لا أعرف الشاب طارق الملاح الذي اقدم على رمي النفايات على سيارة الوزير رشيد درباس، ولم يسبق لي ان التقيته، كما أنني لا أكتب للدفاع عنه، فلربما اراد لنفسه الانتقام من المعاناة التي واجهته في الماضي، وتجاهل السياسيين له، ولكن ما حدث فتح العيون على مواضيع كثيرة.

إستاء الوزير من اعتراض المتظاهرين لموكبه ورشقه بالنفايات، وهذا أمر مرفوض بكل تأكيد، وكان حريٌ بهؤلاء التفتيش عن طريقة اخرى لإيصال صوتهم غير الإعتداء على موكب الوزير، لكن ما هو مرفوض أكثر التصريحات التي أطلقها الوزير عقب الحادثة.

وزير الشؤون الإجتماعية قال حرفيًا، "سأستمر بالدعوى (المرفوعة من قبله على الملاح)، وما حصل مصور في شريط فيديو، والمعتدون معروفون"، متابعاً "اذا الدولة لم تأخذ حقّي فأنا أعلم كيف آخذه، انا لست سهلا ولن اسكت، لا يُرهبني احد، والنفايات التي رشقني بها هؤلاء الناس أشرف منهم".

ركزوا على آخر عبارة للوزير، "اذا الدولة لم تأخذ حقّي فأنا أعلم كيف آخذه"، ومعانيها ودلالاتها، فأضعف الإيمان التوقف عند هذا الكلام لأنه صادر عن وزير يُحسَب عليه كلامه، وليس مواطنًا عاديًا بسيطًا، وبالتالي فإنّ أول سؤال سيطرحه المطلعون على بيان درباس، هل وزير الشؤون الإجتماعية مقتنع بوجود نظام في لبنان، ثم سيليه، هل يؤمن بوجود قانون يحفظ حقوق الجميع أم أن لبنان هو فعلا مزرعة تُمارس السلطة فيها بشكل استنسابي، ولذلك لا بد من استعراض العضلات والفتوات؟

هل يعلم الوزير درباس أنه أضاع فرصة العمر، لأنه كان قادرا على الخروج بمظهر البطل في عيون اللبنانيين بعد الإعتداء عليه، فبدلا من التلهي خلف الإدعاء على الملاح والدخول في معمعة التراشق الاعلامي مع رواد مواقع التواصل الإجتماعي المتضامنين مع طارق، وكان أفضل له لو قام بعقد مؤتمر صحفي شرح فيه ما حدث، معبرا عن تضامنه مع اللبنانيين الذين طمرت منازلهم وشوارعهم بالنفايات، ومؤكدا انه واحد منهم يشعر بمعاناتهم ولكان قال حرفيا، أنا أصفح عن الملاح ولكن سأقاضي كل من تسبب بهذه المهزلة، وشوّه صورة بلادنا أم العالم، لكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود.