يقول «غاريكاي شينجو» باحث في جامعة هارفرد «إنّ أميركا تستخدم «داعش» بثلاث طرق، لمهاجمة أعدائها في الشرق الأوسط، وكذريعة للتدخل العسكري الأميركي في الخارج، بجانب استخدامها في الداخل لخلق تهديد محلي الصنع».

شهدت السنوات الأربع الماضية أحداثاً تتوافق إلى حدّ بعيدٍ مع ما يدعو إليه «تنظيم الدولة الإسلامية». إنّ كتاب «المذكرة الاستراتيجية» الذي نشر عام 2011 خير دليل على ذلك، فهو تحدث عن استراتيجية التنظيمات الإسلامية المتطرفة لإنشاء دولة الخلافة في الشام واليمن والدعوة الى تدمير صناعة النفط وتهجير الأقليات وقطع «علائق نفوس» الأقليات بأرضهم وتهجيرهم، فهو يعتبرهم «مفاتيح العمل الاستخباري لكلّ غازٍ»، فالنبي بحسب الكتاب «حرق نخيل بني النضير لقطع علائق نفوسهم بالمكان»، وصولاً إلى جعل الشام ثاني منطقة محظورة على غير المسلمين بعد جزيرة العرب». وتشير معلومات جهاز الاستخبارات «الإسرائيلية» إلى أنّ عدد مقاتلي «داعش» يبلغ بعض العشرات من الآلاف، وهذه الأرقام تزداد يوماً بعد يوم، وسبب الازدياد هو حصولهم على نحو مليوني دولار يومياً من عائدات النفط ولذلك يقومون بتوسيع مناطق نفوذهم».

يسعى التنظيم الارهابي إلى تدمير المنطقة وإيصالها إلى «الفوضى العارمة» في سبيل الوصول إلى الخلافة الإسلامية التي أعلن عن تأسيسها في آب عام 2014 وإلى إغلاق قناة السويس وتضييق باب المندب وجعل البحر الأحمر محمية خاصة بما يسمى دولة «داعش» لتأمين انتقال جيوش «الدولة» بين شبه الجزيرة ومصر، ومنع تحرك البوارج الحربية المعادية وغيرها. فقوة «داعش» بدأت تتعاظم في سيناء، الخنجر في خاصرة مصر، الأمر الذي سيكون من شأنه أن يستدرج الجيش المصري للدخول في حرب برية في ليبيا التي باتت حدودها مفتوحة لتدفق الإرهابيين الى مصر.

يتمدّد «داعش» ويتوسّع ما بين العراق وسورية ومصر وتونس وليبيا واليمن، وسط صمت الولايات المتحدة والغرب ودول خليجية لا تعي انها لن تكون بمنأى عن مخطط هذا التنظيم الارهاني. ويسعى إلى تعزيز التأييد الشعبي له داخل السعودية، حيث بدأت منشورات ورسوم جدارية مؤيدة للتنظيم في الظهور.

يتحرك «داعش» بمرونة بعد أن كان يعيش في المناطق المعزولة والنائية. كأفغانستان، يحظى في الأردن بدعم شعبي من مجموعات متزايدة من المناصرين، لا سيما في مدينة معان الجنوبية، وجرى العديد من التظاهرات المؤيدة له، على رغم، أنه لن يقدم على تأسيس «دولة» له في الأردن ولا يسعى الى شن هجوم على الأراضي الأردنية في الوقت القريب، بانتظار التوقيت والظرف المناسبين.

لن يُهزم «داعش» في المنطقة ولن ينتهي، فالدول الغربية بذلت منذ انهيار الخلافة العثمانية في أوائل القرن العشرين، جهداً كبيراً للحفاظ على عنصر خاص لتقسيم المنطقة.

ويؤكد ديبلوماسيون «أنّ داعش أداة جيدة تخدم أهداف الولايات المتحدة في المنطقة في ترسيم الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط والتقسيمة الطائفية والمذهبية التي تسعى واشنطن الى تحقيقها، فهي تريد ضرب توازن القوى القائم في المنطقة أو ما سماه جورج بوش بمحور الشرّ المتمثل بسورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية.

