لطالما طرح في خضم الهجمة الإرهابية على هلالنا السوري الخصيب السؤال التالي: هل كانت هذه الهجمة البربرية نتيجة فشل الدولة بصورتها الراهنة وتعبيراً عن أزمة المجتمع السياسي من جهة، أم كان لتاريخ العسكرة والمركزة دور في إجهاض التداولية السياسية ولمأسسة النظام والقانون من جهة ثانية؟

هل يرتبط هذا السؤال بغياب العمق القانوني والبنائي للدولة المدنية عبر تكريس الدولة بقوة السلطة في المدينة وفي المعسكر وفي الحزب، وصولاً الى تشوهاتها في مراحل لاحقة، ما ساهم في خلق أزمة هوية وأزمة حكم وأزمة حماية ووجود؟

في لحظة الأسئلة البنوية هذه ظهر الإرهاب وانتشر…، ثم تطور أسمه من «قاعدة» إلى «نصرة» الى «داعش» في المجال الحيوي السوري ـ العراقي وامتداده في لبنان والأردن وأخيراً في غزة المحاصرة، وهو منذ احتلال بغداد في عام 2003 لا يزال ماثلاً، بل وتمدد وجوده خارج بيئة الهلال الخصيب، في وادي النيل وشمال أفريقيا وصولاً إلى السعودية والكويت، مع قليل من الاستثناءات، تتعلق بالوقت، وبمديات الاستفادة من بعض العرب المنفعلين جهلاً، غير الواعين بحقيقة ما يجري من حولهم، كأدوات دعم وإسناد لفعل الإرهاب في هذه المرحلة، وكضحايا مستهدفين من قبله في المراحل اللاحقة.

اليوم يتنازع على حريتنا طريقان متلازمان: الأول يذبح بالسيوف بحجة مخالفة الشرع والدين، والثاني هو الحرب التي تنهش أجساد نسائنا امهاتنا وأخواتنا وبناتنا في سوق النخاسة، مقابل أثمان بخسة قد تقارب ثمن علبة سجائر.

حدث مثل هذا في التاريخ، عبر العالم، خلال فتوحات الرومان وغزوات الفايكنغ… وعبيد أفريقيا الذين كانوا عمال بناء حضارة الغرب الراهنة في أعمال السخرة تحت سياط الأسياد. لكن هذا كان قبل أكثر من ألف عام… هل يستعيده الإسلام السياسي في القرن الحادي والعشرين؟

ملخص الرسالة «الداعشية» إلى شباب العالم هو: لدينا نساء بانتظاركم… والمقاتلون الأجانب هم عماد القتال، فبماذا كانت تشعر البنت، في لحظة النخاسة الإسلامية، وهي تقف عارية وتنحني بجسدها على جسدها لتخفي ما تستطيع إخفاءه عن عيون الزبائن؟

صحيح أنتهى عصر «القاعدة»، لكنْ، بدأ عصر «داعش». جيل جديد من «المجاهدين» الذين تم تجميعهم من شتى أنحاء العالم ليكونوا رسلاً للموت والظلام والفقر والقمع والتمييز الديني إلى مناطق كانت تاريخياً تنعم بتنوعها الديني والإثني والمذهبي وسرعان ما انتشرت هذه العصابات في مدن سورية والعراق لتظهر معها خريطة «مرعبة» لطموحات هذا التنظيم الإرهابي.