أثارت الزيارة التي قام بها القائد السابق للكفاح المسلح الفلسطيني في لبنان، العميد محمود عبد الحميد عيسى "اللينو"، إلى منطقة البركسات، معقل حركة "فتح" في ​مخيم عين الحلوة​، ولقاؤه قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء ​صبحي أبو عرب​ في مكتبه، ضجة في الأوساط السياسية والشعبية في المخيم، لا سيما أن البعض ربطها بالحديث عن مصالحة داخلية في الحركة، وبرغبة "اللينو" في العودة إلى كنف قيادتها برئاسة الرئيس محمود عباس، بعد خلافات كبيرة بين الجانبين خرجت إلى العلن، وتمثلت بإعلان عن ولادة "الحركة الإصلاحية".

في هذا السياق، تشير مصادر فلسطينية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الموضوع أعطي أكثر من حجمه الطبيعي، لا سيما لناحية الحديث عن مصالحة بين الجانبين، وتلفت إلى أن الهدف الأساس من اللقاء هو تحصين الوضع الأمني في عين الحلوة في ظل الأخطار المحدقة به، لناحية توسع نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة، من بقايا تنظيمي "فتح الإسلام" و"جند الشام"، وترى أن المطلوب توحيد كافة جهود القوى الوطنية من أجل منع إنزلاق الأوضاع نحو المجهول.

بالنسبة إلى هذه المصادر الفلسطينية، هناك العديد من الملفات التي تتطلب التعاون بين كافة القوى الوطنية في المخيم، خصوصاً أن الهجمات الأخيرة التي قامت بها الجماعات المتطرفة على أثر اشكالات فردية تثبت حجم المشاريع المشبوهة التي لديها، بالإضافة إلى أن أزمة تقليص خدمات "الأونروا"، التي تستهدف قطاعي التعليم والصحة، ستخلق مشاكل جديدة، لا سيما أن القوى التكفيرية الناشطة بشكل لافت لديها الرغبة في إستغلال حاجات الناس أولاً، والإعتماد على ذلك في عملية كسب المزيد من المؤيدين ثانياً، ولا تستغرب المصادر التزامن بين الأمرين معا، وتضيف: "يصبان في نهاية المطاف في خانة العمل على إلغاء حق العودة، الذي يتطلب القضاء على مخيمات الشتات، الأمر الذي حصل في السابق في نهر البارد واليرموك على يد الجماعات الإرهابية نفسها".

وفي حين تؤكد المصادر نفسها ارتفاع مستوى التطرف في مختلف المخيمات، لا في عين الحلوة فقط، تشير إلى أن هذه موجة عامة تجتاح مختلف بلدان المنطقة، وتلفت إلى أن هذا الأمر حاصل أيضاً في كافة الأراضي اللبنانية، وتشدد على أن لديه أسبابه الموضعية غير المرتطبة بالقضية الفلسطينية، وترى أن مواجهته في المخيمات تتطلب التعاون مع السلطات اللبنانية من أجل العمل على تحسين الظروف الإجتماعية والإقتصادية، خصوصاً أن القرار السياسي واضح بضرورة أن تكون المخيمات عامل إستقرار في البلاد لا عامل تفحير، وتؤكد الإستعداد للتعاون مع كافة الراغبين في تحقيق هذا الهدف، الذي يتجلى في إبقاء مهمة البندقية التحرير والعودة لا خدمة أي مشروع آخر.

من جانبها، تشدد مصادر فلسطينية أخرى، مقربة من "اللينو"، عبر "النشرة"، على أن الرجل ليس خارج حركة "فتح" أصلاً بل أحد أبنائها، وتشير إلى أن ليس هناك إشكال في السياسة بل خلاف تنظيمي داخلي مع بعض الأشخاص المعروفين، وتؤكد أنه عندما يتم التوصل إلى تفاهم سوف يتم الإعلان عنه بشكل واضح، وتلفت إلى أن الهدف من اللقاءات التي يقوم بها ليس إجراء مصالحة، بل البحث عن صيغة عمل لمواجهة الأخطار التي تهدد جميع أبناء عين الحلوة لا فريق دون آخر.

وتوضح المصادر نفسها أن الرجل لا يزال على مواقفه السابقة، لناحية ضرورة الإصلاح والتغيير في "فتح"، خصوصاً أن أداء بعض القيادات لم يصل إلى المستوى المطلوب، إلا أنها تؤكد بأن ذلك لا يمنع حصول لقاءات بين أبناء التنيظم الواحد بهدف تحصين الوضع الأمني في المخيمات، لا سيما أن "اللينو" لم يعلن في أي مناسبة أنه أصبح خارج الحركة بل على العكس من ذلك.

في المحصلة، نجح الهاجس الأمني في جمع أبناء "فتح" من جديد، بهدف البحث عن أساليب مواجهة الأخطاء المحدقة بهم، ولكن هل ينجحون في إستعادة زمام المبادرة في عين الحلوة سريعاً قبل فوات الأوان؟