لا مصلحة للولايات المتحدة في سحق «داعش» في المدى القريب، فهي خلقت هذا التنظيم ليبقى طالما انه يخدم مصالحها ويحقق أهدافها. وأرادت الولايات المتحدة من الحملة العسكرية ضدّ «داعش»، تعزيز أسواق طائرات التموين والمراقبة والطائرات بلا طيار التي تقوم حالياً بمهمات تعتبر أساسية في الأجواء العراقية والسورية. ويشير معهد استوكهولم لأبحاث السلام إلى أنّ الأردن والسعودية والإمارات استثمرت خلال الفترة الأخيرة في تقوية قدراتها العسكرية لا سيما من الصواريخ البعيدة المدى.

لو كان التحالف الدولي الذي يتألف من ستين دولة والذي تقوده الولايات المتحدة جاداً في القضاء على «داعش» لاستطاع ذلك، لكن الطائرات القتالية الأميركية المتطورة لا توجه ضرباتها ضدّ «داعش»، ولا تستهدف غاراتها الجوية هذا التنظيم، إنما تدمّر البنية التحتية العراقية والسورية.

تدخل المجموعات الإرهابية التكفيرية من «داعش» وغيرها من التنظيمات الارهابية الى سورية من تركيا. ولو كانت الولايات المتحدة تريد ضرب هذا التنظيم لكانت أجبرت تركيا على إغلاق حدودها ومنعت تسلل التكفيريين الى داخل الأراضي السورية، ولكانت أقفلت مصادر تمويله وتحويلاته البنكبة.

جذبت الضربات الجوية التي شنّها التحالف الدولي ضدّ «داعش» في العراق وسورية المناصرين لهذا التنظيم الذي يتغذّى على مشاعر الإقصاء. وقصف القوات الأميركية لحركة «طالبان» في أفغانستان دليل على ذلك، فتلك الضربات جعلت منها «الضحية»، الأمر الذي ساعدها في استقطاب المزيد من المناصرين.

تعيش المنطقة أحداثاً دامية نتيجة تعاظم التنظيمات الإرهابية، لكن لبنان لا يزال الى حدّ ما بعيداً من هذه التطورات البالغة الخطورة. لقد جعلت الدول الغربية من لبنان موطئ قدم لها لاستطلاع ما يجري في المنطقة المشتعلة من حوله، وتريد من ساحته عاملاً مساعداً لمشروعها، ما حوّله إلى مركز لكلّ أجهزة الاستخبارات العالمية، التي تعمل فيه في شكل سري.

يؤكد مراقبون أن لا مصلحة للغرب بتفجير الساحة اللبنانية، وأنّ هناك قراراً دولياً بضرورة ان يبقى لبنان ساحة هادئة مستقرة نسبياً، وهذا ما يؤكد الوضع الأمني المستقّرّ نسبياً على عكس الحال في الدول المجاورة.

يرتبط توسع مشروع «داعش» إلى لبنان بأمرين:

البيئة الحاضنة التي يدخل من خلالها الى لبنان.

الدعم المتعدّد الوجود الذي يحتاجه من قدرات متعدّدة الجوانب.

لا يستخدم «داعش» الأسلوب نفسه في سورية والعراق، فلكلّ منطقة خصوصيتها، انطلاقاً من دراسة المحيط، من الحرب النفسية الى الهجوم المسلح.

اما في لبنان فجاذبية «داعش» لأهل السنّة محدودة، حيث تساهم الطبيعة المتعدّدة للمجتمع اللبناني بأن يقتصر استقطاب مناصرين له على شرائح معيّنة ذات دخل منخفض أو مهمّشة من الطائفة السنّية كما يحدث في طرابلس، مع الإشارة الى أنّ تطهير الجيش السوري وحزب الله للقلمون من التكفيريين أحبط محاولات دخول «داعش» الى طرابلس. ان تسلل المجموعات الداعشية إلى لبنان سيكون من الحدود مع سورية أو مع فلسطين المحتلة. ومن هنا يأتي تدخل حزب الله في القصيْر والقلمون والزبداني وجرود عرسال لتطهير هذه المناطق من المجموعات التكفيرية، وتفكيك الحزب والجيش الشبكات التي كان من الممكن ان تشكل عامل ضغط.

