بسحر ساحر، سحب موضوع التقاعد المبكر الإختياري الذي كانت تدرسه إدارة ​كازينو لبنان​ للتخلص من 500 موظف يعملون في الشركة من التداول.

فخلال إجتماع مجلس الإدارة الأخير الذي عقد في مبنى شركة إنترا في بيروت خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، لم يحظ هذا المشروع بأكثر من ربع ساعة لطي صفحته من قبل رئيس المجلس حميد كريدي الأمر الذي فتح الباب أمام الكثير من التساؤلات التي تمحورت بمجملها حول هذا العنوان: ما الذي دفع الإدارة الى السير بدراسة هذا المشروع بحماسة غير مسبوقة، ومن ثم توقيفه كل ذلك، من دون شرح الأسباب؟

بين العارفين بكواليس هذا المرفق العام، هناك من يقول إنّ "وقف المشروع جاء بتدخل مباشر من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه الذي أدرك خطورته وقدّر كلفته الباهظة على الشركة، إذ أنه كان سيكلف الكازينو حوالى 100 مليون دولار فيما لو كانت التعويضات التي ستقدم للموظفين مقبولة". في المقابل، هناك بين هؤلاء من يعتبر أن مشروعاً كهذا "لم يكن ليطرح أساساً منذ أشهر لو لم يوافق عليه سلامه مسبقاً، لأن كريدي لا يستطيع بمفرده أن يضع على طاولة البحث دراسةً بهذا الحجم من دون الرجوع الى سلطة الوصاية ومشاورتها".

ما يزيد المشهد إستغراباً كيف أن رئيس مجلس إدارة شركة "إنترا" محمد شعيب، التي تملك أكبر نسبة من الأسهم في الكازينو كان حاضراً لكل الجلسات التي طرح ودرس فيها مشروع التقاعد المبكر الإختياري الذي كانت الإدارة تنوي تقديمه الى طاقمها التوظيفي، وبالتالي كيف وافق شعيب، وهو الخبير في عالم الأرقام، على هذا المشروع ومن ثم تم وقف العمل به الى أجل غير مسمى؟

هذا إدارياً، أما داخل الشركة فلقد أحدث هذا المشروع بلبلة بين الموظفين كانت إدارة الكازينو بغنى عنها منذ أن سرب هذا الطرح قبل ثلاثة أشهر وحتى اليوم.

بلبلة إنعكست سلباً على أداء العاملين في الشركة وإنتاجيتهم. وفي هذا السياق، تروي مصادر الموظفين، كيف أن الغالبية الساحقة منهم إنشغلت منذ مدة بالحديث عما يسرب عن هذا المشروع، وبما أن القضية تتعلق بمستقبل الأفراد، راح الموظفون والمدراء يمضون ساعات وساعات داخل دوام عملهم امام الآلة الحاسبة. تارةً يسمعون خبريةً من هنا تفيدهم بأن التعويض الذي سيقدم لهم إذا قرروا أن يتقاعدوا باكراً هو 60 شهراً، وعلى هذا الأساس راحوا يحتسبون المبالغ التي سيحصلون عليها. وتارةً أخرى تردهم معلومة من هناك مفادها أن قيمة التعويضات ستصل الى 72 شهراً، وهنا تنطلق عمليات إحتساب الغلة، ومنها تتفرع النقاشات والتحليلات لكل حالة على حدى، وما إذا كانت سنوات الخدمة تدفع بهذا الموظف الى قبول عرض الإدارة، وتجعل من زميله يرفضه.

نقاشات وصلت الى مرحلة متقدمة إذ أن البعض بين الموظفين بدأ يخطط للمشاريع التي يمكن أن ينفذها بعد خروجه من الشركة، أكانت وجهة هذه المشاريع نحو فتح وتأسيس المحال التجارية الخاصة، أم في إتجاه تجميد هذه الأموال في المصارف والإستفادة من فوائدها بالتوازي مع العمل في إحدى الشركات.

إذاً ألغت إدارة الكازينو هذا المشروع من حساباتها نهائياً أم وضعته في الثلاجة كي تعود الى بحثه في موعد لاحق، لا بد من توضيح ذلك للموظفين، الذين لا يتحملون مزيداً من الخضات المهنية، في بلد لا يعرف الإستقرار على كافة الصعد، وعلى رأسها إقتصادياً وإجتماعياً.