الكتابة رعب، في أيام الحرب كانت رعباً حين كان الحدث سقوط القذائف وما تخلِّفه من سقوط أرواح وخراب ودمار، كنا نكتب والقلم يرتجف في أيدينا حين يكون الخبر عشرات الشهداء والجرحى من جراء قذائف أو سيارة مفخخة.

اليوم تعود الكتابة رعباً، ولكن ليس من القذائف أو السيارات المفخخة، بل من قذائف القرارات الإرتجالية وتفخيخ القرارات الآتية.

رعب الكتابة لن يكون اليوم بل إعتباراً من أيلول، لكن التمهيد له سيبدأ من اليوم، فالإهتراء الذي بدأ يضرب الدولة، يبدو أنه بلغ مرحلة التحلُّل، وما رائحة النفايات المنبعثة سوى عاملٍ من عوامل هذا التحلّل.

يرتجف القلم في أيدينا حين يُقال إنَّ السلطة التنفيذية لن تكون قادرة إعتباراً من شهر أيلول على دفع رواتب للموظفين. فكيف بالمؤسسات والشركات الخاصة حيث تجد الشحّ بالنسبة إلى مدخولها وإيراداتها، ودولتها في حال إستنزاف. فشهر أيلول هو شهر الدفع والإستحقاقات، بدءًا من المدارس والجامعات وصولاً إلى آخر الإستحقاقات. فمَن يجرؤ على الكتابة عن رعب الإستحقاقات؟

وكما الكتابة في القرارات أو اللاقرارات، كذلك الكتابة في الأرقام، ومعظمها مرتبط بشؤون الناس وتسيير أمورهم، لكن هذه الأرقام مقيَّدة وأسيرة، إذا صحَّ التعبير.

أيها اللبنانيون، إستعدّوا للأعظم:

هناك أموال على شكل هبات عالقة في إنتظار مراسيم إبرامها وتبلغ قيمتها مئة مليون دولار.

هناك إتفاقات قروض ب 244 مليون دولار أي تبلغ ربع مليار دولار، كما أن هناك مبلغاً يصل إلى 400 مليون دولار وينتظر موافقة مجلس الوزراء.

وفي المحصِّلة فإنَّ هناك نحو ثلاثة أرباع مليار دولار تائهة لأنها لا تعرف كيفية الوصول إلى طاولة مجلس الوزراء!

أيها القيّمون الكبار، في بلد يحتاج إلى فلس الأرملة، يهدر مجلس الوزراء هذا الرقم الهائل، لأن هناك تعنُّتاً سياسيّاً ووزاريّاً، وهذا التعنُّت قد يؤدي إلى صعوبة إجراء إصدارات جديدة بقيمة 500 مليون دولار لتغطية إستحقاقات مقبلة لها علاقة برواتب وبفوائد ديون. تأسيساً على ما تقدَّم، هل هناك رعبٌ أكثر من هذا الرعب؟

كما أنَّ هناك أمراً يدعو إلى الأسف والأسى، وللسنة الثانية على التوالي، خريجو المدرسة الحربية من دون سيوف، والضباط من دون ترقيات، فهل هكذا تُحفظ معنويات الجيش اللبناني؟

إنَّ المؤسسة العسكرية تنتظر هذا اليوم أكثر من أيِّ يومٍ مضى، فهل هكذا تُكافأ؟

ماذا تقولون للضباط والعسكريين المنتشرين من عرسال إلى الشمال إلى بيروت والجنوب؟

هل تقولون لهم إنَّ الخلاف على الآلية أو المقاربة حرمهم سيوفهم؟