في ظل الحديث عن أزمة ​النفايات​ اليوم، تداول المجتمعون في اللجنة الوزارية المخصصة لهذه الازمة في حلّ يقضي بمعالجة أطنان من نفايات بيروت في معمل صيدا لفرز النفايات. ففي تلك المدينة، اختلفت الحياة كثيراً مع إزالة جبل النفايات "الكبير"، وردم البحر عبر تشييد حائط بحري وإستعمال المعمل لفرز نفايات المدينة كما يُشاع.

زارت "النشرة" صيدا مؤخراً، وتحديدا المكان الذي كان فيه جبل النفايات. في تلك البقعة الصيداوية حذر وخوف شديدان، بحيث لا يُسمَح لأحد بالدخول الى ذلك "المربّع" أو حتى تصوير ما يجري فيه، وهذا ما حصل معنا حين كنا هناك، فقد اقترب منا أحد العمال يسألنا "من أنتم؟ وماذا تريدون؟" مضيفاً: "ممنوع التصوير هنا واذا كان هناك من مشكلة يرجى الإستفسار من مهندس البلدية زياد حكواتي".

غياب رسمي!

كثيرة هي الصور التي يستطيع المرء التقاطها بنظره وعديدة هي المشاهد التي يصعب محوها من الأذهان وأبرزها مشهد النفايات المُلقاة في البحيرة قرب المعمل... ليبقى السؤال ماذا يعالج المعمل إذا كانت النفايات مرميّة في البحيرة خصوصاً وأنها ليست من العوادم؟!

حاولت "النشرة" الإتصال بمدير المعمل نبيل زنتوت، وكذلك بالمهندس سامي البيضاوي مرّات عدة للإستفسار عن الطريقة المتّبعة لمعالجة النفايات ولكنها لم تلق جواباً، كذلك اتصلت بالبلدية في محاولة للاستفسار من رئيس البلدية محمد السعودي حول المسألة فما كان من سكرتيرته الا أن حوّلت القضية الى المهندس في البلدية زياد حكواتي، مؤكدة أنه هو المخوّل من قبل البلدية الاجابة عن كل الاسئلة، فما كان من الأخير إلا أن تهرّب عبر التأكيد أن رئيس البلدية هو من يستطيع الإجابة وبين هذا وذاك لا جواب على كلّ الأسئلة!

نفايات ترمى في البحر!

بالقرب من البقعة الممتدة من المكان الذي كان يوجد فيه جبل النفايات وحتى المعمل، محطة للوقود اعتصم مالكها زياد سعد مرات ومرات من أجل "ايقاف المهزلة" كما سمّاها ومعالجة المعمل للنفايات، والتوقف عن رميها في المياه لأنها تتسبب بروائح كريهة وأمراض خطيرة لسكان المنطقة. ويقول لـ"النشرة": "اصبنا بالسرطان جراء كلّ هذا التلوّث الذي يحيط بنا والكلّ صامت". ويضيف: "منذ الإنتهاء من طمر الجبل في البحر والرمي مستمر للنفايات في البحيرة الآسنة وكل اعتراضاتي لم تأت بنتيجة".

ويؤكد سعد "اننا لا ننام من الروائح الكريهة ويجب أن يتبع هذا المعمل الشروط الصحية وإلا فليقفل!". وهذا ما يلفت إليه نزيه برجاوي بدوره، مؤكداً أنهم "يرمون النفايات في البحيرة كما فعلوا في جبل القُمامة ثمّ يعودون الى استعمال الردميات لطمرها في البحر".

ويشير سعد الى أن "نفايات المعمل ترمى في البحيرة بشكل علني، ومن يقوم بذلك مدعوم"، ويلفت إلى أنّ شاحنات الردميات تدخل باستمرار لتغطية "الجريمة" التي رأى أنها "موصوفة"، متسائلاً: "لماذا لا تتحرك النيابة العامة في هذه القضية؟"

مشروع سوليدير في صيدا!

بعد كلّ هذا الكلام، تشرح مصادر واسعة الاطلاع على الموضوع لـ"النشرة" حقيقة رمي النفايات في البحيرة قرب المعمل. وتلفت الى أن "خلف "نيّة" البدء بمعالجة جبل النفايات قديماً مشروعًا ضخمًا هدفه تحويل تلك البقعة الى "سوليدير" أخرى، وكانت "النشرة" قد تطرقت إلى هذا الأمرسابقاً"، ومشيرةً الى أنه "تم تشييد حائط بحري مساحته تصل الى 17 مرة حجم المكب، ردم جزء ويبقى قسم آخر منه وهي البحيرة بجانب معمل معالجة النفايات الصلبة هناك"، وتضيف المصادر: "أعمال ردم تلك البقعة تستكمل عبر رمي النفايات فيها ومن ثم طمرها بالردميات التي تحملها الشاحنات وتفرغها في ذاك المكان"، وتتساءل: "هل سيكون إستعمال معمل صيدا لمعالجة جزء من نفايات بيروت هو مما يُحاك لاستكمال هذا المشروع والاستعجال في ردم تلك البحيرة؟!"

في المحصلة تعيش ​مدينة صيدا​ تلوّثًا حقيقياً وستعيش في المستقبل القريب كارثة أكبر إذا اتخذ فعلا القرار بمعالجة نفايات بيروت في معمل فرز النفايات هناك، لأنه عندها سينشأ مشروع ضخم على حساب حياة وصحة المواطنين الصيداويين!