يبدو ان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي التي توقفت في أوائل التسعينات اقتبسها أطراف النزاع في «التيار الوطني الحر» خلال صراعهم على رئاسة الحزب الذي يتحضر لخوض معركة انتخابية في ايلول المقبل تنقله الى حالة المأسسة، لكن يبدو انها لن تبقى كذلك وسترتفع درجة سخونتها مع الإشارات التي أوحى بها الجنرال ميشال عون وهي تؤكد تمسكه بصهره الوزير جبران باسيل كمرشح وحيد لرئاسة الحزب.

وهنا تجدر الاشارة الى ان بين المرشحين ابن شقيقة الجنرال النائب الان عون الذي يعاني اليوم في هذا الانتخابات كما سبق وعانى اثناء الترشيحات النيابية عندما اوعز الجنرال لجميع الطامحين في مختلف الاقضية بضرورة العمل على الارض بين الناخبين على ان يختار المتقدمين في الاستفتاءات التي كلفها التيار القيام بها.

لكن في بعبدا بقيت هذه المعادلة عالقة، فكان الان عون الاول في جميع المراحل التي اجريت، لكن الرابية تركت مسألة ترشيحه عالقة فيما الاخرون تم اختيارهم وبقي القرار يتأرجح بينه وبين شكيب قرطباوي الى ان وقع الاختيار على آلان عون لان النتائج كانت واضحة وحاسمة واليوم يعيد التاريخ نفسه وتعيد المعاناة ذاتها حيث يخوض عون معركة يستطيع عبرها المنافسة والنجاح لكن الرابية لها الكلمة الوازنة خصوصاً ان المفاتيح النيابية والوزارية بين يديها.

وفي معلومات مؤكدة من مصادر «عونية» ان الجنرال ميشال عون طلب من القواعد العونية ان تعمل لصالح الوزير جبران باسيل، كما طلب من العاملين في تلفزيون الـ «او.تي.في» عدم استضافة اي قيادي من المعارضين له في التيار، وهو بات على قناعة تامة بفوز صهره في معركة رئاسة التيار.

ووفق مصادر مقربة من الرابية فانه تم تنبيه بعض النواب الذين اعترضوا على تزكية رئاسة الحزب لباسيل على ان كل من لا يريد السير به سيحرم من الترشح للانتخابات النيابية وهذا الامر دفع الجميع الى الخضوع، كما ان الاسباب التي تجعل حظوظ باسيل مرتفعة هي الجولات الانتخابية التي يقوم بها على هيئات المناطق بحكم توليه حقيبة وزارية، اضافة الى ان القواعد العونية قيل لها اما انتم مع الجنرال ام ضده الامر الذي دفع بهذه القواعد الى توجيه الاسئلة الى المعارضة حول موقفهم من الجنرال، لا سيما وان المعارضة ليس لديها مرشحا قوياً وهي تخوض معركة ضد الاقطاع بمحاربته باقطاعي آخر وهي محاربة صهر الجنرال بابن شقيقه، لهذه الامور لم يستطيعوا اقناع القواعد بمشروعهم الذي لا يستند الى اية اسس سياسية، بل هم مجرد اشخاص متضررون ويريدون حفظ امكنة لهم في الانتخابات النيابية المقبلة كونهم عزلوا في الانتخابات السابقة وهذا ما حصل مع القيادي انطوان نصر الله الذي ليس له مكان لا في المتن ولا في عاليه وكذلك بالنسبة لرمزي كنج فلا «حزب الله» سيعطيه مقعده او مقعد حركة «أمل» وكذلك الامر بالنسبة لزياد عبس في بيروت الذي ينشط على صعيد المعارضين حيث تحصل كل اجتماعات المعارضة في مكتبه ولكن دون امكانيات مادية ولا ماكينة انتخابية او جهاز اعلامي، بينما امانة سر التيار تعمل في العلن لايصال باسيل لرئاسة التيار يضاف الى ذلك ان تمرير مشروع تعديل النظام الداخلي بعد ان كانت الداخلية قد ردته اتت نتائجه سلبية على المعارضة ويبدو ان هناك قطبة مخفية على هذا الصعيد.

وتتابع المصادر «العونية» ان فوز باسيل برئاسة الحزب سيكون له تداعيات سيئة على التيار وقد تقدم الوزير السابق كريم بقرادوني باقتراح للجنرال عون يقضي بأن يترشح الاخير لرئاسة الحزب ويستقيل فيما بعد لصالح صهره لان فوز جبران حتى ولو كان مضمونا سيحدث شرخا في التيار، واللافت ايضاً ان الوزير باسيل قد تحسنت ارقامه في قضاء البترون وهذا الامر يجعل من النائب الان عون في المرتبة الثانية.

وتختم المصادر عينها ان المعضلة الاخرى التي تفرض على الجنرال عدم طرح اسم الوزير باسيل لرئاسة الحزب هي فشل ايصال صهره العميد شامل روكز الى قيادة الجيش وبالتالي فان الاخير سيعود في تشرين الى منزله وفي حال انتخب باسيل رئيساً للحزب، هل سيكون العميد مرؤوساً من العديل، وهذا الامر تراهن عليه المعارضة , لان العميد سيقوم بجمع مناصريه , وهذا الامر لن يستسيغه الوزير باسيل، وهنا تصبح المعارضة بيضة القبان في الصراع بين الصهرين.