ذكّرت مصادر سياسية في حديث لـ"الديار" بالفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد في السنوات الماضية في أكثر من محطّة، ورُمي خلالها الجيش بالسهام من كلّ حدبٍ وصوب لأنّه بدا عاجزًا عن وضع حدّ لها، في حين أنّ من كانوا يتهمونه علنًا بالتقصير كانوا يرفضون إعطاءه الغطاء المطلوب في الكواليس ليضرب بيدٍ من حديد، وهو ما تم فضحه عندما أعطت الحكومة الضوء الأخضر لهذا الجيش للدخول إلى المناطق التي كانت محرّمة عليه، فكانت النتيجة أن عمّ الاستقرار مناطق لم تكن تجرؤ على الحلم به حتّى.

وسألت المصادر عن كيفية "ترجمة" الدعم الكلامي والمعنوي للجيش، طالما أنّ سياسة إضعافه وتهميشه لا تزال مستمرّة من قبل البعض، ولعلّ دخول "الهبات" المقدّمة للجيش على خط "المزايدات السياسية" من هنا وهناك خير دليلٍ على ذلك، سواء لرفض فريق سياسي مثلاً الهبة الإيرانيّة انطلاقاً من اعتباراتٍ سياسية لا تخدم المصلحة العامة بطبيعة الحال، أو تنمير آخر على الهبة السعوديّة بوصفها مشروطة تارة وأكذوبة تارة أخرى، علمًا أنّ علامات استفهامٍ كثيرة تُثار حول هذه الهبة ومصيرها، بعدما سُلّمت الدفعة الأولى منها التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ولم يتمّ استكمالها لغاية تاريخه.

ورأت ان "أكثر ما بدا مستفزّا في هذه التهاني الجماعيّة، كان إجماع السياسيين على التحسّر على قدوم عيد الجيش للسنة الثانية على التوالي بغياب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أي رئيس الجمهورية، الذي يفترض أن يكون الراعي لهذه المؤسسة والحامي لها، وكأنّ هذه المفارقة مجرّد "قدَرٍ" خارجٍ عن إرادتنا، وعلينا تقبّله والتأقلم معه بالتي هي أحسن، بل إنّ البعض ذهب لحدّ اعتماد عبارات من قاموس "يعزّ عليّ"، و"يحزّ في نفسي". وسألت المصادر: "ألا يدري هؤلاء أنّ غياب رئيس الجمهورية ليس لا قدراً ولا قضاءً، وإنما جريمة منظّمة يتحمّلون هم ومن دون استثناء مسؤوليّتها؟ ألا يدرون أنّ الوضع الاستثنائي والشاذ الذي تعيشه البلاد هو نتيجة تراكم السياسات الخاطئة التي اشتركوا جميعًا أيضًا في صياغتها؟ ألا يدرون أنّهم جميعًا من يعطّلون انتخاب رئيس الجمهورية، سواء منهم من يعطّل نصاب الجلسات النيابية المفترضة، أو من يضعون العصيّ في الدواليب عبر سلاح "الفيتو" على الرئيس القويّ، وسواه من الأسلحة التي يسعون من خلالها لتهميش الرئاسة وإفراغها من مضمونها؟".