لكن، المقاومة لا يمكن أن تعمل منفردة، فهي تتواجد في المناطق المحاذية لبيئتها، ولا يمكن ان تحارب الارهابيين في مناطق أخرى لاعتبارات وحسابات طائفية، كمنطقة الشمال التي كادت ان تتحوّل الى «إمارة إسلامية». فطرابلس وعكار تعتبران الخاصرة الرخوة والجبهة الأسهل لضعف مقاومة هذا التنظيم هناك لوجود حاضنة شعبية له، كما عرسال في البقاع الشمالي التي نتيجة الغطاء السياسي الضعيف، قامت عناصر هذا التنظيم بخطف العسكريين وقتل عدد منهم، فضلاً عما أبناء عرسال أنفسهم من ارتكابات هذا التنظيم وشقيقته «جبهة النصرة».

إنّ المناطق السنّية رهن تيار المستقبل. والسؤال الذي يطرح اليوم هل يملك تيار المستقبل شارعاً منيعاً لسدّ الطريق على تنظيم داعش؟ إلا انّ الصورة لا تزال ضبابية في ظل تشرذم وتصدع هذا التيار بين مؤيد للجماعات الارهابية وبين من يدعو الى الاعتدال، لتبقى المناطق المسيحية الاكثر وهناً، لكنّ وجود الجيش بقوته الدفاعية يبقى الضمانة لتلك المناطق.

عندما يريد «داعش» أن يدخل منطقة معينة يعتمد سياسة الإنهاك، من شنّ عمليات إرهابية على مراكز عسكرية تضعف القوى الأمنية، إلى القيام بعمليات انتحارية وتفجيرات تستهدف المدنيين. ويؤكد مراقبون أنّ مؤشر تعاظم «داعش» في لبنان سيكون من خلال استهدافه مواقع عسكرية وأمنية ومدنيين، وهذا يتطلب انخراط الجميع بشعار الكلّ يحمي الكلّ والذات، بمعنى آخر ترسيخ المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة التي انتصرت على الإرهاب «الإسرائيلي»، التي من شأنها أن تقف سداً منيعاً أمام تمدّد تنظيم «داعش» الإرهابي إلى المناطق اللبنانية.

رحلة «داعش» من الزرقاوي إلى البغدادي وما بينهما...

انبثق تنظيم «داعش» في العراق من مجموعات تحمل الفكر الجهادي كـ»تنظيم القاعدة». بدأ هذا التنظيم عمله مع دخول الأميركيين إلى العراق. شكل أبو مصعب الزرقاوي الذي قاد معسكرات تدريب لمسلحين في أفغانستان قبل انتقاله الى العراق، تنظيم «جماعة التوحيد والجهاد» عام 2003 ، وهو عبارة عن جماعة مسلحة توصف بالإرهابية وتكفّر أدبياتها عموم الشيعة وتدعو إلى إبادتهم.

أعلن الزرقاوي مبايعته لتنظيم «القاعدة» بزعامة أسامة بن لادن في حينه، ليصبح ممثلاً في ما سماه «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين».

انطلق الزرقاوي من فكرة محاربة المحتلّ الأميركي، وأخد يسيطر على المشهد العراقي، واستقطب الى تنظيمه ضباطاً من جيش صدام مع دباباتهم ومدافعهم وطائراتهم، إضافة إلى بعض كبار الضباط المتقاعدين، ما أدّى إلى بروزه كقوة لا يُستهان بها. غير انّ الزرقاوي لأسباب غير واضحة حتى اليوم، حوّل الصراع من استهداف للمصالح الأميركية إلى فئات أخرى كان يعتبرها تتعامل في العراق مع الاحتلال الأميركي، في إشارته الى الشيعة الذين أطلق عليهم اسم الروافض على رغم أنّ الشيعة الذين استفادوا من الإطاحة بنظام صدام حسين، لم يتعاملوا مع الاحتلال الأميركي في العراق.

حظي «داعش» في تلك الفترة بدعم من صدام. وتتحدّث وثائق سنجار التي عثر عليها الجيش الأميركي عن أنّ الرئيس العراقي يومذاك أقام معسكرات تدريب سرية لهم في الموصل وجبالها وسنجار وفي جزء من محافظة الأنبار لمحاربة الأميركيين.

