ثمة أمر لا بدّ للمسلمين أن يعترفوا به على ضوء سلسلة التفجيرات التي ضربت الكويت وتونس وفرنسا ومصر مؤخراً وهو أن هناك مسؤولية جماعية عن هذا الإرهاب المتفشي باسم الإسلام، والذي جَلبَ على الأمة والمنطقة أحزاناً وويلاتٍ وكوارث يعجز عنها الوصف. ويفترض بهم في شهر الرحمة تأكيد إيمانهم بحرمة الدماء والأعراض والأموال وبكرامة الإنسان وبحقوقه الطبيعية التي هي منحة من الله وليس منة من أحد من البشر، وأن يبيّنوا أنّ الدين ما جاء إلا لتحقيق العدالة ونشر القيم والأخلاق واحترام الالتزامات بين بني البشر والرقي بالمجتمعات من مستوى الحياة الجاهلية إلى جو الحرية والكرامة الإنسانية.

هذه مسؤولية توطد جذور المسلمين بالرسالة السمحاء وتمدّ مستقبلهم بماء الحياة. أما إذا قاموا بقطيعة أخلاقية ومعرفية مع القيم التي جاء بها نبيهم، فكأنهم بذلك يقومون بالتعامل المضاد، أي رفض كل ما هو صالح واستدعاء كل ما هو بشع ومخالف لسنة رسول الله.

لقد أكد الإسلام على التسامح وأن يعيش الناس معاً في سلام وحسن جوار، وألا تُستخدم القوة في العدوان والظلم بل بالدفاع عن الحق. وعندما أقول: إنّ المسلمين يتحملون مسؤولية جماعية أعني أن على المسلمين واجباً تجاه جميع سكان العالم وليس تجاه فئة محددة ولذلك يجب أن يعرف المسلمون أن الإرهاب المتفشي الآن لا يقتصر على بلد معين وإنما يهدد العالم بأسره.

بيد أنه على رغم كل الذي نراه يجب أن نبقى مصممين على إقامة سلام على هذه الأرض. ونعتقد أنّ التحدي الأساس الذي نواجهه اليوم هو ضمان جعل الإسلام قوة إيجابية تعمل لمصلحة جميع شعوب العالم، قوة لا غنى عنها لتحقيق مزيد من السلام والرخاء والعدل من دون أي تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

ولذلك لا يمكن إحداث هذا التحول من دون المبادرة إلى استئصال الورم السرطاني الذي ينشر المرض والسموم في جسم الأمة، ونعني بذلك أنّه لا بد من القضاء على الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تتخذ من الإسلام شعاراً لتضرب أهدافه في حفظ الأمن والسلم في العالم، كما والمطلوب أيضاً البحث عن صيغ قانونية لملاحقة مرتكبي الجرائم ومروجي الفتن.

وإدراكاً منا لهدف تقديم الإسلام بصورته المثالية الكاملة لا بد أن تتوجه كل الإسهامات والجهود لوقف النزاعات الداخلية والحروب الأهلية والطائفية والتي بلغت من حيث خطورتها درجة باتت تهدد معها استمرار المجتمعات نفسها. وواقع الأمر أنّه أياً كانت المقارنة بين النجاحات والإخفاقات في السيرة التبليغية والدعوية لعلماء المسلمين عبر قرون طويلة. فإنّ كل المجاميع الدينية الرئيسية كمشيخة الأزهر وبقية دور الإفتاء في دول العالم الإسلامي بحاجة لإعادة النظر في هيكليتها وآليات عملها.

فعلى سبيل المثال فإننا حتى نواجه الإرهاب المتمثل بـ«داعش» وبقية الجماعات الأخرى، نحتاج بصفة خاصة ومن باب الأولويات.

1 ـ إلى تصحيح علاقة أجهزة هذه المؤسسات الدينية ببعضها البعض، وتحقيق درجة أعلى من التنسيق في ما بينها.

2 ـ كذلك من الأمور المهمة التي تحتاج إلى مراجعة وضع أمانة عامة تهدف إلى رصد كل التجاوزات الدينية فقهية كانت أم غير ذلك لتصحيحها أو التعامل معها بما يناسب.

من الإسلام بدأنا ومن خلاله يجب أن ننطلق إلى كل البشرية حاملين مشاعل الخير والمحبة، ولا يضير أن تتشابك الأمم والشعوب وإتباع الديانات السماوية لتلتزم بمبادئ إنسانية عامة تقرر مصير الإنسان على هذه الأرض بنحو أفضل. فالجميع شركاء في صنع فجر جديد للبشرية!