وهو غير راضٍ على الاطلاق الى ما آلت اليه الأمور لدى حلفائه وبالتحديد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري. واذا كان الحزب ينسق مع الاخير مواقفه وخاصة تلك المتعلقة بالوضع الحكومي وطرح فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، ويجد نفسه أقرب الى خيارات بري في الملفين، فهو يجاري مضطرًا خيارات العماد عون ردًا لجمائله الكثيرة وإن كان غير مقتنع بالضغوطات التي يمارسها "الجنرال" والتي قد تؤدي الى فرط عقد الحكومة، التي يتمسك الحزب بها الى أبعد حدود من منطلق تمسكه بالاستقرار الداخلي.

وان كان الحزب مستمرًا بمجاراة عون بالموضوع الحكومي، فهو قد لا يجاريه بالملف البرلماني، اذ تشير المعطيات الى أنّه أقرب للموافقة على فتح دورة استثنائية للمجلس لاقتناعه بالمبدأ الذي يسوق له بري لجهة "تشريع الضرورة"، ولكنّه وبالرغم من كل ذلك مستعد أيضًا للوقوف عند خاطر عون في حال طلب منه عدم السير بهذا المشروع. أما ما لن يساوم عليه "حزب الله" فالطرح العوني باجراء استطلاع رأي يحدد تراتبية الزعامات لدى المسيحيين وهو الذي سيثبّت على الأرجح عون أولا ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع ثانياً. وتتساءل مصادر مطلعة في هذا الإطار عن "جدوى اعلان جعجع بشكل رسمي موثق ممثلا ثانيا للمسيحيين بعد عون وبالتالي فرضه مرشحًا مباشرًا للرئاسة من بعده"، لافتة الى ان "الحزب ليس بصدد السير بمشروع مماثل لا يخدم الا جعجع".

ولعل غياب التصريحات الرسمية لقياديي الحزب والتي تتناول موضوع الاستطلاع أكبر دليل على رفضه الكلي للطرح والذي يفضّل أن يبقيه غير علني لعدم استفزاز "الجنرال" المستنفر أصلا.

وليس الاستطلاع الذي يروّج له عون البند الوحيد على "لائحة العتب" التي أعدها "حزب الله"، باعتبار انّه يستغرب كم الطروحات التي خرج بها "الجنرال" اخيرا والتي أظهرته متخبطا أكثر من أي وقت مضى. وتقول المصادر: "بدل تمسكه مثلا بطرح اجراء الانتخابات الرئاسية من الشعب، رأيناه مباشرة بعدها يدعو لانتخابات نيابية مبكرة ما لبث أن استبدلها بالمطالبة باستفتاء شعبي وصولا للاستطلاع الشهير علما أنّه اقترح أيضا بين كل هذه الطروحات الفيدرالية وتغيير النظام واسقاط الطائف".

وترى المصادر أن المرحلة الحالية تتطلب تأنيًا في مقاربة كل الملفات وخصوصا في ما يتعلق باللجوء الى الشارع تحت عناوين مذهبية وطائفية للضغط لتلبية مطالب وان كانت محقة، لافتة الى ان كل خرائط المنطقة وُضِعت على الطاولة وهي قيد اعادة النظر فيها. وتضيف: "نحن نتحدث عن اعادة تشكيل المنطقة، وللتذكير فان المنطقة بشكلها الحالي استلزمت 10 سنوات لوضع الخطط و30 عاما للتنفيذ، ما يعني أن يكون لدينا البال الطويل بانتظار تكوّن المنطقة بشكلها الحديث".

بالمحصلة، يبدو أن فريق "​8 آذار​" يمر باختبار غير مسبوق لبقائه أو تفككه خاصة مع قرار عون التحرك منفردا في الشارع بوجه ممارسات، حلفاؤه جزء منها. ولعل الاسبوع المقبل سيشكل محطة رئيسية تحدد مسار الأمور فاما ينجح "حزب الله" المنهمك على جبهات القتال في سوريا بلملمة أوراق بعثرها حليفاه كيفما كان، أو يقلب عون الطاولة على الجميع سعيا وراء تسوية تنصفه.