قام الزرقاوي الذي يحمل الجنسية الأردنية في عام 2004 بذبح أحد الرهائن الأميركيين في العراق ويدعى يوجين أرمسترونغ، وذلك بقطع رأسه بسكين في فيديو مصور قامت جماعة التوحيد والجهاد بنشره على الإنترنت، أعلنت لاحقاً الحكومة الأردنية سحب الجنسية منه، على رغم أنّ الملك الاردني عبد الله الثاني هو من أصدر عفواً عن الزرقاوي عام 1999 الذي حكم عليه في عهد الملك حسين في عام 1996 بالسجن مدة 15 عاماً، بتهمة التخطيط لمهاجمة «إسرائيل».

التقى الزرقاوي في السجن بأبي محمد المقدسي الذي اتجه للتنظير والعمل الدعوي الذي انتهى به إلى السجن مجدّداً نهاية 1999 في قضية «تفجيرات الألفية» التي بُرّئ منها بعد سنة من الاعتقال، فيما اتجه الزرقاوي إلى أفغانستان، ووجهت اليه التهمة نفسها التي وجهت إلى المقدسي في سلسلة تفجيرات نفذت ليلة رأس السنة وامتدّت من الدار البيضاء في المغرب إلى اسطنبول في تركيا ومحاولة تفجير فندق راديسون في عمان واغتيال مسؤول المساعدات الأميركي لورين فولي في عمان، ومقتل أكثر من 60 مدنياً في الأردن.

ظلّ الزرقاوي عرضة للمطاردة العسكرية والاستخبارية من جانب القوات الأميركية بمساعدة الاستخبارات الأردنية. ونفذت القوات الأميركية عمليات عسكرية عدة ضدّ الزرقاوي، سواء في الفلوجة أو في مناطق حدودية مع سورية وفي محافظة الأنبار، لكنه كان ينجو في اللحظة الاخيرة، ففي إحدى المرات أصيب بجروح وتمكن من الفرار من المستشفى الذي آوى إليه، الى أن قتل في عام 2006 في غارة جوية أميركية على منطقة هبهب على بعد نحو ثمانية كيلومترات شمال بعقوبة، حيث ألقت طائرتا أف 16 أميركيتان قنبلتين وزن كلّ منهما 500 رطلاً على المنزل الذي كان يلتقي فيه الزرقاوي بكبار مساعديه.

في تشرين الأول عام 2006 اختار مجلس شورى المجاهدين في العراق أبو عمر البغدادي أميراً لتنظيم «دولة العراق الإسلامية» الذي ضمّ الأنبار وديالي وكركوك وصلاح الدين ونينوى، وأجزاء من محافظتي بابل وواسط. وفي 30 ايلول عام 2007 دعا بن لادن، من لم يبايع البغدادي أميراً لها، الى الوحدة ومبايعته حفاظاً على جماعة المسلمين.

استمرّ اعتماد اسم هذا التنظيم حتى عام 2013. وبقي البغدادي أميراً له إلى حين اغتياله مع ابو ايوب المصري في عام 2010، ليتمّ تعيين ابو بكر البغدادي الذي كان مسؤولاً عن النشاطات العسكرية كافة لتنظيم» القاعدة» في العراق، أميراً على «الدولة الاسلامية في العراق». وأتى تعيينه نتيجة وصية ابو عمر بأن يكون أبو بكر خليفته في زعامتها.

في 29 حزيران 2014، أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، قيام الدولة الإسلامية ونصّب ابراهيم بن عواد بن إبراهيم البدري المولود عام 1971 في مدينة سامراء العراقية والذي يُعرف بـ أبو بكر البغدادي، خليفة لها.

بدأ البغدادي الذي تتلمذ على يدي أبو مصعب الزرقاوي، بدرس الساحة السورية عام 2011، كان هدفه الاستيلاء على أراض سورية ملتصقة بالعراق، أرسل لهذه الغاية لجنة من الخبراء بينهم أبو محمد الجولاني الذي خرج من سجن في دمشق بالعفو الرئاسي الأول مع بداية الأزمة السورية أو ما يُسمى «الثورة السورية»، وغادر يومذاك الى العراق، مبايعاً البغدادي على السمع والطاعة في المنشط والمكره، ليعود في شهر آب من عام 2011 ويشكل «جبهة النصرة» لأهل الشام ومعه سبعة من كوادر «الدولة الإسلامية».

