لم يكن فحوى الحديث ما قبل الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وبالتحديد ذلك المتعلق بالوضع الحكومي والأزمة السياسية المتحكمة بالبلاد عاديًا أو عابرًا، فهو شكّل صدمة لدى فريق "14 آذار" كما لرئيس الحكومة ​تمام سلام​ الذي لم يكن يتوقع أن يتطرق سيد "حزب الله" لما أشاعه سلام في الايام الأخيرة عبر وسائل الاعلام عن رغبته بتقديم استقالته نظرا لعدم ورود أي موقف رسمي في هذا الاطار، فكيف اذا خرج نصرالله للتحذير من تطيير الحكومة موجها رسائل مبطّنة عمّا قد يلي خطوة كهذه.

وتشير مصادر معنية ومواكبة لما قاله الأمين العام لـ"حزب الله" عن ورود معلومات لعدد من المسؤولين فيه مفادها أنّ سيناريو استقالة الحكومة بدأ يتم التداول فيه في الاروقة المحلية وبعض الاروقة الاقليمية المعنية بالأزمة اللبنانية، من منطلق أن تحويل الحكومة الى تصريف الأعمال سيجعل كل وزير ممسك ومتحكم بوزارته الى أجل غير مسمّى، والأهم أن ذلك سيطيّر أي امكانية لاتمام التعيينات الأمنية التي يطالب بها رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون.

وينطلق الداعون في قوى "14 آذار" و"تيار المستقبل" لاستقالة الحكومة من منطلق أنّها أصلا مشلولة وغير فاعلة، وبالتالي فان تطييرها قد يحول دون تفاقم الأزمة نظرا لكون الأمور ستتحول تلقائيا باتجاه تمديد ولاية قائد الجيش وباقي قادة الأجهزة الأمنية، وبنفس الوقت سيكون بمثابة مسعى ناجح بممارسة ضغوط كبيرة على "حزب الله" المعني الأول بالابقاء على الاستقرار الداخلي.

ويعي "حزب الله" تمامًا ما يخطّط له الفريق الخصم وما يسعى اليه من خلال التلويح بورقة الاستقالة، وحتى أنّه لا يستبعد اقدامه على لعبها في الوقت الضائع راهنًا، الا ان المصادر تؤكد ان "الامور لن تجري كما تشتهي سفن 14 آذار، باعتبار ان حزب الله يعد لمفاجآت غير محسوبة في حال قرر تيار المستقبل والمملكة العربية السعودية نسف التهدئة التي يكللها الحوار المستمر معه، من خلال تطيير الحكومة". وتردف المصادر: "وصول الأمور الى هذا المستوى سيعني تلقائيًا فشل النظام السياسي الحالي وانطلاق البحث علناً عن نظام جديد، وبمعنى آخر، فان الاستقالة ستكون الطريق الأقصر باتجاه المؤتمر التأسيسي الذي يخافونه ويحذرون منه".

بالمقابل، وبقدر ما يبدو تمام سلام جديًا بقلب الطاولة على رؤوس الجميع من خلال تقديم استقالته، بقدر ما يظهر متردّدًا لأن أي خطوة مماثلة غير محسوبة مع الحلفاء السياسيين والمرجعيات الاقليمية ستؤدي تلقائياً لنسف مستقبله السياسي، خصوصًا وأنّه رئيس أهم مؤسسة فاعلة حاليا على مستوى البلد ومرشح للبقاء على رأسها الى أجل غير مسمى.

بالمحصلة، لا شك أن استيعاب الأزمة الحكومية في الوقت الراهن وتفادي "مفاجآت حزب الله" لن يعني تخطيها، باعتبار أن اي حل موضعي مقبل سيكون أشبه بمجرد عملية ترقيع تؤخر انفجار الحالة اللبنانية المضغوطة، نظرا الى أن كل الفرقاء توصلوا لقناعة مفادها أن البلاد مقبلة على نظام جديد حتى ولو رفض بعضهم التحدّث بذلك علنًا.