في 30 حزيران من العام الجاري، أخلت وحدة الإخلاءات في وزارة المهجرين بقوة الكسر والخلع إبن بلدة بريح الشوفية يوسف الياس لحود من المنزل الذي صادره خلال الحرب اللبنانية في محلة كاليري سمعان. وفي الأول من تموز الجاري، جاء دور إخلاء إبن بريح الفرد ملحم الخوري من المنزل المصادر بسبب تهجير حرب الجبل في المطيلب، وأيضاً عن طريق الكسر والخلع. كل ذلك كان يومها بالتنسيق الكامل والتام بين وزارة المهجرين و​القضاء اللبناني​. ملف الخوري تم تحويله يومها الى القاضي داني شرابية وملف لحود الى القاضي وليد المعلم.

بين ليلةٍ وضُحاها، بات يوسف والفرد مع عائلتيهما في الشارع، فما كان بهما إلا أن تحرّكا مع مجموعة من أهالي البلدة والمحامين في إتجاه النائب العام الإستئنافي في جبل لبنان القاضي كلود كرم. شرح يوسف وألفرد للقاضي كرم حجم المعاناة التي ضربتهما، متحدّثين في كتاب مفتوح عن تهجير مسيحيي بريح مرتين، مرّة بسبب الحرب ومرّة أخرى بسبب ظلم وزارة المهجرين بحق المهجرين، إذ إنّ التعويضات المخصّصة لهما لم يحصلا عليها بعد. أما الطلبات التي قُدّمت للقاضي كرم، فتركّزت على "إعادة مفاتيح المنزلين المصادرين الى حين تسوية أوضاع يوسف وألفرد من قبل الوزارة بشكل لائق يحفظ الكرامات".

وبنتيجة هذه الكتب والمراجعات المباشرة، حوّل القاضي كرم الطلبات الى قوى الأمن الداخلي وتحديداً الى مخفري أنطلياس والحدث طالباً ضم الكتابين الى ملف التحقيق العالق ومخابرته. وهنا يروي الأهالي أن "القاضي كرم، طلب منهم نقل المعاملة باليد الى المخفرين المذكورين. وبعد نقل طلب القاضي كرم الى فصيلتي انطلياس والحدث، تشير المعلومات إلى أنّ جواب قوى الأمن للقاضي جاء على الشكل التالي: "المفاتيح ليست لدينا وهي بحوزة وزارة المهجرين". هنا تدخل كرم مجدداً طالباً من الدرك تحويل الملف الى الوزارة، ومن الأهالي إبلاغ الوزارة باليد قراره لمخابرته، وهكذا حصل، إذ حُوّلت المعاملة من المخفرين الى رئيس دائرة الإخلاءات جواد زيتوني. وتزامناً مع ذلك، زار وفد الأهالي مدير عام الوزارة أحمد محمود لمطالبته بمفاتيح المنزل، فكان جوابه "فليرسل القاضي كرم لنا كتاباً واضحاً وصريحاً يطلب فيه إعادة المفاتيح لكم ونحن جاهزون". وعندما طلب الأهالي منه مخابرة القاضي قال "الكتاب لم يحول لي أساساً كي أخابر القاضي".

وبما أن هذه الزيارة لم تجد نفعاً، قرر الأهالي مراجعة القاضي كرم من جديد. على هامش كل ذلك، لم تجعل هذه الجولات التي يقوم بها مهجرو بريح الوزارة تتراجع ولو راهناً عن تنفيذ ما تبقى من إخلاءات، وفي هذا السياق كشفت المعلومات أنّ دائرة الإخلاءات أبلغت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بأنها ستخلي غداً منزلاً جديداً يصادره إبن بريح يوسف جرجي لحود في محلة برج حمود وأن آخر مهلة لإخلائه هي 30 تموز سواء قام بقبض التعويض أو لا. هذا الإخلاء سيحتم مواجهة بين الأهالي وقوى الأمن وهذا ما تؤكده أجواء المهجرين.

أمام هذا المشهد، لا يمكن القول أبداً أن المنازل المصادرة هي من حق مهجري بريح، فلا هم يريدونها اساساً لأنها حق لأصحابها الأساسيين، ولا يقبلون في الوقت عينه ألا يحصلون على اموالهم من الوزارة، كل ما يريدونه التعويضات اللازمة لتثبيت عودتهم الحقيقية الى الجبل، والأهم إستعادة أراضيهم المصادرة أيضاً في بريح من قبل شركائهم في الوطن.