مع أنّ "التيّار الوطنيّ الحرّ" رفع راية الدّفاع عن "حقوق المسيحيّين"، في وجهِ النحر السّياسيّ على الطريقة الدّاعشيّة، إلاّ أنّ الأفرقاء المسيحيّين الآخرين تصرّفوا وكأنّ الأمر لا يعنيهم.

فقبل سؤالِ "حلفاء" العماد عون عن رأيِهم –وقد بات معروفًا وهو ليسَ بموقفٍ واحد– ماذا عمّن يُفترَض أنْ يكونوا هُم أمّ الصبيّ؟ بخاصّةٍ وأنّ السّاحة السّياسيّة لَطالما كانَت عطشى إلى السّير معًا تحتَ رايةِ "استعادةِ الحقوق".

وتُظهِرُ القراءة الأولى لمواقف بعض الأحزاب المسيحيّة حَيال هذا الموضوع حيادًا قوّاتيًّا، فيما يبدو حزب الكتائب "في غيرِ عالَم". والحزبُ الّذي عُرفَ عبر تاريخِه بأنّه مؤازرٌ لرئاسة الجمهوريّة، وداعمٌ لها، قد يكون يقرأ الدّعم والمؤازرة اليوم في كتابٍ آخر، متناسيًا السّجال الدّستوريّ والجدلَ مع رئاسة الحكومة في عهد الرّئيس أمين الجميّل، ما قبل اتّفاق الطّائف، وقد كان لرئيس الجمهوريّة بعض الصّلاحيّات.

ومع صلاحيّات رئاسيّة أوسع لم يستطِع الرّئيس الجميّل لجمَ الوضع المُتفاقم في نهايةِ عهده سياسيًّا، فكيف يقدِرُ على ذلكَ الرّئيس الضّعيف اليوم؟ وهَل فعلاً وصِدقًا تقرأ "الكتائب" عهد الرّئيس ميشال سليمان بإيجابيّة؟ وبالتّالي: كيفَ يمكنُ "الكتائب" اليوم ألاّ تكون لاعبًا شريكًا في حرب استرجاع الحقوق ديمقراطيًّا؟

كما وأنّ مِن غير الصّحيح ما باتَ يُقالُ من باب التعمية السّياسيّة، وذرّ الرّماد في العيون، بأنّ مطالب العماد عون "محض شخصيّة". فهو اقترح تسمية مجموعةٍ من كبار الضبّاط، كي يُختار القائدُ الجديد للجيش مِن بينها... ولا يُقال عندَها بأنّه يريدُ إيصال العميد شامل روكز إلى القيادة.

وأمّا "القوّات"، فلم تَتفوّه ببنت شفةٍ في شأن "نزول التيّار عَ الأرض"، وبقيَت وسائلُها التّواصليّة على حدةٍ، كما وإنّها لم تُصدِر بيانًا لسببَين:

1 –إمّا لأنّها مُلتزمة بنود التّفاهم مع "التيّار الوطنيّ الحرّ"، فتشعُرُ أنّ في فمِها ماء...

2 –وإمّا لأنّها ترصُد مَجَريات الأمور، كونَها –إلى جانب التيّار– أكثرَ استشعارًا من غيرِها بوجوب الاستحصال على بعض الحقوق المهدورة. فإذا نجح التيّار في ذلك يحصد الجميعُ بعضَ المُكتسبات الضّائعة، وإذا لم يُفلِح تبحثُ هي عَن وسيلةٍ أخرى تكونُ مَخرجًا على طريقةِ "تدوير الزّوايا" المشهورة لبنانيًّا!

إنّ ما حصلَ الخميس هو نفسُه الاستفتاء الشّعبيّ الّذي دعا إليهِ العماد عون. باغَتَ الجميعُ به... ففرز نتيجتَين:

1 –قوّة التيّار في تغيير مَجَرَيات الأمور بغضّ النّظر عن "الاستعانة" بحليف...

2 –نبض الشّارع المسيحيّ، وإمكان توحّدِه من خلال السّير لجبهِ خطرٍ وجوديّ...

وفيما أظهرَ الإعلامُ رئيسَ الحكومةِ يخبطُ على الطّاولة، كان العماد عون هو مَن يخبُط... لا بل يَقلِبُ الطاولةَ بأمّها وأبيها!