لا توحي الأمور بأنّها تتجه نحو التهدئة في ​مخيم عين الحلوة​، الوضع الامني ما زال هشا وقابلا للاهتزاز عند اي اشكال رغم كل الجهود السياسية المبذولة لتحصينه وقطع الطريق على الاقتتال الداخلي او الفتنة، والمخاوف ان تتوسع الاشكالات الفردية لتصبح اشتباكات كما جرى في حيي "طيطبا" و"الزيب" في الاول من رمضان والعاشر منه.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ "النشرة" أنّ أسبابًا عديدة تجعل الوضع الامني في اكبر المخيمات في لبنان قابلاً للتوتير والتفجير، اولها القرار الضمني الذي اتخذته المجموعات الاسلامية المتشددة او ما تعرف بـ"الشباب المسلم" بمناصرة اي شخص يتعرض لاي اشكال او اعتداء ما يعني احتمال تطوره سريعا، اذ ان هذه المجموعات تنتشر في احياء متفرقة من مخيم تمتد من الطوارئ الى احياء الصفصاف والطيرة وحطين وسواها، اي امكانية تحولها الى "محاور قتال" او "خطوط تماس" بعد "المربعات الامنية".

وثاني هذه الاسباب وفق المصادر الفلسطينية نفسها، الاجواء المشحونة على خلفية الاحداث الامنية الماضية ومحاولة كل فريق تصفية حساباته او التأكيد على قوة حضوره ونفوذه في معادلة المخيم السياسية والامنية.

وثالثها الخلافات "الفتحاوية" الداخلية الخفية حينا والمعلنة احيانا اخرى بين الاقطاب في الحركة نفسها ومع جناح العميد محمد دحلان الذي يقوده في مخيمات لبنان العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو" والذي اطلق عليه التيار الاصلاحي.

ورابعها الخلافات السياسية بين حركتي "فتح" و"حماس" حيث كان مجرد اتفاقهما يشكل مظلة للتهدئة، رغم اعتبار الساحة اللبنانية استثنائية والتوافق على عدم انعكاس اي خلاف عليها او على واقع المخيمات ورغم مشاركتهما في الاطر القيادية السياسية والامنية التي تشكل مرجعية للمخيمات.

وخامسها، قلة حيلة "القوة الامنية المشتركة" في ردع اي اشكال بسبب استمرار العمل بمعادلة "الامن بالتراضي"، علما ان عديدها بات يصل الى نحو 400 عنصرا وضابطا بعدما كان الاتفاق على 250 عنصرا وضابطا ما يعني عدم وجود قرار حازم بتحويلها الى قوة رادعة وانما العمل بردة الفعل فقط.

وسادسها، التراشق الاعلامي بين المتخاصمين واصدار البيانات والبيانات المضادة، حيث يحمل كل طرف الاخر مسؤولية ما يجري ويروي الحدث من منظاره، على وقع الشائعات التي تزج باسماء من الطرفين لابقاء الوضع على توتيره.

بين هذه الاسباب ثمة من يقول، ان اشغال الداخل الفلسطيني يريح الخارج اللبناني، فالتوتير يمنعه من التفكير في الوضع اللبناني بتعقيداته، او مواكبة تطورات الاحداث الامنية في سوريا او المنطقة العربية، ولكن تجزم اوساط اسلامية فلسطينية لـ"النشرة" ان التوتير ليس مرده الى "قرار خارجي"، والا كانت كل القوى و​الفصائل الفلسطينية​ وقفت عاجزة عن التصدي له، ناهيك على عدم وجود مؤشر حقيقي وخطير لارتباط اي مجموعات ذات قيمة اعتبارية او جهات فلسطينية بالتنظيمات الاسلامية المتشدّدة وربما كان هناك بعض الافراد "المؤيدين" او حتى "المبايعين"... ولكن هذا يبقى فرديا على قاعدة ان المخيم ليس معزولا عن الجوار وعما يجري في المنطقة.

على خلفية هذه القراءة، يُتوقَّع ان يراوح الوضع الامني مكانه بين الهدوء حينا والتوتير الامني احيانا بين اقتتال متنقل لكن دون تفجير كبير، بانتظار ان يطرأ شي ما على المشهد الفلسطيني يعيد الوضع الامني الى مربعه الاول، قبل ان تبلغ اصوات الاعتراض الشعبية والاقتصادية مداها، حيث بدأ التجار في سوق الخضار يعبرون عن استيائهم من جمود حركة البيع نتيجة تردي الوضع الامني وهو ما ينعكس على كل مرافق الحياة ليزيد معاناة اللاجئين معاناة فوق فقرهم وجوعه وانتظار عودتهم غداة كل يوم...