يحلُّ عيد الجيش اللبناني الـ 70 هذا العام في ظل ظروف دقيقة وحسّاسة تهدّد أمن واستقرار لبنان، وتستهدف قصفاً وقنصاً المؤسّسة العسكرية، التي قدّمت الغالي والنفيس بالدم القاني من أجل المحافظة على الأمن والاستقرار، ومواجهة العدوان الصهيوني المتواصل والخلايا الإرهابية...

لقد أثبت الجيش، بفضل حكمة ومناقبية قائده العماد جان قهوجي، أنّه عصي على مؤامرة استهدافه، ومحاولات نقل الانقسام السياسي إلى صفوفه - على الرغم من دعوات بعض السياسيين للانشقاق عن الجيش - ومواصلة توجيه السهام والقصف بمختلف أنواع الأسلحة باتجاه المؤسّسة العسكرية، التي استطاعت بفضل دراية قائدها ترسيخ الانصهار لكل مكوّنات المجتمع اللبناني في بوتقة وطنية، بتجسيد شعار الجيش: شرف، تضحية، وفاء... "بندقيتك هي الشرف، وصمودك هو التضحية، ولبنانيتك الصافية هي الوفاء"، وهو الشعار الذي أكد عليه العماد قهوجي...

عندما تلتقي قائد الجيش في مكتبه باليرزة، تشعر بحجم المهام الجسام الملقاة على عاتق قائد الجيش الثالث عشر العماد قهوجي... جنوبي المولد، ووطني الانتماء، وتلمس مدى حرصه على منع إدخال السياسة إلى المؤسّسة العسكرية، وعدم نقل خلافات السياسيين إلى داخل الجيش، وهاجسه الأساسي إفشال أي محاولات لانقسام الحصن الأخير المتماسك في مؤسّسات الدولة، حيث تعود به الذاكرة إلى اللحظة الأليمة، يوم كان في بداية حياته العملانية في المؤسّسة العسكرية، حينما نجح المتآمرون بإحداث شرخ تشظّى منه الجيش بعد الحرب العبثية في العام 1975، فطاله الانقسام، خاصة أنّ الظروف التي نعيشها مع انقسام بين السياسيين لا تفترق كثيراً عمّا جرى في تلك اللحظة الأليمة...

القائد الذي أخذ على عاتقه مواصلة دفاع الجيش عن الوطن في وجه الاحتلال الإسرائيلي، واجه أيضاً الإرهاب، وتمكّن بالتعاون مع القوى الأمنية الأخرى، توقيف العديد من الخلايا الإرهابية وشبكات التجسّس الإسرائيلي، إضافة إلى مساعدة قوى الأمن لحل الإشكالات الأمنية التي تحدث، ومساعدة المواطنين في الكوارث الطبيعية والأحداث الأليمة...

هذا فضلاً عن العمل على تطوير قدرات المؤسّسة العسكرية عتاداً وعتيداً، حيث تركت هبة المملكة العربية السعودية بدعم الجيش، ارتياحاً، نظراً إلى الحاجة الماسّة إلى ذلك لمواجهة التطوّرات الأمنية، والعمل على تثبيت الأمن والاستقرار في لبنان...

في ظل ما يتعرّض له لبنان من مخاطر، فإنّه من الأهمية عدم شغور المراكز الأمنية، وفي طليعتها منصب قائد الجيش، حيث يضع المواطنون أيديهم على قلوبهم عند كل خضّة أو خبرية، لذلك فمن الضروري التمديد للعماد قهوجي للاستمرار في قيادة المؤسّسة العسكرية، بعدما أثبتت التجارب أنّه بفضل حكمته استطاع لبنان تجاوز الفتن والمطبّات التي عصفت به، وتفكيك العديد من الألغام قبل انفجارها...

تحل الذكرى هذا العام، حيث يغيب الاحتفال الرسمي مع استمرار شغور سدّة رئاسة الجمهورية، ومواصلة التجاذبات السياسية التي تنعكس بسلبياتها تشنّجاً على أرض الواقع، لكن أمر اليوم لقائد الجيش يحدّد الثوابت...

يؤكد العماد قهوجي أنّ "الجيش الذي قدّم التضحيات من أجل تنفيذ المهام، قراره حازم بالتصدّي بكل قوّة لأي محاولة لزعزعة الاستقرار الأمني في لبنان، الذي لا يزال الأفضل في المنطقة قياساً إلى ما يجري من أحداث خطيرة في العديد من بلدانها، على الرغم من التجاذبات السياسية والمصاعب الداخلية".

ويعتبر قائد الجيش أنّ "تكاتف الجيش مع الشعب هو أقوى من كل المؤامرات والفتن التي يبيّتها العدو الإسرائيلي والإرهابي ضد الوطن"، مشدّداً على "تمسّك الجيش بدوره الوطني في الحفاظ على وحدة لبنان والعيش المشترك بين أبنائه"، وجازماً بأنّ "جميع محاولات التشويش على هذا الدور لن تنجح على الإطلاق، وأنّ الجيش سينتصر حتماً كما انتصر سابقاً، لأنّ الجيش مع المحافظة على الدولة ومؤسّساتها، والمحافظة على كيانها كما حماية الدولة وحرية الإنسان"...