وقعت الخلافات بين الجولاني والبغدادي. أعلن البغدادي حلّ «جبهة النصرة لأهل الشام» وضمّها الى «الدولة الإسلامية» في العراق مطلقاً عليها « تنظيم داعش». رفض الجولاني الضمّ، وقرّر مبايعة أيمن الظواهري الذي قبل البيعة، وحكم أن تبقى الشام لأهل الشام، وأن يعود «داعش» إلى العراق.

رفض البغدادي حكم الظواهري وأصرّ على البقاء في سورية، معلناً قيام «الدولة الإسلامية في العراق والشام». احتلّ مناطق واسعة من العراق وضعته عند تخوم بغداد وقرب الحدود مع تركيا والأردن، أمسك بزمام الفلوجة وبجزء من الرمادي في العراق، ومحافظتَي دير الزور والرقّة في سورية. كما نشط في اللاذقية وحلب وإدلب وحماة، ليعلن في 28 حزيران 2014 «دولة الخلافة في سورية والعراق».

اشتعلت الجبهات بين «داعش» الذي هو امتداد لـ الزرقاوي و«النصرة» التي هي فصيل من فصائل تنظيم «القاعدة». وقعت اشتباكات كبيرة بين التنظيمين الإرهابيين في سورية، وصولاً إلى تصفية قيادات وأمراء من طريق الاغتيال بينهما.

يؤكد خبراء إسلاميون أنّ الاختلاف بين «النصرة» و«داعش» ليس عقائدياً، كلّ منهما تفرّع مما يسمّى الجهادية السلفية، والخلافات بين التنظيمن الارهابيّين تقتصر على السياسات الشرعية أو الأولويات. يرى «داعش» أنّ الأولوية تتمثل بقتل «الروافض»، وترى النصرة «أنّ الإولوية في سورية لإسقاط النظام».

استقطبت الدولة الاسلامية مقاتلين من شتى بقاع الأرض، منهم الآلاف من العراق وليبيا والسعودية والمغرب العربي ومصر وأوروبا والقوقاز. حاول «داعش» نقل تجربته التي قامت على استقطاب زعماء العشائر والضباط المتضرّرين من نظام صدام في العراق، إلى سورية، واعتمد في بداية توسعه الى سورية على قيادات إرهابية عراقية، ونقل الكوادر العاملة في بلاد الرافدين إلى الداخل الشامي، لكن هذا الأداء انعكس سلباً، ما استدعى محاولة جديدة منه لاستمالة بعض العشائر السورية والضباط الذين انشقوا عن الجيش السوري.

يتألف التنظيم من مجلس قيادة يضمّ عدداً من المستشارين الذين يتواصلون بشكل مباشر معه، ومجلس وزراء يشرف على الأقسام المالية والأمن والإعلام والأسرى والتوظيف، إضافة إلى 25 مسؤولاً في العراق وسورية. ويُعتبر الأغنى بين الجماعات التكفيرية الإرهابية كونه يتواجد في المناطق الغنية بالنفط والغاز والآثار، فهو يسيطر على حقول النفط والمصافي في سورية والعراق، ويملك شبكة علاقات يمكنه من خلالها تسويق هذا النفط بعائد مالي كبير.

ولّدت الحرب في العراق لديه خبرات واسعة في تكتيك القتال وأساليب الدفاع الجوي وتقنية العبوات المتفجرة واللاصقة، وانتشر في المناطق السورية الحدودية مع العراق وتركيا: جرابلس ومنبج، والباب، وأعزاز شمال حلب، دير الزور، والرقة، شمال إدلب قرب الحدود التركية، وجعل من الرقة عاصمة له.

ويؤكد مراقبون أنّ «داعش» يعتمد في انتشاره استراتيجية المناطق المتعدّدة الطوائف والمذاهب التي لا تملك مقدرة عالية للدفاع عن وجودها، بعكس المناطق ذات اللون الواحد التي تملك مقدرة عالية في القتال والدفاع.