بعيدًا من منح النفايات “صفة مجسّدة"Personification " احترامًا لخلق الله رغم أن بين القوم رُذالاً، وبعيدًا من مقاربة النفايات بالقوت الحيّ رغم أن ما يأكله اللبنانيون ليس أكثر نظافةً مما يرمونه في أكياس قمامتهم، نسمح لأنفسنا ونحن من المشتمّين لا الشتّامين، والممروضين لا المستمرضين، بأن نقول إن كلّ الوزارات المعنية بالملفّ ومن ضمنها وزارة السلامة الغذائيّة لم تكن مطابقة للمواصفات. كيف تكون فرادى والحكومة الأمّ برمّتها غير مطابقة لأي مواصفة؟

اليوم، نفعل نظريًا ما لم تفعله الوزارات المعنية فعليًا، أو ما فعلته متأخرةً. ليست وزارة الصحّة مما سيلي وحدها المقصودة، ولكن بما أنها عرّابة حملة سلامة الغذاء الشهيرة التي لم تترك مطعمًا إلا وطرقت باب مطبخه، نقترح على وزارات حكومة “النفايات الوطنية” إصدار لائحة بمهام مطابقة للمواصفات وتوزيعها في ما بينها بشكل متوازن كالنفايات.

- وزارة الصحّة: الكلام كثير والمساحة قليلة. نصيحة في سؤال: كلّ ما أكلناه سابقًا غير مطابق وكلّ ما نشتمه اليوم مطابق؟ الحرّ المستورد والقشطة الفاسدة والنخاعات المثلجة والدجاج المنتوف كاللبناني، كلّ ذلك يُمرِض والنفايات التي تعيش بحشراتها في الأنوف والمعدات لا تقتل؟

- وزارة البيئة: إدراج حرائق النفايات على لائحة الحرائق الموسميّة التي تستدعي طلب معونة من الطوّافات القبرصية لإخمادها.

- وزارة الزراعة: نُصح المزارعين بالإكثار من زرع البطيخ لأنه سريع التحلّل، عدا عن أن استخدامه درج لأغراض أخرى وفق سياسة “بطيخ يكسّر بعضو”.

- وزارة السياحة: مهاتفة الأونيسكو لإدراج جبال النفايات على لائحة التراث الوطني العالمي والعمل على إنشاء محميّة لها في عرسال النائية.

- وزارة شؤون التنمية الإدارية: استبدال مفهوم الإنماء المتوازن طالما أنه ساقطٌ تنفيذيًا بالنفايات المتوازنة الموزّعة عدلاً على المناطق.

- وزارة المال: استبدال توزيع الأموال على صناديق البلديات بتوزيع النفايات على بؤرها، ومتى غابت البؤر الجدباء الموضة تقول إن المدافن نافعة.

- وزارة الداخلية والبلديات: التركيز على لوجستيات الانتخابات البلدية مع إرفاق مستندات الترشح لمنصب الرئيس بورقة رسميّة تؤكد موافقته المسبقة على استقبال منطقته لنفايات الآخرين تحت عنوان “التوزيع المتوازن”.

- وزارة الصناعة: تناسي حكاية معامل الفرز المُكلفة والحرص على اكتساب صناعة الكمامات الوطنية لتوزيعها على عناصر الشرطة البلدية.

- وزارة الخارجية والمغتربين: تفعيل مشروع استعادة الجنسيّة لأن بلد النفايات يستحق أن يعود أهله اليه. والأهم عدم دعوة المغتربين الى بلدهم الأم لأن ارتفاع عدد الوافدين يعني حكمًا ارتفاع معدلات النفايات و”مش ناقصنا”.

- وزارة الدولة: لا نصائح مجدية لها طالما أنها غير مجدية. فكم بالحري إذا كانت الدولة برمّتها عاطلة من العمل، أيعود حينها لوزارة تحمل اسمها عمل؟

- وزارة الطاقة والمياه: لا جدوى من مسارعتها الى شراء كابلات جديدة بعد احتراق عددٍ منها جراء حرق النفايات، فمحترقة وفي أفضل حالاتها، التقنين “ماشي”، وليته ينطلي على تعامل اللبنانيين في بيوتهم مع الفضلات والهدر.

- وزارة الشؤون الاجتماعية: إضافة خطّ ساخن هدفه إنقاذ المواطنين العالقين في كومة نفايات، أو حامل لا تجد الى المستشفى سبيلاً بسبب قطع طرق حيوية.

- وزارة الثقافة: تخصيصُ يوم مجاني لزيارة أهم معالم النفايات الوطنية، والاجتهاد على مستوى ترشيح هذه المعالم الى مسابقة عجائب الدنيا السبع.

- وزارة التربية: الرجاء من الوزير الشاب، ومن باب “المَونة” لا الإملاء، العمل على إدخال مادة “التربية النفاياتية” الى منهج العام الدراسي 2015-2016.

- وزارة العمل: إقرار حوافز للعمّال الأجانب على اختلاف جنسياتهم وتسهيل إقاماتهم. فالحاجة اليهم ماسّة عندما تنفرج. من سواهم سيجمع أوساخنا؟

- وزارة الاتصالات: توعية المواطنين برسائل نصيّة قصيرة تتضمن معلومات بنظام “GPS” عن أقرب النقاط البحرية مع تذييل الرسالة بملحوظة: ارموا ولا تسألوا. ليس للقاع صدى”.

- وزارة المهجّرين: نصيحة الى الأنثى الوحيدة: انسي بريح موقتًا لأن المئات منها ستتوالد عندما يهجر اللبنانيون مناطقهم بسبب الروائح. حينها “لحقي عصناديق”.

- وزارة الدفاع: لن ننصحها بشيء، إذ يكفي الجيش هموم “النفايات” الحدودية ولا حاجة الى إغراقه في نفايات الداخل.

- وزارة العدل: إصدار مذكرات وجاهية في حقّ كلّ من يفرّط في أكياس النفايات المتراكمة برميها على سيارات الزعماء.

- وزارة الإعلام: الإيعاز لوسائل الإعلام باعتماد مراسلين دائمين عند كلّ تجمّع للنفايات خوفًا من عدم وصولهم بسبب قطع الطرق المتكرر.

- وزارة الأشغال: هي وحدها المسرورة لأن الشتاء على الأبواب وحجّتها معها عندما تطوف مجاري الصرف الصحي: رواسب نفايات.

- وزارة الإقتصاد والتجارة: توسيع رقعة المتاجرة بأطنان النفايات بأغلى الأسعار لتشمل دول الجوار فتستفيد الخزينة وتفيد.

- وزارة الشباب والرياضة: تخصيص مبارياتٍ حماسيّة في جمع النفايات وفق عدّادٍ دقيق يفوز في نهائياتها ناقل أكبر كمية منها الى مواقع مجهولة.

- أخيرًا، الى رئاسة الحكومة بشخص رئيسها نصيحة بسيطة، والنصيحة في أيامنا هذه بجَمل: لا “تُهمهِم“ فالعمر قصير. ارمِ وراء ظهرك... في البحر.