الحلول السحرية للأزمة السياسية في لبنان ليست في متناول اليد.. وتعويل على التفاهمات الاقليمية

من المؤكد ان المناخات السياسية التي تحكم جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً لن تكون أفضل حال من الجلسة التي تمّ تطييرها بالأمس تجنباً للانفجار الذي كان بحكم الواقع بنتيجة استمرار القوى السياسية التي تتألف من مكوناتها الحكومة التمترس وراء مواقفها ورفض أي فريق التراجع ولو قيد انملة إن في ما خص آلية عمل مجلس الوزراء، أو حيال الملف المستجد المتعلق بالنفايات حيث يرمي كل فريق الكرة في ملعب الفريق الآخر متنصلاً من المسؤولية.

وليس سراً ان الحكومة باتت في مرحلة لا تحسد عليها حيث ان مصيرها أصبح كمن يقف على «شوار» وهي قد تهوي في أية لحظة، نتيجة غياب التجانس بين مكوناتها، والذي يجعلها عاجزة عن أي حل لأية مشكلة تواجهها.

وفي تقدير أوساط سياسية متابعة ان مصير جلسة مجلس الوزراء الخميس محفوف بالمخاطر، لا بل إلى مصير الحكومة وإمكانية تحولها إلى حكومة تصريف اعمل لم يعد مستبعداً، وهذا الأمر حمل العديد من السفراء العرب والأجانب إلى التحرّك والقيام باتصالات بعيدة عن الأضواء لسحب فتيل تفجيرها في هذه المرحلة، وقد وصل الأمر بالعديد من هؤلاء إلى الطلب المباشر من بعض الوزراء إعلان الدعم المباشر للرئيس تمام سلام والوقوف سداً منيعاً امام أية محاولة لإلحاق الحكومة بالفراغ الرئاسي والشلل البرلماني لما لهكذا وضع من سلبيات ومخاطر على مجمل الوضع اللبناني خصوصاً وأن ما من قوة على الإطلاق تستطيع تأليف حكومة جديدة في هذه المرحلة حيث لا يوجد رئيس للجمهورية، والانقسام السياسي في ذروته، والعوامل الإقليمية والدولية التي من المفترض ان تكون مساعدة في هكذا ظروف هي غائبة ولا تضع الوضع اللبناني على اجندتها حالياً لا من قريب ولا من بعيد.

وأبلغ هؤلاء السفراء بحسب الأوساط السياسية بعض الوزراء بأن الوضع السياسي لامس الخطوط الحمراء، وأن الوقوع في الفوضى لن يكون في مصلحة أي فريق، ولذا فإن المطلوب التريث تجاه أي خطوة تتعلق بمصير الحكومة كون ان الظروف المحلية والخارجية غير مؤاتية لمقاربة هذا الملف على الإطلاق.

وتوقفت هذه الأوساط عند الزيارة التي قام بها إلى السراي السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، ووضعها في حانة حرص المملكة على الاستقرار المؤسساتي في لبنان، وتشجيعها المسؤولين على إبعاد لبنان عن التشنجات وتهدئة الوضع.

واذا كان الحرص العربي والغربي واضحاً على ضرورة الحفاظ على الاستقرار السياسي في لبنان منعاً للمزيد من حالات الفراغ في مؤسساته الدستورية، فإن الأوساط السياسية لم ترصد أي تطوّر جديد في ما خص موقف القوى السياسية من آلية عمل الحكومة، وهو ما يعني ان جلسة الغد قد تلقى المصير ذاته الذي لقيته جلسة الأمس وذلك افساحاً في المجال امام المزيد من المشاورات التي بدأت حيث زار السراي العديد من الوزراء، كان البارز من بينهم وزراء حزب الكتائب الذين كان لهم موقف معارض من قرار تأجيل الجلسة على اعتبار انه في وقت الأزمات يفترض بالحكومة ان تجتمع بحثاً عن حلول للمشاكل لا ان تؤجل اجتماعاتها التي تكون في الأصل مقررة.

ووفق الأوساط ان وزراء الكتائب ابلغوا الرئيس سلام انهم يقفون إلى جانبه في الحكومة ويعارضونه في الاستقالة معللين الأسباب التي تحمله على هذا الأمر وأبرزها الخوف من ان يكون هناك من يدفع باتجاه الفراغ في الدولة عن طريق الاحتجاجات على النفايات، مستذكرين قضية حرق الدواليب في الشوارع والتي حملت الرئيس عمر كرامي آنذاك على الاستقالة.

وتلفت الأوساط السياسية النظر إلى ان الرئيس سلام ليس في وارد التسرع في أي قرار وأن الدعسة الناقصة لا مكان لها في قاموسه، ولذا فإنه مطالب بالمزيد من الصبر والصمود، باعتبار ان مرحلة جديدة قادمة على المنطقة بعد الاتفاق النووي الذي حصل، وما يُحكى عن حِراك فرنسي تجاه إيران قد يكون لبنان من بين الملفات التي ستدرج على بساط البحث بين وزير خارجيتها والمسؤولين الإيرانيين اليوم، وإن كانت الآمال في إحداث تغيرات فورية نتيجة الاتفاق النووي قد تضاءلت لا بل تلاشت، حيث برز إلى العلن انه بعد التوقيع على الاتفاق زادت المواقف الدولية تصلباً حيال الملفات المفتوحة في لبنان، وهو ما يُعزّز الاعتقاد بأن المنطقة تحتاج إلى تفاهم إقليمي قبل التفاهم الدولي لمعالجة المشاكل القائمة لا سيما على المستوى الإيراني - السعوي، حيث وبمجرد بدء فتح القنوات وترميم الجسور بين الرياض وطهران سنكون امام حلول جذرية لأزمات المنطقة بدءاً من اليمن وانتهاء بلبنان وما بينهما سوريا والعراق.

ولا تخفي هذه الأوساط ان الوضع اللبناني يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم وهو بات يحتاج إلى حلول سحرية ليست في متناول اليد بعد، غير ان ذلك لا يُبرّر استقالة الحكومة في هذه الظروف الدقيقة والخطيرة، وهي بالتأكيد ستشرع الأبواب امام المزيد من الانشطار السياسي وهو أمر يحاول تجنبه كل الأفرقاء حتى تلك التي يؤدي تصلبها في موقفها إلى فرملة عمل الحكومة.