شددت مصادر مطلعة لصحيفة "الديار" على أن "التبدل الحاصل على المستوى الإقليمي، لا سيما لناحية ولادة العهد الجديد في السعودية، يربك قيادة تيار "المستقبل"، التي في الكثير من الأحيان تقف في موضع المنتظر لرسالة لا تصل"، مؤكدة "وجود أزمة تواصل مع القيادة السعودية".

ولفتت الى أن "التطورات المحلية والإقليمية تبدو أسرع من قدرة قيادة "المستقبل" على التحرك معها، وتعتبر أنها لهذا السبب تفضل بقاء الأوضاع اللبنانية على حالها بانتظار تبيان الخيط الأبيض من الأسود، خصوصاً أن المنطقة باتت على موعد مع حدث مهم، يتمثل باحتمال توقيع إتفاق تاريخي بين إيران والدول الكبرى، حول الملف النووي الإيراني، الذي من الممكن أن يحمل معه تبدلات على مستوى عال من الأهمية"، مشيرة إلى "المعركة القائمة على الصعيد الوطني، التي يريد من خلالها التيار "الوطني الحر"، مدعوماً من "حزب الله"، إستعادة كافة ما يعتبره حقوقاً مكرسة للطائفة المسيحية، تم الإنقضاض عليها بعد توقيع إتفاق الطائف في نهاية الحرب اللبنانية".

وأكدت أن "رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون لا يبدو مستعداً لتقديم أي تنازل في هذا المجال، خصوصاً بعد أن رفع سقف خطابه عالياً بوجه جميع المعنيين، في وقت يجد فيه المستقبل نفسه في موقف حرج، أمام جمهوره وحلفائه معاً، فهو لا يستطيع أن يتخلى عن القوى المسيحية في قوى الرابع عشر من آذار، من خلال مباركة ترشح عون إلى رئاسة الجمهورية، ولا يتحمل إنتكاسة معنوية أمام من يمثلهم بعد أن أعلنت قيادته عدم موافقتها على إنتخاب عون رئيساً، إلا أنه أيضاً لا يمكنه تحمل فكرة الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي سيؤدي إلى سحب صلاحيات من موقع الرئاسة الثالثة".

وأشارت الى أن "مواجهة قاسية يخوضها "المستقبل" على الساحة السنية، خصوصاً بعد أن أثبتت الإستحقاقات الأخيرة أن هناك أفرقاء منافسين له قادرين على إثبات أنفسهم"، مذكرة أن "كل من الجماعة الإسلامية ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ورئيس حزب الإتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد والوزير السابق فيصل كرامي، أكدوا خلال إنتخابات المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الأخيرة أنهم يملكون قوة لا يمكن الإستهانة فيها، وهم يعملون على توسيع رقعة نفوذهم بشكل كبير".

وأوضحت أن "هؤلاء يعتمدون في معاركهم على هفوات "المستقبل" العديدة، خصوصاً في الملفات التي تهم الشارع السني أكثر من غيره، وباتوا يهاجمون التيار إنطلاقاً من مواقفه السابقة، لا سيما لجهة ملف السجناء الإسلاميين أو الإنفتاح على "حزب الله"، مشيرة الى أنه "من أجل ذلك عمد كل من وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ وأمين عام التيار أحمد الحريري إلى الهجوم على كل من ميقاتي ومراد في الأيام الأخيرة".

ورأت المصادر أن "هذه الجبهة ستشتعل أكثر في المستقبل، لا سيما أن بعض الأفرقاء المعارضين لتوجه التيار يعملون على توحيد مواقفهم، لا بل هم قدموا مبادرة تدعو إلى حوار سني سني بغية إحراجه، نظراً إلى أنه يرفض هكذا مبادرات بشكل مطلق، لانه يريد أن يؤكد أنه الممثل الشرعي الوحيد لهذه الساحة، مع العلم أن هناك جهات ذات ميول ومواقف متطرفة تأكل من صحنه بشكل شبه يومي"، مشددة على أن "المشكلة الأخطر تكمن بالصراع الداخلي بين أجنحة التيار المتعددة، والتي تسعى إلى ضرب بعضها البعض إنطلاقاً من ملفات خطيرة، مع العلم أن تداعيات هذا الأمر تصيب المستقبل بشكل عام، ولا تقتصر على شخصيات دون أخرى، ويأتي على رأسها العلاقة المتشنجة التي باتت معروفة، بين كل من وزير العدل ​أشرف ريفي​ والمشنوق".

وأكدت أن "عدم معالجة هذا الخلل سيترك نتائج خطيرة جداً في وقت قريب"، معتبرة أن "الزيارات المتتالية، التي ستقوم بها وفود من قيادة التيار إلى الرياض في هذه الأيام، سيكون الهدف الأول منها السعي إلى رص الصفوف، بغية مواجهة المخاطر بشكل موحد عوضا عن التلهي بالخلافات الجانبية، لا سيما أن الحريري سيطل على جمهوره في 12 تموز الحالي، من خلال الافطار المركزي الذي سيقام في كل المحافظات".