شكلت عملية اغتيال قائد "كتيبة شهداء شاتيلا" العميد "الفتحاوي" ​طلال بلاونة​ (الاردني) ومرافقه ابن شقيقه شعبان بلاونة في ​مخيم عين الحلوة​ وفي وضح النهار وفي مربعه الامني عند الطرف الجنوبي للمخيم ضربة قاسية لحركة "فتح" كبرى فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية"، التي لم تستوعب بعد هول الصدمة وهي تقف حائرة امام الخيارات الصعبة، لن تخوض معركة وهمية تؤدي الى اقتتال داخلي للاقتصاص من الجناة، ولن تقف مكتوفة اليدين لان ذلك يعني المزيد من "ضعفها وانهيار قوتها العسكرية وهيبتها المعنوية امام تمدد المجموعات "الاسلامية المتشددة" التي توجه اليها اصابع الاتهام سرا وعلنا، على خلفية الاشتباكات بينها وبين العميد الاردني الذي شكل رأس حربة في التصدي لها، الى جانب قائد "الكفاح المسلح الفلسطيني" السابق في لبنان العميد محمود عيسى "اللينو" في اكثر من محطة.

في القراءة الفلسطينية، فان عملية اغتيال الاردني جاءت ردا دمويا مباشرا على العميد "اللينو" وزيارته منذ اسبوعين الى معقل "فتح" في منطقة "البركسات" حيت التقى قائد الامن الوطني الفلسطيني في لبنان اللواء صبحي ابو عرب رغم ان البحث تناول تحصين أمن المخيم و"اجراء مصالحات" بين المتخاصمين، وليس نسج "تحالفات" لاي مواجهة.

اما في القراءة اللبنانية، فان عملية الاغتيال تصب في مصلحة المزيد من احكام قبضة "الاسلاميين المتشددين" على مربعات المخيم الجغرافية وتاليا محاولة السيطرة على قراره العسكري مع تنامي نفوذهم والتي بدت جلية في الاشتباك الاخير الذي وقع في "حي طيطبا" لجهة نصرة بعضهم البعض والتصدي لكل من يحاول النيل من احدهم.

وأبعد من اضعاف حركة "فتح"، فان القوى الفلسطينية تعتبر ان عملية اغتيال الاردني جاءت انتكاسة امنية هي الاخطر لتقوض جهودها في تحصين الامن والاستقرار ومحاولة لاسقاط مبادرتها الموحدة التي اطلقتها قبل عام وبضعة اشهر لحماية المخيمات والوجود الفلسطيني في لبنان، والحفاظ على العلاقات الفلسطينية اللبنانية وافشال دور "القوة الامنية المشتركة" التي كانت تستعد للانتشار في "حي طيطبا" بعد المعركة التي جرت فيه بداية شهر رمضان المبارك، وبالتالي السعي لتمرير المرحلة بأقل الخسائر الممكنة في ظل الخلافات اللبنانية الداخلية واشتعال المنطقة اقليميا.

على ان اللافت في عملية الاغتيال توقيتها ايضا، اولا جاءت بعد ساعة واحدة فقط على اجتماع فلسطيني موسع عقدته "القيادة السياسية الموحدة" و"اللجنة الامنية العليا" في مقر "اللجنة الامنية المشتركة" بحضور قيادات من "فتح" و"حماس" و"القوى الاسلامية" و"انصار الله"، واعلن فيه عن اتفاق لازالة كل اسباب التوتر في المخيم، بما فيها وضع مركز "المقدسي" في عهدة القوى الاسلامية" والبدء بدفع التعويضات المالية على المتضررين في اشتباكي حيي "الزيب" و"طيطبا"، وثانيا بعد اعلان قائد "القوة الامنية المشتركة" في لبنان اللواء منير المقدح عن رفد القوة الامنية بنحو مئة عنصر اضافي لطمأنة ابناء المخيم بعد اعادة تأهليهم وتدريبهم، وثالثا مع غياب العميد "اللينو" عن ساحة المخيم لتواجده في مصر للمشاركة في حفل زفاف نجل العقيد محمد دحلان، ورابعا مع الاتفاق الفلسطيني السياسي والشعبي على تنظيم سلسلة من التحركات الاحتجاجية ضد سياسة وكالة "الاونروا" وقراراتها بوقف المساعدات المالية للنازحين وتقليص الخدمات للاجئين بدء من أمام مكاتب مدراء المناطق الخمسة وصولا الى إقامة اعتصام مركزي أمام مقر "الأنروا" الرئيسي في بيروت يوم الجمعة.

في الخلاصة، "فتح" التي قررت العضّ على الجراح مجددا، وربما الثأر لاحقا بطريقة امنية مماثلة، ابلغت مصادرها "النشرة" ان اسماء الجناة الذين نفذوا عملية الاغتيال باتت معروفة لدى الجميع بانتظار اعلانها من قبل "لجنة التحقيق" التي انبثقت عن اللجنة الامنية الفلسطينية العليا والتي استمعت الى افادات الشهود وراجعت بعضا من كاميرات المراقبة، وهي تعتبر انها تمت على ايدي عناصر مشبوهة ومعروفة بإرتكابها الجرائم في إطار مسلسلٍ دموي يستهدف أمن المخيم ومستقبله، معاهدة "أن دمه لن يذهب هدرًا، ولن يضيع حقه، ولن نتسامح مع الجُناة"، مطالبة بملاحقة واعتقال المجرمين وتسليمهم للقضاء اللبناني.

واذ اكدت حركة "فتح" "اننا حريصون كل الحرص على أمن المخيمات والجوار وندرك أن هناك أطرافًا تنفّذ مشاريعَ تدميرية للمخيمات الفلسطينية"، املت أن تقوم قيادات كافة الفصائل واللجان الشعبية بدورها المطلوب في تسهيل دور اللجنة الأمنية في متابعة واعتقال مُرتكِبي الجريمة لأن المماطلة والفشل ستكون لها تداعيات مُحبِطة لشعبنا في المخيمات.